للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاذَّةٍ عِنْدَنَا وَحَكَاهَا الطَّحَاوِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَاهَا ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ عَنْ مَالِكٍ (قُلْتُ) تَقَدَّمَ فِي الْحَبْسِ نَقْلُ ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ وَهِيَ لِمُعَيَّنٍ دُونَ يَمِينٍ وَلَا تَعْلِيقٍ يَقْضِي بِهَا ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا، قَالَ: وَعَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَذَلِكَ فِيهَا لَا يَقْضِي بِهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْقَضَاءِ بِهَا قَوْلَانِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي الرِّوَايَةِ فِيهَا وَعَلَى مُعَيَّنٍ فِي يَمِينٍ أَوْ تَعْلِيقٍ فِيهَا لَا يَقْضِي بِهَا ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ مَنْ تَسَرَّى عَلَى امْرَأَتِهِ وَقَدْ شَرَطَ لَهَا أَنَّهُ إنْ تَسَرَّى عَلَيْهَا فَالسُّرِّيَّةُ لَهَا صَدَقَةٌ تَامَّةٌ وَإِنْ أَعْتَقَهَا بَطَلَ عِتْقُهُ وَكَانَتْ لَهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَقَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ مَنْ شَرَطَ لِمُبْتَاعٍ سِلْعَةً إنْ خَاصَمَهُ فَهِيَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ فَخَاصَمَهُ لَزِمَتْهُ الصَّدَقَةُ إنْ حَمَلَ اللُّزُومَ عَلَى الْقَضَاءِ بِهَا فَهُوَ مِثْلُهُ ابْنُ زَرْقُونٍ لِابْنِ نَافِعٍ مَنْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْكِ فَأَمَتِي صَدَقَةٌ عَلَيْكِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَالَهُ ابْنُ دِينَارٍ (قُلْتُ) هَذَا خِلَافُ عَزْوِ ابْنِ رُشْدٍ مَسْأَلَةَ الْأَمَةِ لِابْنِ دِينَارٍ وَمَسْأَلَةَ السِّلْعَةِ لِابْنِ نَافِعٍ، وَجَزْمُهُ بِهِ خِلَافٌ جَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ مُحْتَمَلًا وَفِي الْقَضَاءِ بِالْمُعَلَّقِ بِالْيَمِينِ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ نَقَلَ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ أَصْبَغَ: وَالْمَعْرُوفُ فِي إيجَابِ دَعْوَى هِبَةِ مُعَيَّنٍ يَمِينُ الْوَاهِبِ قَوْلَا الْجَلَّابِ وَنَقَلَ الْبَاجِيُّ عَنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَائِلًا دَعْوَى الْمَدِينِ هِبَةَ رَبِّ الدَّيْنِ دِينَهُ يُوجِبُ يَمِينَهُ اتِّفَاقًا (قُلْتُ) وَكَذَا مَنْ ادَّعَى هِبَةَ مَا بِيَدِهِ مِنْ مُعَيَّنٍ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْهِبَةِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى: الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَبْسُ مَتَى كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ لِمُعَيَّنٍ أَمْ لَا، لَا يُقْضَى بِهَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْبِرَّ بَلْ اللَّجَاجَ وَدَفْعُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِ الْيَمِينِ يُقْضَى بِهَا، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُ حَتَّى يَطْلُبَهُ، انْتَهَى. وَانْظُرْ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ النَّذْرِ

وَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي سُؤَالٍ سَأَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْهُ وَنَصُّ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ: رَجُلٌ أَخْرَجَ مَالًا بِصَدَقَةٍ فَعَزَلَ مِنْهُ شَيْئًا سَمَّاهُ بِلِسَانِهِ وَمَيَّزَهُ لِمِسْكِينٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بَدَا لَهُ فَصَرَفَهُ لِمِسْكِينٍ آخَرَ فَهَلْ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ لَتَمْيِيزِهِ إيَّاهُ لِمِسْكِينٍ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ مَنْ أَخْرَجَ لِمِسْكِينٍ كِسْرَةً فَلَمْ يَجِدْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُعْطِهَا لِلْمِسْكِينِ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ وَفِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ أَعْطَاهَا بِالْقَوْلِ وَوَجَبَ طَلَبُهَا لِلْمِسْكِينِ وَتَمَيَّزَتْ لَهُ عِنْدَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُهَا إلَى غَيْرِهِ وَهَلْ صَارَ قَوْلُهُ هَذَا لِفُلَانٍ وَقَدْ أَخْرَجَ الْمَالَ مَخْرَجَ الصَّدَقَةِ كَقَوْلِهِ تَصَدَّقْت بِهَذَا عَلَى فُلَانٍ وَهَلْ يَسْتَوِي فِي هَذَا مَا أَخْرَجَ الْإِنْسَانُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ مَالِهِ وَمَا مَيَّزَهُ لِمُعَيَّنٍ مِمَّا يَجْرِي مِنْ صَدَقَةِ غَيْرِهِ عَلَى يَدَيْهِ إذْ ظَهَرَ لِي بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ فَرْقٌ كَمَا ظَهَرَ لِي بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذُكِرَتْ مِنْ مَعْنَى الصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَهِيَ مَخْصُوصَةٌ بِمَا يَمْلِكُ. الْجَوَابُ تَصَفَّحْت السُّؤَالَ فَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي عَزَلَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي أَخْرَجَهُ لِلصَّدَقَةِ شَيْئًا سَمَّاهُ لِمِسْكِينٍ بِعَيْنِهِ سَمَّاهُ لَهُ وَنَوَى أَنْ يُعْطِيَهُ لَهُ وَلَمْ يَبْتِلْهُ لَهُ بِقَوْلٍ وَلَا نِيَّةٍ فَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ بَتَلَهُ لَهُ بِقَوْلٍ أَوْ نِيَّةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ إنْ فَعَلَ وَكَذَلِكَ مَا جُعِلَ إلَيْهِ تَنْفِيذُهُ مِمَّا أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ لِلصَّدَقَةِ سَوَاءٌ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي يَأْمُرُ لِلسَّائِلِ بِشَيْءٍ أَوْ يَخْرُجُ بِهِ إلَيْهِ فَلَا يَجِدُهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى مَالِهِ وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ إنَّمَا نَوَى أَنْ يُعْطِيَهُ لَهُ وَلَمْ يَبْتِلْهُ لَهُ بِقَوْلٍ وَلَا نِيَّةٍ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ، انْتَهَى مِنْ الْأَجْوِبَةِ مِنْ بَابِ الصَّدَقَاتِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا بَتَلَهُ لَهُ بِالنِّيَّةِ يَأْتِي عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورِينَ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّبْتِيلِ بِالنِّيَّةِ وَنِيَّةِ الْإِعْطَاءِ أَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَعْطَيْته لِفُلَانٍ وَلَوْ عَبَّرَ عَنْ الثَّانِي عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ أُعْطِي أَوْ نِيَّتِي أُعْطِي وَنَحْوِهِ فِي آخِرِ مَسَائِلِ الْهِبَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ.

[فَرْعٌ خَرَجَتْ لِلسَّائِلِ بِالْكِسْرَةِ أَوْ بِالدِّرْهَمِ فَلَمْ تَجِدْهُ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ، قَالَ مَالِكٌ: إذَا خَرَجَتْ لَلسَّائِلِ بِالْكِسْرَةِ أَوْ بِالدِّرْهَمِ فَلَمْ تَجِدْهُ أَرَى أَنْ يُعْطَى لِغَيْرِهِ تَكْمِيلًا لِلْمَعْرُوفِ وَإِنْ وَجَدْته وَلَمْ يَقْبَلْ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ لِتَأَكُّدِ الْعَزْمِ بِالدَّفْعِ وَاخْتُلِفَ هَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>