للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَصِيَّةُ يُنْظَرُ فِيهَا، فَإِنْ اسْتَعْفَى هَذَا الشَّاهِدُ مِنْهَا وَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ إنْ رَأَى الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ إعَادَتُهُ إلَى النَّظَرِ أَعَادَهُ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا الَّذِي جَعَلَ لَهُ الْوَصِيَّةَ يُنْظَرُ فِيهَا يَعْنِي وَاحِدَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ هُوَ مَنْ أُسْنِدَ إلَيْهِ النَّظَرُ فِيهَا.

ص (وَوَصِيِّي فَقَطْ يَعُمُّ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: " وَمَنْ قَالَ اشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا وَصِيِّي وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَهُوَ وَصِيُّهُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَأَبْكَارُ صِغَارِ بَنِيهِ وَمَنْ بَلَغَ مِنْ أَبْكَارِ بَنَاتِهِ بِإِذْنِهِنَّ، وَالثَّيِّبُ بِإِذْنِهَا " انْتَهَى قَالَ الْمَشَذَّالِيّ: ظَاهِرُهُ دُخُولُ الْإِيصَاءِ، وَفِي الطِّرَازِ إذَا قَالَ: وَصِيِّي مُسَجَّلًا يَعْنِي مُطْلَقًا، وَكَانَ إلَى نَظَرِهِ مَحْجُورٌ أَجْنَبِيٌّ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا اللَّفْظِ الْمَشَذَّالِيّ ذَكَرَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ لَفْظِهِ إلَّا إذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ إلَّا إذَا خَصَّصَ ذَلِكَ بِمَالِ نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَتَى بِلَفْظٍ عَامٍّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا إنْ صَرَّحَ بِالْوَصِيَّتَيْنِ مَعًا فَلَا إشْكَالَ وَلَا خِلَافَ ثُمَّ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فَرْعٌ وَهُوَ إذَا قَالَ الْوَصِيُّ الثَّانِي: أَنَا أَقْبَلُ وَصِيَّتَكَ، وَلَا أَقْبَلُ وَصِيَّةَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ فِيهَا دُيُونًا وَتَخْلِيطًا، فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْأَوَّلِ مِنْ وَصِيَّةِ الثَّانِي، فَإِنْ قَبِلَ بَعْضَهَا لَزِمَتْهُ كُلُّهَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ أَظْهَرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الَّذِي أَرَى أَنْ يَقُولَ لَهُ الْإِمَامُ: إمَّا أَنْ تَقْبَلَ الْجَمِيعَ أَوْ تَدَعَ الْجَمِيعَ إلَّا أَنْ يَرَى أَنْ يُقِرَّهُ عَلَى مَا قَبِلَ، وَيُقِيمَ مَنْ يَلِي وَصِيَّةَ الْأَوَّلِ انْتَهَى.

وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ، وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ، وَفِي تَرْجَمَةِ الْوَصِيِّ يَقْبَلُ بَعْضَ الْوَصِيَّةِ: وَمِنْ الْعُتْبِيَّة رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ فِيمَنْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِوَصِيَّةٍ وَبِمَا كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِ فَقَبِلَ وَصِيَّتَهُ فِي نَفْسِهِ، وَلَمْ يَقْبَلْ مَا كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ وَيُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يَلِي الْأَمْرَ الْأَوَّلَ، وَقَالَ أَصْبَغُ: إمَّا قَبِلَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرَكَ الْجَمِيعَ، وَإِنْ قَبِلَ الْبَعْضَ فَهُوَ قَبُولٌ لِلْجَمِيعِ، وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَوْ أَوْصَى إلَى مَيِّتٍ وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَكُنْ وَصِيُّهُ لَهُ وَصِيًّا انْتَهَى. وَقَالَ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ: وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ الْوَصِيُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مَقَالَ لِلْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ وَيَقُومُ وَصِيُّهُ مَقَامَهُ فِي كُلِّ مَا كَانَ إلَيْهِ مِنْ وَصِيَّةِ غَيْرِهِ إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِذَلِكَ تَوَلَّى الْحَاكِمُ النَّظَرَ فِي كُلِّ مَا كَانَ إلَيْهِ وَبِيَدِهِ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُهْمِلَهُ، وَفِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ: وَإِذَا أَوْصَى الْوَصِيُّ بِمَالِهِ وَوَلَدِهِ لَمْ يَكُنْ وَصِيُّهُ وَصِيًّا عَلَى أَمْتَاعِهِ، وَقُدِّمَ الْقَاضِي عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي عَهْدِهِ انْتَهَى.

[فَرَعٌ قَالَ إنْ مت فَفُلَانٌ وَكِيلِي]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) إذَا قَالَ: إنْ مِتُّ فَفُلَانٌ وَكِيلِي فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ وَكِيلُ الْمَيِّتِ فَسَوَاءٌ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ فُلَانٌ وَصِيِّي أَوْ إنْ مِتّ فَفُلَانٌ وَكِيلِي وَكُلُّ وَصِيٍّ وَكِيلٌ، وَلَيْسَ كُلُّ وَكِيلٍ وَصِيًّا انْتَهَى.

(الثَّانِي) إذَا قَالَ وَصِيِّي عَلَى أَوْلَادِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ غَيْرُهُمْ فَهَلْ الْإِيصَاءُ قَاصِرٌ عَلَى مَنْ سَمَّى أَوْ يَعُمُّ الْجَمِيعَ؟ فِيهِ تَنَازُعٌ بَيْنَ الشُّيُوخِ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ الْكُبْرَى فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَصَايَا فِي تَرْجَمَةِ الْوَصَايَا بِالْأَيْتَامِ، وَفِي مَسَائِلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ زَرْبٍ قَالَ فِي رَجُلٍ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ قَدْ جَعَلْت النَّظَرَ لِوَلَدِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَلَهُ أَوْلَادٌ غَيْرُ الَّذِي سَمَّى أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي الْإِيصَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: وَلَدِي دَخَلَ جَمِيعُهُمْ فِيهِ فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ وَقَدْ سَمَّى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ لَوْ أَرَادَ هَذَا لَمْ يَقُلْ جَعَلْت النَّظَرَ لِوَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَإِنَّمَا كَانَ يَقُولُ: مِنْ وَلَدِي قَالَ وَهَذَا كَمَنْ قَالَ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَسَكَتَ عَنْ بَاقِيهِمْ فَإِنَّهُمْ يُعْتَقُونَ أَجْمَعُونَ مَنْ سَمَّى مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُسَمِّ، قَالَ مُوسَى نَزَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَأَفْتَى فِيهَا بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ إلَّا مَنْ سَمَّى وَغَلِطَ فِيهَا، وَأَخَذَ بِفُتْيَاهُ شَيْخُهُ وَحَكَمَ بِهِ، قَالَ الْقَاضِي أَعْرِفُ وَقْتَ نُزُولِهَا قَالَ ابْنُ سَهْلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>