عَنْ مِقْدَارِ ثَلَاثِ كَفَّارَاتٍ، وَيُكْمِلُ الرَّابِعَةَ، وَسَوَاءٌ نَوَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَدَدًا مِنْ الْمِائَةِ أَوْ نَوَى أَنَّ الْمِائَةَ وَالثَّمَانِينَ عَنْ الْأَرْبَعَةِ، وَلَمْ يُشَرِّكْ فِي كُلِّ مِسْكِينٍ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ مِقْدَارِ ثَلَاثِ كَفَّارَاتٍ، فَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ سَقَطَ حَظُّهَا إنْ كَانَ بَيَّنَهُ سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا لِغَيْرِهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ رُبْعُ الْمِائَةِ وَالثَّمَانِينَ، وَلَوْ نَوَى لِوَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ عَدَدًا، وَالْأُخْرَى غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ، وَأَقَلُّ، وَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ جَعَلَ لَهَا الْأَكْثَرَ قَالَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَوْلُهُ إنَّهُ إنْ شَرَّكَ فِي كُلِّ مِسْكِينٍ لَا يُجْزِئُ يَعْنِي إذَا لَمْ تُعْرَفْ أَعْيَانُ الْمَسَاكِينِ، وَلَوْ عُرِفَتْ لَنَظَرَ إلَى مَا يَقَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيُكْمِلُ تَمَامَ الْمُدِّ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابٌ اللِّعَانُ]
ص (بَابٌ) (إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا نَصَّ فِي حُكْمِهِ ابْنُ عَاتٍ لَاعَنَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَرَدْتُ إحْيَاءَ سُنَّةٍ قَدْ دَثَرَتْ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِنَفْيِ نَسَبٍ وَجَبَ، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ بِتَرْكِ سَبَبِهِ فَإِنْ وَقَعَ صِدْقًا، وَجَبَ لِوُجُوبِ دَفْعِ مَعَرَّةِ الْقَذْفِ، وَحْدَهُ، ثُمَّ وَجَدْتُ نَحْوَهُ فِي سِرَاجِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ قُلْتُ فِي الْجَوَاهِرِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ، وَنَصُّهُ الزَّوْجُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي الْقَذْفِ إلَّا فِي أُمُورٍ مِنْهَا أَنَّهُ قَدْ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ، وَقَدْ يَجِبُ لِضَرُورَةِ دَفْعِ النَّسَبِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي اللُّبَابِ: حُكْمُهُ الْجَوَازُ لِحَدِيثِ عُوَيْمِرٍ انْتَهَى، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ: قَوْلُ ابْنِ الْهِنْدِيِّ سُنَّةٌ قَدْ أُمِيتَتْ يَعْنِي صِفَةَ اللِّعَانِ، وَقَدْ أَغْنَى اللَّهُ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُرْآنِ، وَالسِّتْرُ أَوْلَى، وَإِنَّمَا تَسَتَّرَ بِهَذَا الْكَلَامِ حِينَ عُوتِبَ، وَقَدْ وَقَعَ فِي زَمَنِ الْأَمِيرِ يَحْيَى بِجَامِعِ الزَّيْتُونَةِ، ثُمَّ وَقَعَ مَرَّةً أُخْرَى، وَلَا غَرَابَةَ فِي وُقُوعِ سَبَبِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِكَثْرَةِ الْمَفَاسِدِ، فَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا، وَمَا بَطَنَ، وَقَالَ فِي الطِّرَازِ: كَانَتْ مُلَاعَنَتُهُ إيَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِقُرْطُبَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
ص (أَوْ فِسْقًا أَوْ رِقًّا لَا كُفْرًا)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ:، وَاللِّعَانُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ كَانَا أَوْ مَمْلُوكَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ مَحْدُودَيْنِ أَوْ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ إلَّا الْكَافِرَيْنِ فَلَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا، فَأَمَّا الْأَمَةُ، وَالْكِتَابِيَّةُ فَلَا يُلَاعِنُ الزَّوْجُ فِي قَذْفِهِمَا بِغَيْرِ رُؤْيَةٍ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا إذْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُمَا، وَيُلَاعِنُ فِيهِمَا إنْ أَحَبَّ إذَا نَفَى حَمْلًا أَوْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً أَوْ ادَّعَى رُؤْيَةً لَمْ يَمَسَّ بَعْدَهَا لِخَوْفِ الْحَمْلِ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُلَاعِنَ فِي قَذْفِهِمَا لِيُحَقِّقَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا لَمْ أَمْنَعْهُ انْتَهَى قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ كَانَا مَمْلُوكِينَ كَأَنَّهُ يَقُولُ يُلَاعِنُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ الْعَبْدُ، وَلَا الْمَحْدُودُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ اسْتَثْنَاهُمْ مِنْ الشُّهَدَاءِ، وَقَوْلُهُ إلَّا الْكَافِرَيْنِ ابْنُ يُونُسَ ذَكَرَ أَنَّ أَبَا عِمْرَانَ قَالَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ إذَا تَرَاضَوْا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَنَكَلَتْ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تُرْجَمُ، وَعَلَى مَا قَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ: لَا تُرْجَمُ؛ لِأَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ الْحَدَّ كَالْمُتلَاعِنَيْنِ قَبْلَ الْبِنَاءِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: لَا كَافِرَيْنِ إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمَا إلَيْنَا، وَهَلْ تُرْجَمُ الْمَرْأَةُ إنْ نَكَلَتْ أَوْ تُحَدُّ قَوْلَانِ انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَشَرْطُ وُجُوبِهِ أَيْ اللِّعَانِ عَلَى الزَّوْجَةِ إسْلَامُهَا، وَعَلَى الزَّوْجِ فِي قَذْفِهِ دُونَ حِلِّ نَفْيِ إسْلَامِهَا، وَحُرِّيَّتِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ، وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ، وَلَاعَنَتْ الذِّمِّيَّةُ بِكَنِيسَتِهَا، وَلَمْ تُجْبَرْ (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَأَمَّا الْأَمَةُ، وَالْكِتَابِيَّةُ فَلَا يُلَاعِنُ الزَّوْجُ فِي قَذْفِهِمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: أَيْ لَا يَلْزَمُهُ لِعَانُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي، وَيُلَاعِنُ فِيهِمَا إنْ أَحَبَّ انْتَهَى، وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُلَاعِنْ لَا يُؤَدَّبُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَقُولُ، وَحُكْمُهُ رَفْعُ الْحَدِّ، وَالْأَدَبِ فِي الْأَمَةِ، وَالذِّمِّيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا)
ش: لَمَّا ذَكَرَ مَنْ يُلَاعِنُ، وَمَنْ لَا يُلَاعِنُ أَخَذَ يَذْكُرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute