للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي جَوَابِ دَعْوَى الْقِصَاصِ عَلَى الْعَبْدِ وَدَعْوَى الْأَرْشِ عَلَى السَّيِّدِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ مُخْتَصَرِهِ وَحَاصِلُهُ كَمَا قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي بَدَنِهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قَطْعٍ يَلْزَمُهُ وَمَا كَانَ فِي رَقَبَتِهِ فَلَا إقْرَارَ لَهُ يُرِيدُ إلَّا الْمَأْذُونَ فَإِنَّ إقْرَارَهُ فِي مَالِهِ جَائِزٌ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ أَوَّلُ الْإِقْرَارِ وَالشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ الصَّغِيرَ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ جَنَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهِ بِالْأَصَالَةِ فَلَا يُقَالُ يَكُونُ لَهُ رَهْنًا بِالْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ حَاصِلٍ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ وَعَلَى أَجْنَبِيٍّ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي أَنْ يَفْتِكَهُ كُلَّهُ بِدِيَةِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَبَيْنَ إسْلَامِهِ كُلِّهِ فِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا يُقَاصُّهُ بِجِنَايَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ وَقَاسَ عَلَيْهِ أَشْهَبُ عَبْدَ الْمَرْأَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ يَضْرِبُ بَطْنَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا. أَنَّ الْمَرْأَةَ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ أَنْ تَدْفَعَ إلَى زَوْجِهَا مَا يُصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ الْجَنِينِ وَتَحْبِسُ الْعَبْدَ وَبَيْنَ أَنْ تَدْفَعَ جَمِيعَ الْعَبْدِ.

قَالَ: وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْعَبْدِ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى سَيِّدَتِهِ كَجِنَايَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَعَلَى أَجْنَبِيٍّ مَعَهُ انْتَهَى.

ص (خُيِّرَ الْوَلِيُّ)

ش: يَعْنِي يُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ الْعَبْدَ أَوْ يَسْتَحْيِيَهُ فَإِنْ اخْتَارَ الْعَبْدُ الْقَتْلَ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ اسْتَحْيَاهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ فَإِنْ اخْتَارَ سَيِّدُهُ فِدَاءَهُ فَإِنَّهُ يَفْدِيه بِدِيَةِ الْحُرِّ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ جِنَايَاتِ الْعَبِيدِ مِنْهَا وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ وَهَذَا الْكَلَامُ لَا إشْكَالَ فِيهِ عَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ فِي الْحُرِّ يَقْتُلُ الْحُرَّ أَنَّ لِوُلَاةِ الدَّمِ أَنْ يَقْتُلُوهُ أَوْ يُلْزِمُوهُ الدِّيَةَ وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي يَقُولُ لَيْسَ لَهُمْ عَلَى الْقَاتِلِ إلَّا الْقَتْلُ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُلْزِمُوهُ الدِّيَةَ فَقَدْ يُفَرَّقُ لَهُ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي مَسْأَلَةِ الْحُرِّ هُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ وَلَهُ فِي التَّمَسُّكِ بِمَالِهِ غَرَضُ إرَادَةِ غِنَى وَرَثَتِهِ بَعْدَهُ وَالْمَطْلُوبُ هُنَا غَيْرُ الْقَاتِلِ وَهُوَ السَّيِّدُ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ يَخْتَارُهُمَا وَلِيُّ الدَّمِ بَلْ لَهُ إنْ اخْتَارَ الْوَلِيُّ الِاسْتِحْيَاءَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِمَّا هُوَ أَخَفُّ إنْ شَاءَ سَلَّمَ الْعَبْد وَإِنَّ شَاءَ دَفَعَ دِيَتَهُ انْتَهَى.

وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَخْيِيرَ وَلِيِّ قَتِيلِ الْعَبْدِ فِي قَتْلِهِ وَاسْتِحْيَائِهِ جَارِيًا عَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ فِي جَبْرِ الْحُرِّ عَلَى الدِّيَةِ غَيْرَ جَارٍ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ وَأَجَابَ بِأَنَّ جَبْرَ الْحُرِّ عَلَى الدِّيَةِ يَضُرُّ بِهِ لِأَنَّ لَهُ وَارِثًا قَدْ يُرَجِّحُ مَصْلَحَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْمَطْلُوبُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ غَيْرُ الْقَاتِلِ وَهُوَ السَّيِّدُ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ يَخْتَارُهُمَا الْوَلِيُّ انْتَهَى.

(قُلْت) قَوْلُهُ الْمَطْلُوبُ فِي مَسْأَلَة الْعَبْدِ غَيْرُ صَحِيحٍ ضَرُورَةً إذْ لَا طَلَبَ عَلَيْهِ بِحَالٍ فَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحُرَّ يُجْبَرُ عَلَى أَمْرٍ يَتَكَلَّفُهُ وَهُوَ الدِّيَةُ وَالْعَبْدُ لَا يُكَلَّفُ بِشَيْءٍ وَبِأَنَّ لِلْوَلِيِّ حُجَّةٌ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ أَنَفَتُهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي دَمِ وَلِيِّهِ دَمَ عَبْدٍ وَهُوَ لَا يُكَافِئُهُ انْتَهَى.

أَمَّا تَفْرِقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ الْأُولَى فَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ حَذْفِهِ مِنْهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْقَاتِلُ وَفِي الثَّانِيَةِ غَيْرُ الْقَاتِلِ وَهُوَ السَّيِّدُ وَرُدَّ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كَلَامِهِ هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا فُهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ (الْمَطْلُوبُ) الْمَطْلُوبُ بِالدَّمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يُرِدْ هَذَا لِوُضُوحِهِ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَ الْقَوَدُ وَإِنَّمَا عَنَى بِالْمَطْلُوبِ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ الْمَالُ فَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْحُرِّ الْقَاتِلُ وَفِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِإِسْلَامِ الْعَبْدِ أَوْ فِدَائِهِ وَهُوَ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ إسْلَامَهُ لِوَلِيِّ الدَّمِ مِلْكًا مُسَاوٍ لِقَتْلِهِ وَهُوَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ عِنْدَ قَوْلِهِ كَذِي الرِّقِّ فَرَاجِعْهُ.

وَتَفْرِقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ الثَّانِيَةُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَصِحُّ لَوْ كَانَ هَذَا الْحُكْمُ أَيْ تَخْيِيرُ الْوَلِيِّ خَاصًّا بِمَا إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحُكْمَ عَامٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ قَتْلِ الْعَبْدِ عَمْدًا وَاخْتُلِفَ هَلْ تَكُونُ الدِّيَةُ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُنَا فِي قَتْلِ الْعَبْدِ عَمْدًا وَاخْتُلِفَ هَلْ تَكُونُ الدِّيَةُ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ اصْطِدَامِ الْعَبْدِ مَعَ الْحُرِّ تَدُلُّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>