وَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُ مِنْ غَيْرِ صَلْبٍ وَلَا قَطْعٍ انْتَهَى. وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ الرَّجْرَاجِيِّ نَحْوُ مَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ فَقَالَ: إنْ قَتَلَ فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ فِي ذَلِكَ تَخْيِيرٌ لَا فِي قَطْعِهِ وَلَا فِي نَفْيِهِ وَإِنَّمَا التَّخْيِيرُ فِي قَتْلِهِ أَوْ صَلْبِهِ أَوْ نَفْيِهِ انْتَهَى. فَأَوَّلُ كَلَامِهِ يُنَاقِضُ آخِرَهُ فَتَأَمَّلْهُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ سَهْوٌ وَتَصْحِيفٌ وَأَمَّا كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي قَتْلِهِ وَفِي قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ مِنْ خِلَافٍ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ سَهْوٌ لِأَنَّهُ قَدْ نَفَى ذَلِكَ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قَتْلِهِ مِنْ غَيْرِ صَلْبٍ وَلَا قَطْعٍ وَبَيْنَ صَلْبِهِ مَعَ قَتْلِهِ وَبَيْنَ قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ ثُمَّ قَتْلِهِ فَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُقَالُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَقْطَعُ يَدَهُ وَرِجْلَهُ يَعْنِي بِهِ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ: وَالْقَتْلُ. يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ يُرَدُّ بِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فَأَمَّا الصَّلْبُ مَعَ الْقَتْلِ إلَخْ وَكَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ يَدَهُ وَرِجْلَهُ مَعَ قَتْلِهِ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ بِمَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ وَلَا رِجْلُهُ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ مَعَ الْقَتْلِ قَطْعَ يَدٍ وَلَا رِجْلٍ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ قَطْعَ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ أَوْ الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ حَدٌّ لِلْمُحَارِبِ فَتَأَمَّلْهُ.
[فَرْعٌ أَتَى الْمُحَارِبُ تَائِبًا قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ]
(فَرْعٌ) مَنْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ قَتَلَ غِيلَةً ثُمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ اُنْظُرْ ابْنَ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ وَكَذَلِكَ إذَا اعْتَرَفَ بِالْحِرَابَةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
ص (وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ) ش ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ تَائِبًا يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ الْعَفْوُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أَتَى الْمُحَارِبُ تَائِبًا قَبْلَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ حُدُودِ الْحِرَابَةِ وَثَبَتَ لِلنَّاسِ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ مَالٍ ثُمَّ لِلْأَوْلِيَاءِ الْعَفْوُ فِيمَنْ قَتَلَ وَكَذَلِكَ الْمَجْرُوحُ فِي الْقِصَاصِ وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً قَتَلُوا رَجُلًا؛ وَلِيَ أَحَدُهُمْ قَتْلَهُ وَبَاقِيهِمْ عَوْنٌ لَهُ فَيُؤْخَذُونَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ قُتِلُوا كُلُّهُمْ وَإِنْ تَابُوا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذُوا دُفِعُوا إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَيَقْتُلُونَ مَنْ شَاءُوا مِنْهُمْ وَيَعْفُونَ عَمَّنْ شَاءُوا وَأَخَذُوا الدِّيَةَ مِمَّنْ شَاءُوا انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا.
ص (وَغَرِمَ كُلٌّ عَنْ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا) ش قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَاب الْغَصْبِ: إذَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ فِي الْغَصْبِ أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ الْحِرَابَةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute