للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَبِقَوْلِ أَصْبَغَ قَطَعَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَهُوَ الثَّالِثُ لِرَبِيعَةَ، وَنَصُّهُ: قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَمَّا الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ فَلَا تَحِلُّ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا لِبَنِي هَاشِمٍ وَلَا لِمَوَالِيهِمْ، لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ: إنَّ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ، وَهَذَا خِلَافُ الثَّابِتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَنَا» ، وَإِنَّ مَوَالِيَ الْقَوْمِ مِنْهُمْ، انْتَهَى. فَهَذَا مِنْ إجْمَاعَاتِهِ، وَقَدْ حَذَّرُوا مِنْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَقَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ)

ش: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ لِيَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ الَّذِي لَهُ صَنْعَةٌ غَيْرُ كَاسِدَةٍ، وَأَمَّا الْعَاجِزُ وَمَنْ لَا صَنْعَةَ لَهُ، أَوْ لَهُ صَنْعَةٌ وَكَسَدَتْ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْقَوْلَيْنِ، كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ

ص (وَمَالِكُ النِّصَابِ)

ش: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ لَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ وَلَا فَضْلَ فِي ثَمَنِهِمَا مِمَّنْ سِوَاهُمَا أُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا فَضْلٌ لَمْ يُعْطَ وَيُعْطَى مِنْهَا مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، إنْ كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ لِكَثْرَةِ عِيَالٍ أَوْ نَحْوِهِ أَبُو الْحَسَنِ، قَوْلُهُ " فِيهِمَا فَضْلٌ " يُرِيدُ فَضْلًا يُغْنِيهِ لَوْ بَاعَهُمَا وَاشْتَرَى غَيْرَهُمَا، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: إنْ كَانَ يَفْضُلُ مِنْ ثَمَنِهِمَا عِشْرُونَ دِينَارًا لَمْ يُعْطَ، انْتَهَى، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ مَالِكَ النِّصَابِ لَا يُعْطَى أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ جَعَلَهُ هُنَا إنْ كَانَ لَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَفِي الْأَيْمَانِ مَنْ لَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ حَقٌّ عَلَيْهِ وَأَخْذَ الزَّكَاةِ حَقٌّ لَهُ وَالْغِنَى الْمَرَاعِي الْعَيْنُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ أَوْ فَضْلَةُ بَيْتِهِ عَلَى الْقُنْيَةِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ لَا فَضْلَةَ فِيهِمَا، أَوْ كَانَ فِيهِمَا فَضْلَةٌ يَسِيرَةٌ أُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَ فَضْلَةٌ بَيِّنَةٌ لَمْ يُعْطَ انْتَهَى، وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْهِبَاتِ، قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مَنْ لَهُ الْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَثْرَةُ الثَّمَنِ فِيهِ فَضْلٌ، انْتَهَى. وَفِي ابْنِ يُونُسَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى مِنْهَا مَنْ لَهُ الدَّارُ وَالْخَادِمُ وَالْفَرَسُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ هَذَا فِي بَلَدٍ يَحْتَاجُ فِيهِ لِلْفَرَسِ، انْتَهَى.

[فَرْعٌ هَلْ يُعْطِي الْفَقِيه مِنْ الزَّكَاةِ إذَا كَانَتْ لَهُ كَتَبَ يَحْتَاج إلَيْهَا]

(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: وَهَلْ يُعْطَى مِنْهَا الْفَقِيهُ إذَا كَانَتْ لَهُ كُتُبٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا كَمَا يَحْتَاجُ الْمُجَاهِدُ لِلْفَرَسِ، وَهَذَا الَّذِي يَقْتَضِيَهُ النَّظَرُ؟ انْتَهَى. وَفِي التَّوْضِيحِ خَلِيلٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ لِلْفَقِيهِ الَّذِي عِنْدَهُ كُتُبٌ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ عُمَرَ، وَقَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، انْتَهَى، وَيَعْنِي بِهِ أَبَا الْحَسَنِ الصَّغِيرَ وَبَعْدَهُ فِي التَّوْضِيحِ اللَّخْمِيُّ.

وَنَقَلَ عَنْهُ كَلَامًا آخَرَ فَيُتَوَهَّمُ كَثِيرٌ أَنَّهُ عَزَاهُ لِلَّخْمِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ فِي جُمْلَةِ سُؤَالٍ سَأَلْتُ ابْنَ أَبِي زَيْدٍ مَا نَصُّهُ: فَلَوْ كَانَتْ لَهُ كُتُبُ فِقْهٍ قِيمَتُهَا كَثِيرَةٌ، فَقَالَ: هَذَا لَا غِنَى لَهُ عَنْهَا الْبُرْزُلِيُّ، كَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ يَقُولُ: إذَا كَانَتْ فِيهِ قَابِلِيَّةٌ فَيَأْخُذُهَا، وَلَوْ كَثُرَتْ كُتُبُهُ جِدًّا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قَابِلِيَّةٌ فَلَا يُعْطَى مِنْهَا شَيْئًا إلَّا أَنْ تَكُونَ كُتُبُهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>