إجْرَاءَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ مُشْكِلٌ فَتَأَمَّلْهُ فَتَحْصُلُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ مِنْ الِاقْتِدَاءِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ الرَّاجِحُ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ فِيمَا نَقَلَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى نَقْلِ كَلَامِهِ فَقَطْ وَنَصَّهُ فِي شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ الصَّقَلِّيِّ وَفِي الْمَنْسِيِّ اتِّحَادُ يَوْمِهَا انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِذَا كَانَ عَلَى رَجُلَيْنِ ظُهْرَانِ فَإِنْ كَانَ مِنْ يَوْمَيْنِ لَمْ يَأْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَيُخْتَلَفُ إنْ فَعَلَا هَلْ يُجْزِئُ الْمَأْمُومَ أَمْ لَا؟ وَإِنْ كَانَا مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ جَازَ انْتَهَى.
ص (إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَنْعَ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ مَا نَصَّهُ الْمَازِرِيُّ، وَعَكْسُهُ جَائِزٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ أَوْ فِي السَّفَرِ انْتَهَى. وَالتَّنَفُّلُ بِأَرْبَعٍ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا ذَكَرَ فِي قَوَاعِدِهِ أَنَّ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِ النَّافِلَةِ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي التَّلْقِينِ وَالِاخْتِيَارِ فِي النَّفْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ النَّافِلَةِ مَا نَصُّهُ: وَصَلَاةُ النَّافِلَةِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى، قَالَ ابْنُ نَاجِي هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَعَدَدُ النَّوَافِلِ رَكْعَتَانِ لَيْلًا وَنَهَارًا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ إلَى مَذْهَبِ الْمُخَالِفِ فِي جَوَازِ مَثْنَى مَثْنَى وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ يَعْنِي السُّنَّةَ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ انْتَهَى، وَانْظُرْ اللَّخْمِيَّ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ الْأُوَلِ، أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَفِيفٌ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، وَقَدْ قَالَ سَنَدٌ فِي أَوَاخِرِ فَصْلِ الصِّيَامِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ فِيمَنْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ مَعَ الْإِمَامِ وَنِيَّتُهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي بَيْتِهِ: إنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ الْوِتْرَ، ثُمَّ يَشْفَعَ بِأُخْرَى، قَالَ وَلَا يَضُرُّهُ جُلُوسُهُ عَلَى رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِحُكْمِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ كَمَا يَتَنَفَّلُ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ فَيُصَلِّي أَرْبَعًا بِحُكْمِ الْمُتَابَعَةِ انْتَهَى.
[فَرْعٌ ائْتِمَامِ نَاذِرِ رَكْعَتَيْنِ بِمُتَنَفِّلٍ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَازِرِيُّ تَرَدَّدَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي ائْتِمَامِ نَاذِرِ رَكْعَتَيْنِ بِمُتَنَفِّلٍ وَخَرَّجَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَلَى إمَامَةِ الصَّبِيِّ وَرُدَّ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ انْتَهَى.
ص (كَالْعَكْسِ)
ش: يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَائِلِ: إنَّ الْإِمَامَ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ عُذْرٌ، وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ وَأَتَمَّ الْمَأْمُومُونَ أَفْذَاذًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومِينَ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُتِمُّوا أَفْذَاذًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمُتَابَعَةٌ فِي إحْرَامٍ وَسَلَامٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ (فَائِدَةٌ) تَقَدَّمَ فِي فَرَائِضِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَجَهَرَ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ فَقَطْ عَنْ النَّوَادِرِ وَالْقَاضِي عِيَاضٍ: إنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَجْزِمَ تَحْرِيمَهُ وَتَسْلِيمَهُ وَلَا يَمْطُطْهُمَا لِئَلَّا يَسْبِقَهُ بِهِمَا مَنْ وَرَاءَهُ، وَمَعْنَى الْجَزْمِ الِاخْتِصَارُ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَيَخْطَفُ الْإِمَامُ إحْرَامَهُ وَسَلَامَهُ لِئَلَّا يُشَارِكَهُ الْمَأْمُومُ فَتَبْطُلَ صَلَاتُهُ.
(قُلْت) وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا فِقْهُ الْإِمَامِ وَثَانِيَتُهَا تَقْصِيرُ الْجُلُوسِ الْوَسَطُ وَثَالِثَتُهَا دُخُولُ الْإِمَامِ الْمِحْرَابَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِقَامَةِ انْتَهَى مِنْ شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَرْفَعُ أَحَدٌ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ.
[فَرْعٌ وَيُحْرِمُ الْإِمَامُ بَعْدَ اسْتِوَاءِ الصُّفُوفِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ وَيُحْرِمُ الْإِمَامُ بَعْدَ اسْتِوَاءِ الصُّفُوفِ وَيَرْفُقُ بِهِمْ وَيُشْرِكُهُمْ فِي دُعَائِهِ، قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِهِ أَمَّا إحْرَامُهُ بَعْدَ اسْتِوَاءِ الصُّفُوفِ فَمُسْتَحَبٌّ، فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَرَكَ الْمُسْتَحَبَّ فَقَطْ، وَأَمَّا رِفْقُهُ بِهِمْ فَلِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ وَأَمَرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يُشْرِكَهُمْ فِي دُعَائِهِ، وَرُوِيَ " إنْ لَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهِ فَقَدْ خَانَهُمْ " انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق أَيْضًا - خَاتِمَةٌ - مِنْ جَهْلِ الْإِمَامِ الْمُبَادَرَةُ لِلْمِحْرَابِ قَبْلَ تَمَامِ الْإِقَامَةِ وَالتَّعَمُّقُ فِي الْمِحْرَابِ بَعْدَ دُخُولِهِ وَالتَّنَفُّلُ بِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَكَذَا الْإِقَامَةُ بِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا خِلَافَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الدُّعَاءِ خَلْفَ الصَّلَاةِ فَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -