للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ لِذِي هَيْئَةٍ)

ش: قَالَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ: وَسَأَلْتُهُ عَمَّنْ يُدْعَى إلَى الْوَلِيمَةِ وَفِيهَا إنْسَانٌ يَمْشِي عَلَى الْحَبْلِ وَآخَرُ يَجْعَلُ فِي جَبْهَتِهِ خَشَبَةً ثُمَّ يَرْكَبُهَا إنْسَانٌ.

فَقَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَأْتِيَ قِيلَ فَإِنْ دَخَلَ ثُمَّ عَلِمَ بِذَلِكَ أَيَخْرُجُ، قَالَ: نَعَمْ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: ١٤٠] ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اللَّعِبُ فِي الْوَلِيمَةِ هُوَ مِنْ نَاحِيَةِ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ هَلْ الرُّخْصَةُ فِيهِ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ أَوْ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، فَقَالَ أَصْبَغُ فِي سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ: إنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ وَأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ عَمَلُهُ وَلَا حُضُورُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَمَلَهُ وَحُضُورَهُ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ سَلَفٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ خِلَافُ قَوْلِ أَصْبَغَ إلَّا أَنَّهُ كَرِهَ لِذِي الْهَيْئَةِ أَنْ يَحْضُرَ اللَّعِبَ، انْتَهَى.

وَسَيَأْتِي مَا فِي الرَّسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا الْغِرْبَالِ.

ص (وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ تَرَدُّدٌ)

ش: أَشَارَ لِقَوْلِ الْبَاجِيِّ لَا نَصَّ لِأَصْحَابِنَا وَفِي الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ تَقْتَضِي الْقَوْلَيْنِ اهـ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ يُجِيبُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ، قَالَ: وَهُوَ نَصٌّ فِقْهِيٌّ وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي.

وَقَالَ: يُعْتَرَضُ بِقَوْلِ الرِّسَالَةِ وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ، انْتَهَى. وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّانِيَ نَصٌّ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ فِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْإِتْيَانِ إلَى الْوَلِيمَةِ، فَقَالَ: أَرَى أَنْ يَأْتِيَهَا فَقِيلَ لَهُ رُبَّمَا كَانَ الزِّحَامُ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ لِمَوْضِعِهِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ الزِّحَامُ فَإِنِّي أَرَى لَهُ سَعَةً فَقِيلَ لَهُ فَيُجِيبُ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا، قَالَ: نَعَمْ أَرَى أَنْ يُجِيبَ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ أَرَى أَنْ يُجِيبَ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ يُرِيدُ أَنَّ الْإِجَابَةَ تَلْزَمُهُ كَانَ صَائِمًا أَوْ مُفْطِرًا فَإِنْ كَانَ صَائِمًا صَلَّى كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَيْ دَعَا وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِوَاجِبٍ أَنْ يَأْكُلَ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ وَيُنْدَبُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَكْلِ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ عِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِدَلِيلِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثٍ آخَرَ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» وَأَهْلُ الظَّاهِرِ يُوجِبُونَ عَلَيْهَا الْأَكْلَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْحَدِيثَيْنِ أَوْلَى مِنْ إطْرَاحِ أَحَدِهِمَا ا، هـ (نُكْتَةٌ) عَجِيبَةٌ أَخْبَرَنِي سَيِّدِي الْوَالِدُ حَفِظَهُ اللَّهُ عَنْ بَعْضِ مَنْ قَرَأَ الرِّسَالَةَ أَنَّهُ، قَالَ: كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ أَنْ تَأْخُذَ كُلَّ لُقْمَةٍ كَالْخِيَارَةِ وَهُوَ فَهْمٌ غَرِيبٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيهٌ أَنْوَاع الْأَطْعِمَةِ فِي بَعْضِ الْأَعْرَاسِ أَوْ الْوَلَائِمِ أَوْ الْأَعْيَادِ]

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا يُفْعَلُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ فِي بَعْضِ الْأَعْرَاسِ أَوْ الْوَلَائِمِ أَوْ الْأَعْيَادِ مِنْ طَعَامٍ رَفِيعٍ أَوْ حَلَاوَةٍ وَقَصْدِ بَعْضِ النَّاسِ بِهَا الْمُفَاخَرَةَ وَعَرْضِهِ فَقَطْ لَا أَكْلِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْضُرَ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ أَكْلِهِ فَإِنْ حَضَرَ لِضَرُورَةٍ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ إلَّا قَدْرَ مَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُ صَاحِبِهِ عَلَى الْعَادَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْإِفْدَاحُ فِي الْأَكْلِ مِنْهُ إذَا لَمْ يُصْنَعْ لِذَلِكَ، انْتَهَى.

وَقَالَ قَبْلَهُ: إذَا قُدِّمَ الطَّعَامُ لِضِيَافَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ إلَّا قَدْرَ مَا يَأْتِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى جَارِهِ فِي نَصِيبِهِ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَكَذَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ كَثِيرًا أَوْ أَكَلَ أَكْلًا خَارِجًا عَنْ الْمُعْتَادِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ اسْتِئْذَانِ رَبِّ الطَّعَامِ لَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالِازْدِرَادِ فَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ إلَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْعَادَةِ وَلَا يُطْعِمُ مِنْهُ هِرًّا وَلَا غَيْرَهَا إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهِ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالتَّمْكِينِ فَيَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ الْهِرَّ وَنَحْوَهَا وَنَصَّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْقَرَافِيُّ فِي آخِرِ شَرْحِهِ لِلتَّنْقِيحِ لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُعْطِيَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَ الِانْتِفَاعَ فِي نَفْسِهِ خَاصَّةً لَا عُمُومَ مَنْفَعَةِ الطَّعَامِ فِي كَمَالِ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الْحَبْسِ. وَبَلَغَنِي عَنْ الشَّيْخِ الصَّالِحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>