للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الثَّانِي إخْرَاجُ الْعَرَضِ وَالطَّعَامِ عَنْ الْوَرَقِ أَوْ الذَّهَبِ فِي الزَّكَاةِ]

الثَّانِي) لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْعَرَضِ وَالطَّعَامِ عَنْ الْوَرَقِ أَوْ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا ابْتِدَاءً فَلَوْ أَخْرَجَ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا رَجَعَ عَلَى الْفَقِيرِ بِهِ وَدَفَعَ لَهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ فَاتَ فِي يَدِ الْفَقِيرِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ إذَا أَعْلَمَهُ أَنَّهُ مِنْ زَكَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ لَمْ يَرْجِعْ مُطْلَقًا فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ قَالَهُ مَالِكٌ، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ يُونُسَ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا يُخْرِجُ غَيْرَهُمَا عَنْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ وَقَعَ فَالْمَشْهُورُ لَا يُجْزِئُ ابْنُ حَارِثٍ، قَالَهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ أَعْطَى عَرَضًا أَجْزَأَهُ، انْتَهَى. وَأَعَادَهُ فِي بَابِ الْمَصْرِفِ بِلَفْظِهِ وَفِي إجْزَاءِ عَرَضٍ عَنْ عَيْنٍ كَقِيمَتِهِ نَقَلَا ابْنُ حَارِثٍ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ.

[الثَّالِث وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فَاشْتَرَى بِهَا ثِيَابًا أَوْ طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ]

(الثَّالِثُ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَسُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فَاشْتَرَى بِهَا ثِيَابًا أَوْ طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُجْزِئُهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُجْزِئُهُ قُلْت: أَجْزَأَهَا عَلِيٌّ لَوْ أَخْرَجَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدَهُ لِأَنَّ يَدَ وَكِيلِهِ كَيَدِهِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ - فِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لِلْفُقَرَاءِ - جَوَازَهُ بَلْ هُوَ مُحْسِنٌ

ص (لَا كَسْرُ مَسْكُوكٍ)

ش: إنَّمَا لَمْ يَجُزْ كَسْرُ الْمَسْكُوكِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ كَامِلًا أَوْ رُبَاعِيًّا، أَمَّا الْكَامِلُ فَبِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا الرُّبَاعِيُّ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَكَأَنَّهُ رَجَّحَ الْمَنْعَ فِي تَوْضِيحِهِ وَاحْتَرَزَ بِالْمَسْكُوكِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ: لَهُ إخْرَاجُ زَكَاةِ حُلِيِّ التَّجْرِ مِنْهُ ابْنُ رُشْدٍ لَا كَرَاهَةَ فِي قَطْعِهِ قُلْت إنْ كَانَ فِيهِ فَسَادٌ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَوَجَبَ نِيَّتُهَا)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ أَنْ يَنْوِيَهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا يُعْطَى وَقْتَ الدِّرَاسِ أَوْ الْجِذَاذِ لِبَعْضِ الْمُسْتَحَقِّينَ.

[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَغَيْرِ إذْنِهِ]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) لَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ عَنْهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَغَيْرِ إذْنِهِ، فَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفِرْقِ الْحَادِي وَالسَّبْعِينَ وَالْمِائَةِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُجْزِئُ فِيهِ فِعْلُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ عَنْهُ، وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُجْزِئُ فِيهِ فِعْلُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ عَنْهُ: اعْلَمْ أَنَّ الْأَفْعَالَ الْمَأْمُورَ بِهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى صِحَّةِ فِعْلِ غَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ عَنْ الْمَأْمُورِ كَدَفْعِ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَدَفْعِ النَّفَقَاتِ لِلزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالدَّوَابِّ، وَقِسْمٌ اُتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ فِعْلِ غَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالتَّوْحِيدُ وَالْإِجْلَالُ وَالتَّعْظِيمُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ، هَلْ يُجْزِئُ فِعْلُ غَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ عَنْ الْمَأْمُورِ وَيَسُدُّ الْمَسَدَّ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الزَّكَاةُ فَإِنْ أَخْرَجَهَا أَحَدٌ بِغَيْرِ عِلْمِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ وَغَيْرِ إذْنِهِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْإِمَامِ فَمُقْتَضَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي الْأُضْحِيَّةِ يَذْبَحُهَا غَيْرُ رَبِّهَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَإِذْنِهِ إنْ كَانَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ صَدِيقَهُ، وَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ نَفْسِهِ عِنْدَهُ لِتَمَكُّنِ الصَّدَاقَةِ بَيْنَهُمَا أَجْزَأَتْ الْأُضْحِيَّةُ إنْ كَانَ مُخْرِجُ الزَّكَاةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنَّ الزَّكَاةَ مُجْزِئَةٌ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا عِبَادَةٌ مَأْمُورٌ بِهَا تَفْتَقِرُ لِلنِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لَا تُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا لِافْتِقَارِهَا لِلنِّيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِأَجْلِ شَائِبَةِ الْعِبَادَةِ

وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِيهَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْزِئَ فِعْلُ الْغَيْرِ مُطْلَقًا كَالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْقِسْمِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ - أَعْنِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ - قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَاسَهُ عَلَى الدُّيُون، وَاسْتَدَلَّ بِأَخْذِ الْإِمَامِ لَهَا كُرْهًا عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَبِاشْتِرَاطِهَا، قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ التَّعَبُّدِ مِنْ جِهَةِ مَقَادِيرِهَا فِي نُصُبِهَا وَالْوَاجِبِ فِيهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَلَا يُقَالُ فِي كَلَامِ الْقَرَافِيِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْأُضْحِيَّةِ وَالزَّكَاةِ: إنَّ الْأُضْحِيَّةَ تَعَيَّنَتْ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ إلَّا بِالذَّبْحِ وَالنَّذْرِ فَتَأَمَّلْهُ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ لَمَّا إنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْأَشْيَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>