للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَأْمُومَ إذَا سَهَا عَنْ الرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى فَاتَهُ أَوْ غَفَلَ عَنْهُ أَوْ نَعَسَ أَوْ زُوحِمَ أَوْ اشْتَغَلَ بِحِلِّ إزَارِهِ أَوْ رَبْطِهِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ تِلْكَ الرَّكْعَةَ فَاتَتْهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ أُولَى أَوْ غَيْرَ أُولَى سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ جُمُعَةً أَوْ لَا.

الثَّانِي: لَا تَفُوتُهُ مُطْلَقًا.

الثَّالِثُ: تَفُوتُهُ إنْ كَانَتْ أُولَى، وَلَا تَفُوتُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى، وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

الرَّابِعُ: تَفُوتُهُ إنْ كَانَتْ جُمُعَةً، وَلَا تَفُوتُهُ عَلَى غَيْرِ الْجُمُعَةِ، وَلَا تَفْرِيعَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ فِيمَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى، وَعَلَى الرَّابِعِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ إذَا قُلْنَا: يَتَّبِعُ الْإِمَامَ فَاخْتُلِفَ إلَى أَيِّ حَدٍّ يَتَّبِعُهُ فَقِيلَ مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِ الرَّكْعَةِ، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَعْقِدْ الثَّانِيَةَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ السَّجْدَتَانِ أَوْ الْأُولَى فَقَطْ؟ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ: الْأَوَّلُ، وَإِذَا قُلْنَا: مَا لَمْ يَعْقِدْ الثَّانِيَةَ فَهَلْ الْعَقْدُ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ أَوْ بِالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ؟ قَوْلَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي عَقْدِ الرَّكْعَةِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَسَوَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ أَوْ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ إذَا كَانَ لَوْلَا مَا اعْتَرَاهُ مِنْ الْغَفْلَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا لَأَدْرَكَ مَعَهُ الرُّكُوعَ وَأَمَّا لَوْ كَبَّرَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ الْإِمَامُ، فَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ، فَقَدْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ، وَلَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَرْكَعَ وَيَتَّبِعُهُ قَوْلًا وَاحِدًا انْتَهَى مِنْ التَّوْضِيحِ مُخْتَصَرًا مِنْ آخِرِ فَصْلِ السَّهْوِ، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ الْمَأْمُومُ تَرْكَ الرُّكُوعِ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يُجْزِهِ قَوْلًا وَاحِدًا.

(تَنْبِيهٌ) وَالْمُرَادُ بِالْأُولَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَأْمُومِ لَا إلَى الْإِمَامِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) : وَاخْتُلِفَ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَزْحُومِ وَالنَّاعِسِ وَالْغَافِلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الزِّحَامِ بِالْقَوْلِ الثَّانِي وَفِيمَا سِوَاهُ بِالْقَوْلِ الثَّالِثِ وَأَخَذَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ، وَبِالثَّانِي إذَا أَحْرَمَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ الْإِمَامُ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ شَرْطُ الرَّكْعَةِ الْمَانِعَةِ تَلَافِيهِ إمْكَانُهُ فِعْلَهَا فَلَوْ نَعَسَ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ ثَانِيَةً تَلَافَى الْأُولَى انْتَهَى، وَلَفْظُ الْمَازِرِيِّ وَمِنْ شَرْطِ الرَّكْعَةِ الْحَائِلَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مُتَمَكِّنًا مِنْ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ تَصِحُّ مُخَاطَبَتُهُ بِذَلِكَ فَأَمَّا لَوْ نَعَسَ عَنْ رُكُوعِ الْإِمَامِ وَتَمَادَى نُعَاسُهُ إلَى أَنْ عَقَدَ رَكْعَةً أُخْرَى فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ إصْلَاحِ أَوَّلِ مَا نَعَسَ فِيهِ مِنْ الرَّكَعَاتِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ حَالَ نُعَاسِهِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِيهَا انْتَهَى وَلَفْظُ اللَّخْمِيِّ: وَمَنْ نَعَسَ خَلْفَ الْإِمَامِ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ وَانْقَضَتْ صَلَاتُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الَّتِي نَعَسَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ الْإِمَامُ، وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إصْلَاحِهَا انْتَهَى

[تَنْبِيه يَقْعُدُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَيَنْعَسُ]

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي رَسْمٍ شَكَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ (وَسُئِلَ) مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَقْعُدُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَيَنْعَسُ فَلَا يَنْتَبِهُ إلَّا بِقِيَامِ النَّاسِ أَيَقُومُ أَمْ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يَقُومُ قَالَ: بَلْ يَقُومُ، وَلَا يَقْعُدُ لِلتَّشَهُّدِ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا كَمَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ قَدْ فَاتَ بِنُعَاسِهِ وَذَهَبَ مَوْضِعُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ إذَا قَامَ الْإِمَامُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا» ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَحْمِلُهُ عَنْهُ الْإِمَامُ، وَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ النَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي رَسْمٍ: لَهُ أُمُّ وَلَدٍ فَحَاضَتْ مِنْ السَّمَاعِ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ، وَهُوَ مَعَهُ قَالَ: يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، وَلَا يَدْعُو بَعْدَ التَّشَهُّدِ ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ، وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَشَهَّدَ قَبْلَ سَلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ حَتَّى يُسَلِّمَ هُوَ انْتَهَى، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ إمَامُهُ، وَقَدْ تَشَهَّدَ لَمْ يُطْلَبْ فِيهِ الدُّعَاءُ، وَيُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ إيَّاهُ قَبْلَ سَلَامِهِ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ تَارِكِ السُّنَنِ مُتَعَمِّدًا، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ التَّشَهُّدَ حَتَّى سَلَّمَ هُوَ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَال: عَلَيْهِ السُّجُودُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَهُ، وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ فِعْلَهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَال: يَحْمِلُهُ عَنْهُ الْإِمَامُ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي بَابِ حُكْمِ التَّشَهُّدِ وَالْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>