للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ قَالَ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلَ عِيسَى مَا نَصُّهُ: وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا إذَا تَطَهَّرَ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مُحْدِثًا فَهَذَا تَعْلِيقُ نِيَّةٍ لَا تَنْجِيزُ نِيَّةٍ، وَجَزْمُ النِّيَّةِ إذَا عُدِمَ كَانَ خَلَلًا فِي الشَّرْطِ فَوَجَبَ مِنْهُ الْخَلَلُ فِي الْمَشْرُوطِ؛ وَلِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا هِيَ قَصْدٌ وَهَذَا تَرَدُّدٌ لَا قَصْدٌ فَلَمْ تُوجَدْ حَقِيقَةُ الشَّرْطِ، وَيَخْرُجُ عَلَيْهِ الشَّاكُّ إذَا لَزِمَ التَّطْهِيرَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ أَنْ يَأْتِيَ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ لَا تَرَدُّدَ فِيهَا انْتَهَى بِلَفْظِهِ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ تَبَيَّنَ حَدَثَهُ عَائِدًا إلَى الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ.

ص (أَوْ جَدَّدَ فَتَبَيَّنَ حَدَثَهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ بِنِيَّةِ التَّجْدِيدِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ بِوُضُوئِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ الْفَضِيلَةَ وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ أَنْ تَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ الْحَالَاتِ وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ رَفْعَ الْحَدَثِ.

ص (أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً فَانْغَسَلَتْ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ)

ش: قَالَ فِي الْقَامُوسِ: اللُّمْعَةُ بِالضَّمِّ قِطْعَةٌ مِنْ النَّبَاتِ أَخَذَتْ فِي الْيُبْسِ، وَالْمَوْضِعُ لَا يُصِيبُهُ الْمَاءُ فِي الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ لُمْعَةً مِنْ مَغْسُولِ الْوُضُوءِ فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى فَانْغَسَلَتْ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا بِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ، فَإِنْ أَخَّرَ غَسْلَهَا عَمْدًا حَتَّى طَالَ بَطَلَ وُضُوءُهُ وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْقَوْلَانِ يُشْبِهَانِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُجَدِّدِ، وَرَأَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الْإِجْزَاءَ هُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ هُنَا بَاقِيَةٌ مُنْسَحِبَةٌ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُجَدِّدِ وَرُدَّ بِأَنَّ الِانْسِحَابَ فِي النِّيَّةِ إنَّمَا يُجْزِئُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحَلِّ نِيَّةٌ مُضَادَّةٌ لَهُ وَهُنَا نِيَّةُ الْفَضِيلَةِ مَوْجُودَةٌ وَهِيَ مُضَادَّةٌ لِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ انْتَهَى. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هَلْ يَنْوِي فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْفَرِيضَةَ أَوْ الْفَضِيلَةَ؟ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

ص (أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ)

ش: قَالَ سَنَدٌ صُورَتُهُ أَنْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي تَمَامِ وُضُوئِهِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ انْتَهَى. يُرِيدُ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ، وَأَمَّا مَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ عَنْهُ وَنِيَّةِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ عَلَى الْفَوْرِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ وَيَكْمُلُ وُضُوءُهُ إلَّا بِالْجَمِيعِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمَّا ذَكَرَ اسْتِشْكَالَ تَصْوِيرِ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ عَلَى الْأَعْضَاءِ بِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إنْ لَمْ يَنْوِ الْعُضْوَ مُعَيَّنًا فَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ نَوَاهُ مُعَيَّنًا فَقَدْ زَادَ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ مُعَيَّنًا أَتَمُّ مِنْ نِيَّتِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ضَرُورَةَ رُجْحَانِ دَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ عَلَى دَلَالَةِ التَّضَمُّنِ، وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ نِيَّتَهُ مُعَيَّنًا إنْ كَانَ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الْحَدَثِ بِالْمَجْمُوعِ فَهُوَ كَمَا قُلْتُمْ، يَعْنِي أَنَّهُ زَادَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ رَفْعَهُ بِهِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَكَذَا سَائِرُ أَعْضَائِهِ فَهُوَ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، بَلْ قَالَ ابْنُ بَزِيزَةَ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْقَوْلَ الثَّانِيَ وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَإِلَى اسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَالْأَظْهَرُ فِي الْأَخِيرِ الصِّحَّةُ

[مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى عُزُوبُ النِّيَّة وَهُوَ انْقِطَاعُهَا وَالذُّهُولُ عَنْهَا]

ص (وَعُزُوبُهَا بَعْدَهُ وَرَفْضُهَا مُغْتَفَرٌ) ش ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ (الْأُولَى) مِنْهُمَا عُزُوبُ النِّيَّةِ وَهُوَ انْقِطَاعُهَا وَالذُّهُولُ عَنْهَا، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ عَائِدٌ إلَى الْوَجْهِ فِي قَوْلِهِ عِنْدَ وَجْهِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الذُّهُولَ عَنْ النِّيَّةِ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا فِي مَحَلِّهَا عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ مُغْتَفَرٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ مُغْتَفَرٌ يُعْطِي أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>