عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ حَتَّى اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ بُنُوَّةَ هَاشِمٍ كَافِيَةٌ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَهُوَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، بَلْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ: لَمْ يُعْقَبْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إلَّا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْآلُ هُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، هُوَ قَوْلٌ عَزَاهُ فِي الْإِكْمَالِ لِبَعْضِ شُيُوخِ الْمَالِكِيَّةِ، وَذَكَرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ، وَلَمْ يَعْزُهُ، وَاقْتَصَرَ عِيَاضٌ عَلَيْهِ فِي قَوَاعِدِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْوَغْلِيسِيَّةِ: هُوَ الْمَذْهَبُ وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَلَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ بَنُو هَاشِمٍ فَقَطْ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْوَنْشَرِيسِيُّ فِي الْمِعْيَارِ: وَسُئِلَ سَيِّدِي مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ رَجُلٍ شَرِيفٍ هَلْ يواسى بِشَيْءٍ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ، وَحَالَةُ هَذَا الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرَفَاءِ عِنْدَنَا لَا سِيَّمَا مَنْ لَهُ عِيَالٌ تَحْتَ فَاقَةٍ، فَالْمُرَادُ مَا نَعْتَمِدُهُ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَتِكُمْ فَإِنِّي وَقَفْت عَلَى جَوَابٍ لِلْإِمَامِ ابْنِ عَرَفَةَ قِيلَ فِيهِ: الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُمْ لَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَبِذَلِكَ احْتَجَجْت عَلَى مَنْ تَكَلَّمْت مَعَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ طَلَبَةِ بَلَدِنَا، فَقَالُوا لِي: إنْ وَقَفْنَا عَلَى هَذَا وَشِبْهِهِ مَاتَ الشُّرَفَاءُ وَأَوْلَادُهُمْ وَأَهَالِيهمْ هُزَالًا فَإِنَّ الْخُلَفَاءَ قَصَّرُوا فِي هَذَا الزَّمَانِ فِي حُقُوقِهِمْ، وَنِظَامُ بَيْتِ الْمَالِ وَصَرْفُ مَالِهِ عَلَى مُسْتَحَقِّيهِ فَسَدَ، وَالْأَحْسَنُ عِنْدِي أَنْ يُرْتَكَبَ فِي هَذَا أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ، وَلَا يُنْظَرُ فِي حَفَدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَمُوتُوا جُوعًا فَعَارَضَنِي بِمَا (قُلْتُ) لَكُمْ وَبِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ ابْنُ بَشِيرٍ فِي ذَلِكَ فِي الْأَجْوِبَةِ فَأَجَابَ: الْمَسْأَلَةُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا كَمَا عَلِمْتُمْ، وَالرَّاجِحُ عِنْدِي فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يُعْطَى وَرُبَّمَا كَانَ إعْطَاؤُهُ أَفْضَلَ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَازُونِيَّةِ وَعَنْهُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ، وَعَبْدُ مَنَافٍ اسْمُهُ الْمُغِيرَةُ، وَمَنَافٌ اسْمُ صَنَمٍ أُضِيفَ " عَبْدُ " إلَيْهِ وَلَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ أَرْبَعَةٌ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ أَشِقَّاءُ، وَالرَّابِعُ نَوْفَلُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَحَسَبٍ عَلَى عَدِيمٍ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَقِيرٍ فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَحْسِبَهُ عَلَيْهِ فِي زَكَاتِهِ، قَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّهُ تَاوٍ وَلَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ لَهُ قِيمَةُ دُونٍ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُجْزِئُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ لَا يُعْجِبُنِي عَلَى الْمَنْعِ، وَقَوْلُ الْغَيْرِ تَفْسِيرٌ وَتَتْمِيمٌ، قَالَ: وَفِي الْحَوَاشِي عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا لَمْ يَكُنْ تَاوِيًا يُحْسَبُ عَلَيْهِ فِي زَكَاتِهِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ دَارٌ وَخَادِمٌ إذْ لَوْ قَامَ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ لَبِيعَتْ لَهُ الدَّارُ وَالْخَادِمُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: عَلَى يَتِيمَةٍ رُبْعُ دِينَارٍ يُحْتَسَبُ بِهِ فِي مَهْرِهَا وَيَتَزَوَّجُهَا الشَّيْخُ، وَهَذَا غَيْرُ بَيِّنٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ تَاوِيًا فَإِنَّ قِيمَتَهُ دُونٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ، وَقِيمَتُهُ دُونٌ إذْ هُوَ كَالْعَرْضِ فَلَا يَحْسُبُهُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَهُ عَلَى يَتِيمَةٍ رُبْعُ دِينَارٍ لَا يُحْتَسَبُ بِهِ عَلَيْهَا فِي مَهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ النِّصَابِ، انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ لِقَوْلِهِ " عَلَى عَدِيمٍ " مَفْهُومٌ لِمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَالتَّاوِي: الْهَالِكُ، وَقَالَ الْمَشَذَّالِيُّ: أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ، وَقَدْ أَخَذَ بِهِ رَهْنًا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ لَهُ فِي زَكَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَاوٍ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَكَذَا عِنْدِي لَوْ أَعَارَ رَجُلٌ شَيْئًا لِمَنْ يَرْهَنُهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يَفُكُّ بِهِ مَا أَعَارَهُ وَلَا يُتَّهَمُ أَنَّهُ قَصَدَ نَفْعًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفَيْنِ، انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الشَّيْخ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَا يُحْسَبُ فِي دَيْنٍ عَلَى فَقِيرٍ، وَمَنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ الْمَنْعِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ، انْتَهَى.
ص (وَجَازَ لِمَوْلَاهُمْ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالشَّاذُّ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ نَافِعٍ وَأَصْبَغَ، ثُمَّ قَالَ: وَأَخَذَ اللَّخْمِيُّ بِقَوْلِ أَصْبَغَ لِحَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اصْحَبْنِي فِيمَا نُصِيبُ مِنْهَا، فَقَالَ: لَا حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْأَلَهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَنَا وَلَا لِمَوَالِينَا»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute