للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ الْفَاسِقِ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ: قَبَضْت (فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: قَالَ ابْنُ زَرْبٍ: إذَا وَقَعَ التَّوْكِيلُ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَصَرَّحَ الْمُوَكِّلُ فِي التَّوْكِيلِ بِاسْمِ الْحَاكِمِ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّكَلُّمُ عِنْدَ حَاكِمٍ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ مُجْمَلًا، فَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ حَيْثُ شَاءَ انْتَهَى.

[فَرْعٌ عَزْل الْوَكِيل]

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَمَنْ عَزَلَ وَكِيلَهُ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يَتَوَكَّلَ لِخَصْمِهِ فَأَبَى الْأَوَّلُ لِمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ عَوْرَاتِهِ وَوُجُوهِ خُصُومَاتِهِ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ، وَيَتَوَكَّلُ لَهُ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ انْتَهَى. زَادَ فِي شَرْحِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَعَدُوِّهِ وَلَا يُوَكَّلُ عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَلَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ عَلَى الْمُتَّهَمِ يَدَّعِي الْبَاطِلَ وَلَا الْمُجَادَلَةَ عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ: فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: ١٠٥] إنَّ النِّيَابَةَ عَنْ الْمُبْطِلِ الْمُتَّهَمِ فِي الْخُصُومَةِ لَا تَجُوزُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٠٦] انْتَهَى. وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَيَنْبَغِي لِلْوَكِيلِ عَلَى الْخُصُومَةِ أَنْ يَتَحَفَّظَ بِدِينِهِ وَأَنْ لَا يَتَوَكَّلَ إلَّا فِي مَطْلَبٍ يَقْبَلُ فِيهِ يَقِينُهُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ فِيهِ عَلَى حَقٍّ فَقَدْ جَاءَ فِي جَامِعِ السُّنَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ وَمَنْ تَوَكَّلَ فِي خُصُومَةٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهَا لَمْ يَزَلْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ وَكَّلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ عَلَى الْخُصُومَةِ وَقَالَ إنَّ لِلْخُصُومَةِ قَحْمًا يَعْنِي اقْتِحَامَ الْمَهَالِكِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِمَا لَا يَصْلُحُ عِنْدَ شِدَّةِ الْخِصَامِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ الْخُصُومَاتِ لِذِي الْهَيْئَاتِ]

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَكَرِهَ مَالِكٌ لِذِي الْهَيْئَاتِ الْخُصُومَاتِ قَالَ مَالِكٌ: كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ الْخُصُومَةَ وَيَتَنَزَّهُ عَنْهَا وَكَانَ إذَا نَازَعَهُ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ قَالَ لَهُ: إنْ كَانَ هَذَا الشَّيْءُ لِي فَهُوَ لَكَ وَإِنْ كَانَ لَك فَلَا تَحْمَدْنِي عَلَيْهِ قَالَ: وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ شَيْءٌ لَمْ يُخَاصِمْهُ وَكَانَ يَقُولُ الْمَوْعِدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ عَلِمَ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحَاسَبُ فِيهِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَيَعْلَمُ أَنَّ النَّاسَ يُوَفَّوْنَ حُقُوقَهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلْيَطِبْ بِذَلِكَ نَفْسًا فَإِنَّ الْأَمْرَ أَسْرَعُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا بَيْنَك وَبَيْنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إلَّا خُرُوجَ رُوحِكَ حَتَّى تَنْسَى ذَلِكَ كُلَّهُ حَتَّى كَأَنَّك مَا كُنْتَ فِيهِ وَلَا عَرَفْتُهُ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْمُخَاصِمُ رَجُلُ سُوءٍ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كَفَى بِك ظَالِمًا أَنْ لَا تَزَالَ مُخَاصِمًا وَقَالَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ» انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: قَالَ فِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ: وَلَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَكِّلَ أَبَاهُ لِيَطْلُبَ لَهُ حَقَّهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِهَانَةٌ بِالْأَبِ

ص (لَا إنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ كَثَلَاثٍ إلَّا لِعُذْرٍ وَحِلْفٍ فِي كَسَفَرٍ)

ش: قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَإِذَا خَاصَمَ الرَّجُلَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَاعَدَ خَصْمَهُ أَيْضًا ثَلَاثَ مَجَالِسَ وَانْعَقَدَتْ الْمَقَالَاتُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُوَكِّلَ خَصْمًا يَتَوَكَّلُ عَنْهُ إذَا مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَمْرَضَ أَوْ يُسَافِرَ سَفَرًا وَيَعْرِفَ ذَلِكَ، وَلَا يُمْنَعُ الْخَصْمَانِ مِنْ السَّفَرِ، وَلَا مَنْ أَرَادَهُ مِنْهُمَا، وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عِنْدَ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَتَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا اسْتَعْمَلَ السَّفَرَ لِيُوَكِّلَ غَيْرَهُ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يُبَحْ لَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ خَصْمُهُ ذَلِكَ وَقَالَ ابْن الْفَخَّارِ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يُوَكِّلَ إذَا شَاتَمَهُ خَصْمُهُ، وَأَحْرَجَهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يُخَاصِمَهُ بِنَفْسِهِ قَالَ ابْن الْفَخَّار: فَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُخَاصِمَهُ دُونَ عُذْرٍ يُوجِبُ الْيَمِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ انْتَهَى كَلَامُهُ بِلَفْظِهِ، وَهُوَ حَاوٍ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فِي مَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ لِلسَّفَرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ.

قُلْت الْأَظْهَرُ أَنَّهَا كَأَيْمَانِ التُّهَمِ وَقَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ: قُلْت فِي عَطْفِ شَاتَمَهُ عَلَى أَحْرَجَهُ بِالْوَاوِ أَوْ بِأَوْ اخْتِلَافُ نُسَخٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>