للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ) وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ بِكَوْنِهَا دَاخِلَةً فِي الصَّلَاةِ فَلَا يُسْجَدُ لِلْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ السُّنَنِ الْخَارِجَةِ عَنْ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ النُّقْصَانُ وَالزِّيَادَةُ فَإِنَّهُ يُغَلَّبُ حُكْمُ النُّقْصَانِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّ سُجُودِ السَّهْوِ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ السُّجُودَ كُلَّهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهُ كُلَّهُ بَعْدَ السَّلَامِ وَاخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ يُسْجَدُ لِلنَّقْصِ قَبْلَ السَّلَامِ وَلِلزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَرُوِيَ التَّخْيِيرُ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يَعْنِي إنْ شَاءَ سَجَدَ قَبْلُ أَوْ بَعْدُ كَانَ السَّبَبُ زِيَادَةً أَوْ نُقْصَانًا أَوْ هُمَا مَعًا وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ، انْتَهَى.

وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْقَوْلَ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَبْلِيِّ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ السُّجُودِ الْبَعْدِيِّ وَالسُّجُودِ الْقَبْلِيِّ قَالَ: فَالْأَوَّلُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَالثَّانِي فِي كَوْنِهِ قَبْلَهُ أَوْ تَخْيِيرَهُ رِوَايَةُ الْمَشْهُورِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ إنَّمَا هُوَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ رِوَايَةً فَتَصِيرُ الْأَقْوَالُ بِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ ثَلَاثَةً فَإِذَا اجْتَمَعَ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ، فَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: لَا خِلَافَ أَنَّ أَحَدَ السَّهْوَيْنِ دَاخِلٌ فِي الْآخَرِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يُغَلَّبُ فَالْمَشْهُورُ تَغْلِيبُ النُّقْصَانِ وَأَنَّهُ يَسْجُدُ لَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ تَغْلِيبَ الزِّيَادَةِ وَأَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَنَحْوُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ يَسْجُدُ لَهُمَا سُجُودَيْنِ قَبْلُ وَبَعْدُ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ مُوَافِقٌ لِدَلِيلِ الْعَقْلِ.

[فَرْعٌ سَهَا فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ نَسِيَ سَهْوَهُ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي رَسْمِ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ مَنْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ نَسِيَ سَهْوَهُ فَلَا يَدْرِي أَقَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَلْيَسْجُدْ قَبْلَهُ ابْنُ رُشْدٍ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ النُّقْصَانِ عَلَى حُكْمِ الزِّيَادَةِ كَمَا غَلَبَ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا لِكَوْنِهِ أَحَقُّ بِالْمُرَاعَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْجَلَّابِ وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ سَهَا وَلَمْ يَدْرِ زَادَ أَمْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ قَبْلَ السَّلَامِ

وَقَوْلُهُ سَجْدَتَانِ هَذَا نَائِبُ الْفَاعِلِ بِقَوْلِهِ سُنَّ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَكَوْنُهُ سَجْدَتَيْنِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فَلَا تُجْزِئُ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ وَلَا تَجُوزُ الثَّلَاثُ فَلَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ السَّلَامِ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى فَإِنْ سَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ إنَّمَا سَجَدَ وَاحِدَةً سَجَدَ سَجْدَةً أُخْرَى وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ سَجَدَ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ سَهْوًا فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ قَبْلَ السَّلَامِ فَقَدْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ سَجْدَةً فَلْيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدُ وَإِنْ كَانَ سُجُودُهُ بَعْدَ السَّلَامِ أَجْزَأَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي سَيَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ وَهِيَ قَوْلُهَا مَنْ شَكَّ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَلَمْ يَدْرَأْ وَاحِدَة سَجَدَ أَوْ اثْنَتَيْنِ: سَجَدَ سَجْدَةً وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ لِسَهْوِهِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا وَهُوَ كَذَلِكَ وَجَرَتْ عَادَةُ شَيْخِنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ يَقُولُ غَيْرَ مَا مَرَّةٍ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ فِي قَوْلِهِ: إنَّ الْحُكْمَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَعْدِيِّ وَأَمَّا الْقَبْلِيُّ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَسْأَلَةُ اللَّخْمِيِّ إنَّمَا هِيَ صُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ إذَا سَجَدَ لِسَهْوِهِ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ تَحْقِيقًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ فَرَأْيُ مُحَمَّدٍ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ بِمِثْلِهِ فِي الْبَعْدِيِّ وَفِي الْقَبْلِيِّ يَسْجُدُ بَعْدَ سَلَامِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ انْتَهَى.

وَمَا قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ، فَيَكُونُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ مُخَالِفًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ أَوْ كَالصَّرِيحِ وَنَصُّهُ وَلَوْ شَكَّ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا سَجَدَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَهْوٍ سَهَا فِيهِمَا، انْتَهَى وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ يُونُسَ

وَقَوْلُهُ قَبْلَ سَلَامِهِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ السَّهْوِ بِالزِّيَادَةِ وَالسَّهْوِ بِالنُّقْصَانِ وَدَلِيلُهُ فِي الزِّيَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>