لِلْمُتَصَدِّقِ غَرِمَهُ لَلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَرَجَعَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ، قَالَهُ فِي رَسْمِ الْعُشُورِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ.
[فَرْعٌ وَهَبَ دَيْنًا وَلَهُ عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ]
(فَرْعٌ) فَإِنْ وَهَبَ دَيْنًا وَلَهُ عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَهَلْ يَحْلِفُ رَبُّ الدَّيْنِ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ، قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فِي الشُّفْعَةِ لَوْ وَهَبَ لَهُ دَيْنًا وَلَهُ بِهِ شَاهِدٌ حَلَفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مَعَ شَاهِدِ الْوَاهِبِ وَاسْتَحَقَّ الدَّيْنَ وَتَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ مَسْأَلَةُ، الْمَرْأَةِ تَهَبُ كَالِئَهَا بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا مَعَ مَا يُنَاسِبُهَا، انْتَهَى.
وَيُشِيرُ لِمَا قَالَهُ فِي كِتَابِ السَّلَمِ الثَّالِثِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ابْتَعْت طَعَامًا فَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى أَسْلَفْته وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا مَا قَالُوهُ فِيمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ أَنْكَرَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَجِدْ الْمُشْتَرِي عَلَى الشِّرَاءِ إلَّا شَاهِدًا وَاحِدًا وَكَانَ قَدْ تَصَدَّقَ بِمَا اشْتَرَاهُ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا أَحْلِفُ وَيَأْخُذُ غَيْرِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ وَذَلِكَ خِلَافُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الطِّرَازِ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ فِي امْرَأَةٍ تَصَدَّقَتْ بِكَالِئٍ صَدَاقِهَا وَقَدْ أَثْبَتَتْهُ عَلَى زَوْجِهَا الْمَيِّتِ، قَالَ: لَا يَقْبِضُهُ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهُ وَلَا وَهَبَتْهُ وَلَا أَحَالَتْ بِهِ وَلَا تَصَدَّقَتْ بِهِ خَوْفًا أَنْ تَكُونَ إنَّمَا فَعَلَتْ لِتَدْفَعَ الْيَمِينَ عَنْهَا وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ: رَأَيْت مُعَلِّقًا عَلَى فَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ فِي الْهِبَةِ يَحْلِفُ الْوَاهِبُ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَاتٍ إذَا وَهَبَ الدَّيْنَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ مِنْ الْحَلِفِ، انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ هُوَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً فِي دَارٍ أَنَّهَا لِأَبِيهِ وَقَدْ تَرَكَ أَبُوهُ وَرَثَةً سِوَاهُ، الشَّيْخُ. نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شَيْئًا وَلَمْ يُقِمْ عَلَى الشِّرَاءِ إلَّا شَاهِدًا وَاحِدًا وَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ ثُمَّ قَامَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْيَمِينَ هُنَا عَلَى الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقُولُ لَا أَحْلِفُ وَيَنْتَفِعُ غَيْرِي وَهَذَا يَظْهَرُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْغُرَمَاءِ، انْتَهَى. وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَهُ ثُمَّ قَامَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَهَلْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَانْظُرْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ)
ش: يُرِيدُ قَبْضَهُ فَأَحْرَى إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ بِفَكِّهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ يُعَجَّلُ)
ش: أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ بِإِمْضَاءِ الْهِبَةِ بَعْدَ قَبْضِ الرَّهْنِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِفَكِّهِ إلَى آخِرِهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَاهِبُ يَجْهَلُ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ أَمْ لَا وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: نَصَّ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ شَاسٍ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَعْجِيلِ الدَّيْنِ اتِّفَاقًا، انْتَهَى.
ص (بِصِيغَةٍ أَوْ مُفْهِمِهَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute