للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ لِلزَّوْجَةِ الَّتِي جُهِلَ بُغْضُهُ لَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا ابْنٌ وَلَا بَنُونَ وَإِنَّمَا كَانَ لَهَا بَنَاتٌ وَعَصْبَةٌ فَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لَهَا قَوْلَانِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْبَنَاتُ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ صِغَارًا أَوْ كِبَارًا إذَا كُنَّ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ كِبَارًا مِنْهَا، وَأَمَّا إنْ كُنَّ صِغَارًا مِنْهَا، فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ لَهَا قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ التَّفْلِيسِ، وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ لِأَمَةٍ)

ش: هَذَا كَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِلزَّوْجَةِ الَّتِي جُهِلَ بُغْضُهُ لَهَا إذَا كَانَ لَهَا ابْنٌ أَوْ بَنُونَ كَمَا قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عَاقًّا فَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لِلزَّوْجَةِ قَوْلَانِ صَرَّحَ بِهِمَا ابْنُ رُشْدٍ، وَنَقَلَهُمَا فِي التَّوْضِيحِ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَيَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِأُمِّهِ وَابْنُ رُشْدٍ فَرَضَهُ فِي الزَّوْجَةِ كَانَتْ أَمَهُ أَمْ لَا.

[مَسْأَلَةٌ بَاعَ مِنْ بَعْضِ وَلَدِهِ دَارًا أَوْ مِلْكًا وَذَكَرَ فِي الْعَقْدِ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ بَيْعًا صَحِيحًا]

ص (لَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ)

ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ (مَسْأَلَةٌ) : مَنْ بَاعَ مِنْ بَعْضِ وَلَدِهِ دَارًا أَوْ مِلْكًا وَذَكَرَ فِي الْعَقْدِ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ بَيْعًا صَحِيحًا بِثَمَنٍ قَبَضَهُ، فَقَامَ بَاقِي الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَذَكَرُوا أَنَّ الْبَيْعَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ فِيهِ ثَمَنًا وَأَنَّهُ تَوْلِيجٌ مِنْ الْأَبِ إلَيْهِ، فَلَا وَجْهَ لِدَعْوَاهُمْ عَلَيْهِ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُثْبِتُوا أَنَّ الْأَبَ كَانَ يَمِيلُ إلَيْهِ، فَتَتَعَلَّقُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ (تَنْبِيهٌ) : قَالُوا وَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِمُعَايَنَةِ الْقَبْضِ لَمْ تَتَرَتَّبْ يَمِينٌ عَلَى الِابْنِ، وَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِمَيْلِ الْأَبِ إلَيْهِ وَانْحِرَافِهِ عَنْ سَائِرِ وَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّوْلِيجِ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ الِابْنَ انْتَهَى. مِنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ وَفِي وَثَائِقِ الْغَرْنَاطِيِّ وَلَا يَثْبُتُ التَّوْلِيجُ إلَّا بِإِقْرَارِ الْمُولَجِ إلَيْهِ انْتَهَى مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ.

(فَرْعٌ) : فِي حُكْمِ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ فِي صِحَّتِهِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ فَيُقَدَّمُ الْمُقِرُّ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ قَالَ فِي رَسْمِ الْبَرَاءَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَسَأَلْتُهُ عَنْ الرَّجُلِ يُقِرُّ لِوَلَدِهِ وَلِامْرَأَتِهِ وَلِبَعْضِ مَنْ يَرِثُهُ بِدَيْنٍ فِي الصِّحَّةِ، ثُمَّ يَمُوتُ الرَّجُلُ بَعْدَ سِنِينَ فَيَطْلُبُ الْوَارِثُ الدَّيْنَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ قَالَ ذَلِكَ لَهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ فِي الصِّحَّةِ امْرَأَةً كَانَتْ أَوْ وَلَدًا فَمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فِي الصِّحَّةِ فَذَلِكَ لَهُ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَوَقَعَ فِي الْمَبْسُوطِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ إذَا لَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةً حَتَّى هَلَكَ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ سَبَبَ ذَلِكَ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَ لَهُ أَصْلًا أَوْ أَخَذَ مِنْ مَوْرُوثِ أُمِّهِ شَيْئًا فَإِنْ عَرَفَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ لَهُ وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُتَّهَمُ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ عَلَى أَنْ لَا يَقُومَ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَيَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي آخِرِ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا: وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَمُوتُ فَيَتْرُكُ عَمَّهُ وَأُمَّهُ وَتَقُومُ الْأُمُّ بِدَيْنٍ لَهَا كَانَ أَقَرَّ لَهَا بِهِ فِي الصِّحَّةِ قَالَ: لَا كَلَامَ لِلْعَمِّ قُلْت أَرَأَيْت إنْ طَلَبَ مِنْهَا الْيَمِينَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ تَوْلِيجًا؟ قَالَ أَصْبَغُ أَمَّا فِي الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُهَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبُ أَنَّ إقْرَارَ الرَّجُلِ لِوَارِثِهِ بِالدَّيْنِ فِي الصِّحَّةِ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: يَجُوزُ لَهُ إقْرَارُهُ لَهَا فِي حَيَاتِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ لِذَلِكَ سَبَبٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَاعَ لَهُ رَأْسًا أَوْ أَخَذَ لَهُ مَوْرُوثًا وَبِهِ قَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَقَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْيَمِينِ إنَّهَا لَا تَلْزَمُهَا فِي الْحُكْمِ يُرِيدُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ فَقَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِسُقُوطِ يَمِينِ التُّهْمَةِ وَالْأَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لُحُوقُ الْيَمِينِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ لَمْ يُعْمِلْ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.

وَصَرَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ بِلُزُومِ الْيَمِينِ إنْ ثَبَتَ مَيْلُ الْمَيِّتِ لِلْمُقِرِّ لَهُ ذَكَرَهُ فِي فَصْلِ التَّصْيِيرِ فِي تَرْجَمَةِ الْبُيُوعِ وَمِثْلُ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ مَا إذَا صَيَّرَ الْأَبُ لِابْنِهِ دَارًا أَوْ عَرَضًا فِي دَيْنٍ أَقَرَّ بِهِ لَهُ فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ سَبَبَ ذَلِكَ الدَّيْنِ جَازَ لَهُ التَّصْيِيرُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَصْلَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا) : إنَّهُ نَافِذٌ وَيَأْخُذُهُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>