الثَّانِيَ أَنَّهُ يُفْسَخُ لِوُجُودِ الطَّوْلِ وَمَا تَقَدَّمَ لِلَّخْمِيِّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ إذَا خَلَا عَنْ الشَّرْطَيْنِ يُفْسَخُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِمَّا يَشْهَدُ لِفَسْخِ نِكَاحِ الْأَمَةِ إذَا عَرَا عَنْ الشَّرْطَيْنِ اخْتِلَافُهُمْ فِي فَسْخِهِ إذَا طَرَأَ الطَّوْلُ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ بِالشَّرْطَيْنِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نَاقِلًا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي إلْزَامِهِ فِرَاقَ الْأَمَةِ ثَالِثُهَا إنْ تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ وَقَالَ عَنْهُ أَيْضًا وَلَوْ زَالَ خَوْفُ الْعَنَتِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْفِرَاقُ اتِّفَاقًا وَقَالَ فِي الْكَافِي فَإِنْ عَدِمَ الطَّوْلَ وَلَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ لَمْ يَجُزْ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ يَتَزَوَّجُ أَمَةً وَهُوَ مِمَّنْ يَجِدُ الطَّوْلَ فَقَالَ أَرَى أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ: إنَّهُ يَخَافُ الْعَنَتَ فَقَالَ: السَّوْطُ يُضْرَبُ بِهِ، ثُمَّ خَفَّفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يُفْسَخُ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْفَسْخَ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ فِيهِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَالرَّجْرَاجِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.
(الثَّانِي) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ النِّكَاحِ فِي تَرْجَمَةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الشَّرْطَيْنِ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ وَبَيَانِ الطَّوْلِ مَا هُوَ.
قَالَ مَا نَصُّهُ نَاقِلًا لَهُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَإِنْ كَانَ يَجِدُ طَوْلًا إلَى آخِرِهِ أَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ فَهَوَى أَمَةً حَتَّى يَخَافَ الْعَنَتَ فِيهَا فَلَهُ نِكَاحُهَا بِعَيْنِهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ اهـ.، وَقَالَ قَبْلَهُ قَالَ أَصْبَغُ: وَإِنَّمَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ يَعْنِي الْأَمَةَ وَتُخَيَّرُ الْحُرَّةُ إذَا كَانَ فِيهِ الشَّرْطَانِ أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ وَلَا تَكْفِيهِ الْحُرَّةُ وَلَا يَجِدُ طَوْلًا مَعَ تِلْكَ الْحُرَّةِ، أَوْ يَهْوَى الْأَمَةَ وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا اهـ. وَانْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ اسْتَوْفَى الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ.
(فَرْعٌ) فَإِذَا صَحَّ نِكَاحُ الْحُرِّ الْأَمَةَ فَنَفَقَةُ الْأَمَةِ لَازِمَةٌ لِلزَّوْجِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ مُطْلَقًا عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. وَانْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ أَشْبَعَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ.
[فَرْعٌ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَ سَيِّدُ الْأَمَةِ وَلَدَهُ مِنْهَا]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي آخِرِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الرَّضَاعِ وَسُئِلَ عَمَّنْ تَزَوَّجَ أَمَةً، ثُمَّ أَعْتَقَ سَيِّدُ الْأَمَةِ وَلَدَهُ مِنْهَا قَالَ: أَرَى الرَّضَاعَ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ الْهَاءُ مِنْ عَلَيْهِ عَائِدَةٌ عَلَى الرَّجُلِ أَبِي الْمُعْتَقِ لَا عَلَى السَّيِّدِ الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا أَعْتَقَهُ صَارَ حُرًّا فَسَقَطَتْ عَنْهُ نَفَقَتُهُ وَوَجَبَتْ عَلَى أَبِيهِ وَلَوْ كَانَ أَبُوهُ مُعْدِمًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ لَمَا سَقَطَ عَنْهُ رَضَاعُهُ وَنَفَقَتُهُ فِي حَالِ صِغَرِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَعْتَقَ صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ اهـ.
زَادَ فِي رَسْمِ بَاعَ غُلَامًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَعْتَقَهُ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ نَفَقَتَهُ اهـ.، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْأَنْكِحَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ صَغِيرًا فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مَا دَامَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو حَفْصٍ الْعَطَّارُ اهـ. وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا، ثُمَّ قَالَ وَانْظُرْ أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ صَغِيرٍ هَلْ يَلْزَمُ الْمُوصِيَ نَفَقَتُهُ أَمْ لَا وَنَزَلَتْ هَذِهِ فِي زَمَنِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُدَبَّرَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ فِيهَا نَصٌّ بَعْدَ الْبَحْثِ مِنْهُ وَتَوَقَّفَ عَلَى إيجَابِ نَفَقَتِهَا فِي ثُلُثِ مُدَبِّرِهَا وَوَقَعَتْ فِي عَصْرِنَا فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ صَغِيرًا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ فَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنْ يُوقَفَ مِنْ تَرِكَةِ مُعْتَقِهِ مَا يُنْفِقُهُ إلَى بُلُوغِهِ وَأَشُكُّ أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ بِذَلِكَ وَكَانَ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي تَرِكَتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْجُعَلِ فِي الَّذِي مَاتَ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ نَفَقَةَ وَلَدِهِ أَنَّهُ يَسْتَرْجِعُهَا الْوَرَثَةُ وَلَا يَلْزَمُ بَعْدَ مَوْتِهِ نَفَقَةٌ وَمَا وَجَبَ بِالسُّنَّةِ أَقْوَى مِمَّا وَجَبَ بِالِاقْتِرَابِ، وَفِي الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ تَشْهَدُ لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا يَلْزَمُ رَدُّ هَذَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا أَوْجَبَ النَّفَقَةَ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَإِذَا مَاتَ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَهَذَا لَمَّا الْتَزَمَ الْعِتْقَ الْتَزَمَ لَوَازِمَهُ فَيَجْرِي عَلَى قَاعِدَةِ مَا لَا يُتَوَصَّلُ لِلْوَاجِبِ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَهُوَ مَقْدُورُ الْمُكَلَّفِ كَغَسْلِ شَيْءٍ مِنْ الرَّأْسِ لَكِنَّ هَذَا مَشْرُوطٌ بِالْحِيَازَةِ؛ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُتَبَرَّعُ بِهِ شَرْطُهُ الْحِيَازَةُ مِنْ الصِّحَّةِ وَلَيْسَ الْمَرَضُ وَالْمَوْتُ وَالْفَلَسُ بِزَمَانِ حِيَازَةٍ فَلِذَلِكَ اخْتَرْنَا