للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذَلِكَ وَأَشَارَ الْمَشَذَّالِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْعَبْدَيْنِ الْآتِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَيَكُونُ كَلَامُهُ مُوَافِقًا لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَجَزَمَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَنَصُّ كَلَامِ الْمَشَذَّالِيِّ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا الْمَسْأَلَةَ قُلْت وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ، وَغَيْرُهُ، وَزَعَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَغَارِبَةِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي جَهْلِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَقُومَانِ مِنْ مَوَاضِعَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْهَا هَذِهِ وَمَسْأَلَةُ الصُّبْرَةِ اهـ.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَوَاضِعُ مُتَعَدِّدَةٌ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ، وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ، وَفِي كِتَابِ الْغَرَرِ، وَفِي السَّلَمِ. الثَّالِثُ: نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِهِ، وَأَشَارَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إلَى حَمْلِهَا كُلِّهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيهٌ شِرَاءِ الْغَائِبِ]

(تَنْبِيهٌ) قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شِرَاءِ الْغَائِبِ بِأَنَّهُ إذَا انْعَقَدَ عَلَى الْإِلْزَامِ، وَسَكَتَا عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِي يَجْهَلُ الْمَبِيعَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ وَقَّعَا فِي الْوَثِيقَةِ وَعَرَفَا الثَّمَنَ وَالْمَثْمُونَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْجَهْلَ]

(فَرْعٌ) : إذَا وَقَعَا فِي الْوَثِيقَةِ، وَعَرَفَا الثَّمَنَ، وَالْمَثْمُونَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْجَهْلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيَامٌ وَلَا يَمِينٌ فَإِنْ سَقَطَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمْ يُصَدَّقْ أَيْضًا مُدَّعِي الْجَهْلِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عِلْمَ صَاحِبِهِ بِجَهْلِهِ عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُ فَتَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ إنَّهُ مَا عَلِمَ بِجَهْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ حَلَفَ لَقَدْ جَهِلَ مَا بَاعَهُ أَوْ ابْتَاعَهُ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ عَلَى صَاحِبِهِ بِجَهْلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ يَمِينٌ نَقَلَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَابْنُ سَلْمُونٍ.

وَقَالَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ: سُئِلَ عَمَّنْ بَاعَ أَمْلَاكَهُ، وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا قَطُّ، وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَعْرِفُ قَدْرَهَا، وَكُلُّ مَنْ فِي الْمَوْضِعِ يَشْهَدُ بِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا قَطُّ، وَلَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا، وَلَا مَبْلَغَهَا، وَلَا يَحُوزُهَا قَبْلَ الِابْتِيَاعِ وَلَا بَعْدَهُ فَقَالَ: إذَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى دَعْوَاهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ قِيَامٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْمُبْتَاعَ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَيَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ اهـ. فَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِجَهْلِهِ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَثِيقَةِ أَنَّهُ عَرَفَ ذَلِكَ خِلَافَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ أَوْ يُقَالُ إنَّمَا وُجِّهَ الْيَمِينُ عَلَيْهِ مَعَ انْعِقَادِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الْوَثِيقَةِ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ دَعْوَى خَصْمِهِ، وَهِيَ شَهَادَةُ كُلِّ مَنْ فِي الْمَوْضِعِ أَنَّهُ مَا رَآهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: فِي الْبَابِ الثَّامِنِ، وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي الْمُتَبَايِعَانِ مَحْمُولَانِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ حَتَّى يَثْبُتَ الْجَهْلُ، وَعَلَى جَوَازِ الْأَمْنِ حَتَّى يَثْبُتَ السَّفَهُ وَعَلَى الرِّضَا حَتَّى يَثْبُتَ الْإِكْرَاهُ وَعَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يَثْبُتَ السَّقَمُ وَعَلَى الْمَلَا حَتَّى يَثْبُتَ الْفَقْرُ وَعَلَى الْحُرِّيَّةِ حَتَّى يَثْبُتَ الرِّقُّ وَعَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى يَثْبُتَ الْكُفْرُ وَعَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى تَثْبُتَ الْجُرْحَةُ وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَالْغَائِبُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَيَاةِ حَتَّى يَثْبُتَ الْمَوْتُ قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْعَدَالَةِ فَالْمَشْهُورُ الثَّانِي، وَقَالَ قَبْلَهُ: النَّاسُ فِيمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِمْ مَحْمُولُونَ عَلَى الْجَهْلِ حَتَّى يَثْبُتَ الْعِلْمُ، وَعَلَى الْعُدْمِ حَتَّى يَثْبُتَ الْمَالُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ، وَقَالَ: وَالْعَمَلُ عِنْدَ الْحُكَّامِ إنَّ مُدَّعِيَ الْعُدْمِ عَلَيْهِ الْإِثْبَاتُ، وَهُوَ أَصَحُّ.

[فَرْعٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ بَيْنَ يَدَيْهِ كُلُّ عِشْرِينَ بِدِينَارٍ فَلَمَّا نَقَدَهُ الدَّنَانِيرَ قَالَ لَا أَرْضَاهَا]

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ بَيْنَ يَدَيْهِ كُلُّ عِشْرِينَ بِدِينَارٍ فَلَمَّا نَقَدَهُ الدَّنَانِيرَ قَالَ: لَا أَرْضَاهَا فَلَهُ نَقْدُ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ فِي الدَّنَانِيرِ مُخْتَلِفًا فَلَا صَرْفَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يُسَمِّيَا الدَّنَانِيرَ انْتَهَى. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إذَا صَرَفَ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ أَوْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِدَنَانِيرَ وَالدَّنَانِيرُ الَّتِي يُتَصَرَّفُ بِهَا فِي الْبَلَدِ بَيْنَ النَّاسِ مُخْتَلِفَةُ السِّكَكِ كَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ فِيمَا يُبَاعُ بِهِ ذَلِكَ أَوْ الْغَالِبُ فِيمَا يَتَصَرَّفُونَ بِهِ مِنْهَا وَغَيْرُهُ نَادِرٌ قَلِيلٌ فَيَجُوزُ وَيُحْمَلَانِ عَلَى الْغَالِبِ انْتَهَى.

وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فَمَا تَعَدَّدَتْ السِّكَكُ، وَكَانَ الْغَالِبُ أَحَدُهُمَا قَوْلَيْنِ قَالَ: وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْأَكْرِيَةِ الْجَوَازُ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ اهـ.

وَنَصُّ مَا فِي أَكَرِيَةِ الدُّورِ مِنْهَا، وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا بِدَنَانِيرَ، وَلَمْ يَصِفْهَا، وَالنَّقْدُ مُخْتَلِفٌ فَإِنْ عَرَفَ لِنَقْدِ الْكِرَاءِ سِكَّةً قَضَى بِهَا، وَإِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>