الْحَاجَةِ وَالْعِيَالَ فِي غَلَّةٍ وَسُكْنَى)
ش:. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَبْدَأُ فِي الْحَبْسِ أَهْلُ الْحَاجَةِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فِي السُّكْنَى وَالْغَلَّةِ فَلَا سُكْنَى لِلْأَغْنِيَاءِ مَعَهُمْ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَلَمْ يَسَعْهُمْ أُكْرِيَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقُسِمَ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمْ شَرْعًا سَوَاءٌ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَحَدُهُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ بِمَا يَصِيرُ لِأَصْحَابِهِ مِنْ الْكِرَاءِ وَيَسْكُنَ فِيهَا فَيَكُونَ لَهُ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ انْتَهَى.
مِنْ سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْحَبْسِ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَمَنْ وَقَفَ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ أَوْ مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ فَضَّلَ النَّاظِرُ ذَا حَاجَةٍ وَعِيَالٍ فِي غَلَّةٍ وَسُكْنَى عَلَى الْمَشْهُورِ بِاجْتِهَادِهِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فَقْرًا وَغِنًى أُوثِرَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَدَفَعَ الْفَضْلَ لِمَنْ يَلِيهِ فَأَمَّا عَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ مَوَالِيهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ فَكَذَلِكَ، وَقِيلَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ سَوَاءٌ فَإِنْ عَيَّنَهُمْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فَإِنْ كَانَ لِلْغَنِيِّ وَلَدٌ فَقِيرٌ أُعْطِيَ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ مَنْ حَبَسَ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ كَالصَّدَقَةِ لَا يُعْطَى الْغَنِيُّ مِنْهَا شَيْئًا وَيُعْطَى الْمُسَدَّدُ بِقَدْرِ حَالِهِ فَإِنْ كَانَ لِلْأَغْنِيَاءِ أَوْلَادٌ كِبَارٌ فُقَرَاءُ وَقَدْ بَلَغُوا أُعْطُوا بِقَدْرِ حَاجَتِهِمْ الْبَاجِيُّ يُرِيدُ بِالْمُسَدَّدِ الَّذِي لَهُ كِفَايَةٌ وَرُبَّمَا ضَاقَ حَالُهُ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ انْتَهَى. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَهُمْ أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ وَهُوَ كَذَلِكَ.
[مَسْأَلَةٌ قِسْمَةُ الْوَقْفِ عَلَى الْأَعْقَابِ]
(مَسْأَلَةٌ) مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ سَأَلَهُ عَنْهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَهُوَ عَقْدٌ تَضَمَّنَ تَحْبِيسَ فُلَانٍ عَلَى ابْنَيْهِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ لِجَمِيعِ الرَّحَا الْكِرَاءُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَلِاعْتِدَالِ حَبْسِهَا عَلَيْهِمَا وَعَلَى عَقِبِهِمَا حَبْسًا مُؤَبَّدًا وَتَمَّمَ عَقْدَ التَّحْبِيسِ عَلَى وَاجِبِهِ وَحَوْزِهِ وَمَاتَ الْأَبُ وَالِابْنَانِ بَعْدَهُ وَتَرَكَا عَقِبًا كَثِيرًا وَعَقِبُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ عَقِبِ الْآخَرِ وَفِي بَعْضِهِمْ حَاجَةٌ فَكَيْفَ تَرَى قِسْمَةَ هَذَا الْحَبْسِ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْأَعْقَابِ هَلْ عَلَى الْحَاجَةِ أَمْ عَلَى السَّوِيَّةِ أَمْ يَبْقَى فِي يَدِ كُلِّ عَقِبٍ مَا كَانَ بِيَدِ أَبِيهِ؟ فَأَجَابَ الْوَاجِبُ فِي هَذَا الْحَبْسِ إذَا كَانَ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مَا وَصَفْت أَنْ يُقْسَمَ عَلَى أَوْلَادِ الْعَقِبَيْنِ جَمِيعًا عَلَى عَدَدِهِمْ وَإِنْ كَانَ عَقِبُ الْوَلَدِ الْوَاحِدِ أَكْثَرَ مِنْ عَقِبِ الْآخَرِ بِالسَّوَاءِ إنْ اسْتَوَتْ حَاجَتُهُمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فُضِّلَ ذُو الْحَاجَةِ مِنْهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ الِاجْتِهَادُ عَلَى قَدْرِ قِلَّةِ الْعِيَالِ أَوْ كَثْرَتِهِمْ وَلَا يَبْقَى بِيَدِ وَلَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا كَانَ بِيَدِ أَبِيهِ قَبْلَهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة ثَبَتَ الْوَقْفُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالشُّيُوعِ]
(مَسْأَلَةٌ) سُئِلَ عَنْهَا الْوَالِدُ عَنْ أَرْضِ وَقْفٍ تُسَمَّى بِالرَّهْطِ وَتُنْسَبُ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنَّهُ أَوْقَفَهَا عَلَى ذُرِّيَّتِهِ وَذُرِّيَّتُهُ أَفْخَاذٌ مِنْهُمْ الرُّخَامِيُّ وَالْحُطَامِيُّ وَالسَّارِيُّ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِيَدِهِ قِطْعَةٌ أَخَذَهَا مِنْ آبَائِهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْسِمَهَا بَيْنَ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَيَكُونُ لِمَنْ مَاتَ مِنْ الْإِنَاثِ أَنْ تَنْقُلَ حَظَّهَا لِأَوْلَادِهَا حَتَّى أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنْ فَخِذٍ آخَرَ أَخَذُوا مَا صَارَ لَهُمْ مِنْ أَبِيهِمْ وَمَا صَارَ لَهُمْ مِنْ أُمِّهِمْ وَلَيْسَ ثَمَّ كِتَابٌ وَلَا شَرْطٌ؟ فَأَجَابَ إذَا ثَبَتَ الْوَقْفُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالشُّيُوعِ فَإِنْ عُلِمَ شَرْطُ الْوَاقِفِ بِكِتَابِ وَقْفٍ أَوْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِهِ وَلَوْ بِالشُّيُوعِ اُتُّبِعَ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ وَثَبَتَ لَهُ عَادَةٌ قَدِيمَةٌ فَيُصْرَفُ الْوَقْفُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْقَدِيمَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ مُخَالِفَةً لِلْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَلَيْسَ لِمَنْ صَارَ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ الْوَقْفِ أَنْ يَبِيعَهُ وَلَا يَقْسِمَهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ وَلَا يُؤَجِّرَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً بَلْ يَبْقَى بِيَدِهِ فَإِذَا مَاتَ انْتَقَلَ لِمَنْ جَرَتْ الْعَوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ أَعْلَاهُ بِانْتِقَالِهِ إلَيْهِ ثُمَّ سُئِلَ عَنْهُ مَرَّةً أُخْرَى فَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ وَزَادَ فِيهِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ وَثَبَتَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ قُسِمَ بَيْنَهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى السَّوِيَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مُحْتَاجٌ فَلِلنَّاظِرِ أَنْ يُؤْثِرَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَمُسْتَنَدُهُ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ فِي الْبَابِ السَّابِعِ وَالْخَمْسِينَ وَالْبَابِ السَّبْعِينَ. قَالَ فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ مُتَوَلِّي نَظَرَ الْوَقْفَ فِي مَصْرِفِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ كِتَابُ الْوَقْفِ وَذَكَرَ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِصَرْفِ غَلَّتِهِ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي يَذْكُرُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَمْ يَخْرُجْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute