وَهُوَ يُشِيرُ إلَى مَا نُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ فَسَّرَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ الدَّرَاهِمَ مَكْرُوهَةٌ أَوْ زُيُوفٌ وَلَوْ كَانَ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا مَا حَلَّ أَخْذُهَا وَلَا التَّبَايُعُ بِهَا اهـ.
وَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ قَالَ فِيهِ أَبُو عِمْرَانَ: إنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَنُقِلَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَأَقَرَّهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَكِنْ سَحْنُونٌ هُوَ الْعَالِمُ بِهَا وَبِمُهِمَّاتِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ لَا الْجَمِيعُ عَلَى الْأَحْسَنِ)
ش: أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَجَّلْ بَلْ تَأَخَّرَ أَكْثَرَ مِمَّا قُلْنَا، وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَسَدَ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَأَخَّرَ بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ فِي الْكَبِيرِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قُلْتُ سَأُبَدِّلُهَا إلَى شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ لَمْ يَجُزْ إذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ بِشَرْطٍ إلَى هَذَا اهـ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ يُرِيدُ وَلَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ إذَا كَانَ عَيْنًا هَلْ يُفْسَخُ أَمْ لَا اهـ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْفَسَادُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ السَّلَمَ نَفْسُ دُخُولِهَا عَلَى الشَّرْطِ فَإِنَّهُ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ تَرَكَ قَوْلُهُ: يَعْنِي فِي الْمُدَوَّنَةِ سَأُبَدِّلُهَا لَكَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَأَدْرَكَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ فُسِخَ الشَّرْطُ وَأُخِذَ بِالرَّفْعِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ حَتَّى طَالَ فُسِخَ السَّلَمُ مِنْ أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّهُمَا عَمِلَا عَلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُنْتَقَضُ السَّلَمُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ صَحِيحًا وَيُنْتَقَضُ مَا أَخَّرَهُ فَقَطْ وَأَرَاهُ قَوْلَ أَبِي عِمْرَانَ، وَهُوَ أَشْبَهُ اهـ.
وَقَالَ ابْنِ مُحْرِزٍ: هُوَ الْأَشْبَهُ اهـ.
قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: كَأَنَّهُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِالْأَحْسَنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِالْأَحْسَنِ لِاخْتِيَارِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُتَيْطِيُّ، وَنَصُّهُ: فَلَوْ أَخَّرَهُ بِبَدَلِ الزُّيُوفِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ جَازَ وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَيُجْبَرُ عَلَى بَدَلِهَا فَإِنْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ إلَى الْأَجَلِ فَالْأَشْبَهُ أَنْ يُنْتَقَضَ الْقَدْرُ الَّذِي تَأَخَّرَ وَحْدَهُ وَلَا يُنْتَقَضُ جَمِيعُ السَّلَمِ اهـ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِهِ إلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) جَعَلَ ابْنُ بَشِيرٍ مَحَلَّ هَذَا الْكَلَامِ كُلِّهِ إذَا قَامَ بِالْبَدَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِالْبَدَلِ إلَّا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ جَازَ تَأْخِيرُهُ مَا شَاءَ وَهَكَذَا قَالَ أَشْهَبُ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا الْيَوْمَانِ أَوْ الثَّلَاثَةُ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً لَا يُعَدُّ دَيْنًا بِدَيْنٍ اهـ.
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ
[إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ]
(الثَّانِي) قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي السَّلَمِ الْأَوَّلِ: إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَرَدَّهُ بِعَيْبٍ انْتَقَضَ السَّلَمُ إنْ كَانَ انْعِقَادُ السَّلَمِ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا وَكَانَ مَوْصُوفًا عَلَى مَنْ أَجَازَ الْمَوْصُوفَ عَلَى الْحُلُولِ لَمْ يُنْتَقَضْ السَّلَمُ بِرَدِّهِ بِالْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ الرُّجُوعَ بِمِثْلِهِ اهـ، وَقَوْلُهُ: عَلَى مَنْ أَجَازَ الْمَوْصُوفَ نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ وَجَزَمَ بِهِ فَقَالَ: وَإِنْ رَدَّ رَأْسَ الْمَالِ بِعَيْبٍ، وَهُوَ غَيْرُ عَيْنٍ رَجَعَ بِمِثْلِهِ وَإِلَّا بَطَلَ اهـ.
[إذَا وَجَبَ انْتِقَاضُ السَّلَمِ لِرَدِّ رَأْسِ الْمَالِ بِعَيْبٍ]
(الثَّالِثُ) قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا وَجَبَ انْتِقَاضُ السَّلَمِ لِرَدِّ رَأْسِ الْمَالِ بِعَيْبٍ وَكَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِ الْمُسَلِّمِ رَدَّهُ وَإِنْ حَالَتْ سُوقُهُ أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ أَوْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ نُظِرَتْ فَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ عُرُوضًا أَوْ عَبِيدًا أَوْ حَيَوَانًا رَدَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَلَوْ كَانَ الْآنَ مَوْجُودًا فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ كَالطَّعَامِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ كَانَ لِبَائِعِهِ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَهُ إنْ كَانَ مَوْجُودًا بِيَدِ الْمُسَلِّمِ أَوْ مِثْلَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا أَوْ لَا تُفِيتُهُ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ اهـ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ حَوَالَةً عَلَى الْمَنْصُوصِ فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ خَرَّجَ فِيهِ قَوْلًا بِأَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ تُفِيتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[إذَا شُرِطَ تَعَيُّنُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ]
(الرَّابِعُ) إذَا شُرِطَ تَعَيُّنُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَقِيلَ الشَّرْطُ لَازِمٌ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ وَقِيلَ لَازِمٌ إنْ كَانَ مِنْ بَائِعِ الدَّنَانِيرِ وَسَاقِطٌ مِنْ مُشْتَرِيهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ الْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى لُزُومِ الشَّرْطِ يَجُوزُ الْخُلْفُ إذَا رَضِيَا جَمِيعًا وَلَا يَدْخُلُهُ الْكَالِئُ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّعَيُّنُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا فَإِذَا رَدَّهَا انْتَقَضَ السَّلَمُ وَمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ سَلَمٌ مُبْتَدَأٌ وَعَلَى الثَّالِثِ إنْ