أَسْبَابَ اللِّعَانِ، فَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْقَذْفِ بِالزِّنَا، فَقَالَ: إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا يُرِيدُ سَوَاءٌ كَانَ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْقَصَّارِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَغَيْرُهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إذَا قَذَفَ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبْرِ لَاعَنَ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُلَاعِنُ، وَبَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ اللِّوَاطَ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ بِهِ مَعَرَّةٌ انْتَهَى، وَشَرَطَ فِيهِ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنْ تَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَإِنْ لَمْ تَرْفَعْ فَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّهَا، ثُمَّ إنْ لَمْ يَبْلُغْ رَمْيُهُ لَهَا الْحَاكِمَ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ بَلَغَهُ حُدَّ إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَشَرَطَ فِيهِ أَنْ تَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ، فَلَوْ لَمْ تَرْفَعْهُ فَلَا لِعَانَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ لِعَانَهُمَا مِنْ حَقِّهَا، وَإِنَّمَا يَبْقَى النَّظَرُ هَلْ يُلَاعِنُ الزَّوْجُ أَوْ يُحَدُّ الْقَذْفَ؟ ، وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ فِي تَلَاعُنِهِمَا مَعًا، فَإِذَا انْتَفَى ذَلِكَ الشَّرْطُ انْتَفَى تَلَاعُنُهُمَا، وَلَا يَلْزَمُ انْتِفَاءُ تَلَاعُنِهِ هُوَ انْتَهَى، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِزِنًا مَا إذَا رَمَاهَا بِغَيْرِ الزِّنَا، وَاخْتُلِفَ إذَا عَرَضَ لَهَا هَلْ يَجِبُ اللِّعَانُ أَمْ لَا، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ اللِّعَانَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ: وَعَلَى الْمَعْرُوفِ فِي حَدِّهِ بِهِ كَأَجْنَبِيٍّ أَوْ تَأْدِيبِهِ نَقَلَ مُحَمَّدٌ، وَقَوْلُ أَشْهَبَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ صَرَّحَ بَعْدَ تَعْرِيضِهِ لَاعَنَ انْتَهَى، وَنَقَلَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا رَمَاهَا بِزِنًا طَوْعًا فَإِنْ رَمَاهَا بِغَصْبٍ فَيَأْتِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَانْتَفَى بِهِ مَا وُلِدَ لِسِتَّةٍ، وَإِلَّا لَحِقَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ)
ش: يَعْنِي أَنَّ اللِّعَانَ إذَا كَانَ لِرُؤْيَةٍ فَتَارَةً يَدَّعِي الزَّوْجُ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، فَإِنَّ الْوَلَدَ يَنْتَفِي بِذَلِكَ اللِّعَانِ، وَادَّعَى ابْنُ رُشْدٍ فِي ذَلِكَ الْإِجْمَاعَ، وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ، فَإِنْ أَتَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ، فَأَكْثَرَ انْتَفَى الْحَمْلُ، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَ بِهِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ إنَّمَا كَانَ لِلرُّؤْيَةِ، وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، وَنَصُّهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِذَا لَاعَنَ عَلَى الرُّؤْيَةِ، وَادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ انْتَفَى الْوَلَدُ بِإِجْمَاعٍ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute