للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أَسْمَعُ الدُّعَاءِ جَوْفُ اللَّيْلِ وَإِدْبَارُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ» .

وَخَرَّجَ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «لَا يَجْتَمِعُ قَوْمٌ مُسْلِمُونَ فَيَدْعُو بَعْضُهُمْ وَيُؤَمِّنُ بَعْضُهُمْ إلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى دُعَاءَهُمْ» ، وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ كَوْنَ الدُّعَاءِ بَعْدَهَا عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَعْهُودَةِ مِنْ تَأْمِينِ الْمُؤَذِّنِ بِوَجْهٍ خَاصٍّ وَأَجَازَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ، وَقَدْ أَلَّفَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ فِيهِ وَرَامَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَصْحَابُهُ الرَّدَّ عَلَيْهِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ، وَذَكَرَ ابْنُ نَاجِي الْكَرَاهَةَ عَنْ الْقَرَافِيِّ.

ثُمَّ قَالَ وَاسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِأَفْرِيقِيَّةِ، وَكَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِيتُهُ يَنْصُرُهُ، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْجَامِعِ وَسُئِلَ عِزُّ الدِّين عَنْ الْمُصَافَحَةِ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ أَمُسْتَحَبَّةٌ أَمْ لَا؟ وَالدُّعَاءُ عَقِيبَ السَّلَامِ مُسْتَحَبٌّ لِلْإِمَامِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَمْ لَا؟ وَعَلَى الِاسْتِحْبَابِ فَهَلْ يَلْتَفِتُ وَيَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ أَمْ يَدْعُو مُسْتَقْبِلًا لَهَا؟ وَهَلْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ أَوْ يَخْفِضُ؟ وَهَلْ يَرْفَعُ الْيَدَ أَمْ لَا فِي غَيْرِ الْمَوَاطِنِ الَّتِي ثَبَتَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَهُ فِيهَا؟ (فَأَجَابَ) الْمُصَافَحَةُ عَقِيبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ مِنْ الْبِدَعِ إلَّا لِقَادِمٍ يَجْتَمِعُ بِمَنْ يُصَافِحُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُصَافَحَةَ مَشْرُوعَةٌ عِنْدَ الْقُدُومِ، وَكَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَأْتِي بَعْدَ السَّلَامِ بِالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ وَيَسْتَغْفِرُ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: «رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ» .

وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَقَدْ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْصَرِفَ عَقِبَ السَّلَامِ انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي الْمُغْنِي: قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: إذَا نَزَلَ بِالنَّاسِ نَائِبَةٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ بِالدُّعَاءِ وَرَفْعِ الْأَيْدِي انْتَهَى.

ص (لَا الْمُسَاوَقَةُ)

ش: قَالَ الشَّارِحُ: الْمُسَاوَقَةُ أَنْ تَكُونَ أَفْعَالُ الْمَأْمُومِ تَابِعَةً لِأَفْعَالِ الْإِمَامِ وَمِنْهُمْ مِنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالْمُلَاحَقَةِ انْتَهَى. وَيُشِيرُ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَيَانِ، وَنَصُّهُ: وَإِنْ ابْتَدَأَهُ بَعْدَهُ فَأَتَمَّهَا مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يُحْرِمَ الْمَأْمُومُ حَتَّى يَسْكُتَ الْإِمَامُ قَالَهُ مَالِكٌ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: إذَا لَمْ يَسْبِقْهُ إمَامُهُ بِحَرْفٍ بَطَلَتْ، ثُمَّ قَالَ قُلْت مَفْهُومُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ: إنْ بَدَأَ بَعْدَ بَدْئِهِ التَّكْبِيرَ صَحَّ، وَإِنْ أَتَمَّ مَعَهُ، وَعُمُومُ مَفْهُومِ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنْ لَمْ يَسْبِقْهُ إمَامُهُ بِحَرْفٍ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ فِي التَّمَامِ، وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ كُلُّ التَّكْبِيرِ لَا بَعْضُهُ انْتَهَى.

قَوْلُهُ: وَتَأَخَّرَ عَنْهُ أَيْ تَأَخَّرَ عَنْ الْإِمَامِ الْمَأْمُومُ فِي التَّمَامِ وَمَا قَالَهُ مِنْ الْبُطْلَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْبِسَاطِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا أَتَمَّهَا قَبْلَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بَعْدَهُ كَافٍ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي الْجَلَّابِ إنْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ فِي أَضْعَافِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ لَمْ يُجِزْهُ انْتَهَى.

ص (لَكِنَّ سَبْقَهُ مَمْنُوعٌ)

ش: قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الصَّلَاةِ: الْمَنْصُوصُ عِنْدَنَا إنْ سَبَقَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ بِفِعْلِ الرُّكْنِ وَعَقَدَهُ قَبْلَهُ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَإِنْ كَانَ يَلْحَقُهُ الْإِمَامُ قَبْلَ كَمَالِهِ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ الصِّحَّةُ وَهِيَ عِنْدِي تَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَرَكَةِ إلَى الْأَرْكَانِ هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ لِنَفْسِهَا أَوْ لِغَيْرِهَا؟ فَلَا تُجْزِئُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي انْتَهَى. وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَتِهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَفْلَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي تَرْجَمَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ وَالْكَبِيرِ مَا نَصُّهُ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْأَعْمَى يُصَلِّي خَلْفَ الْإِمَامِ فَيَرْكَعُ قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ سُجُودِهِ وَيُسَبَّحُ بِهِ فَلَا يَفْطِنُ حَتَّى إذَا قَضَى صَلَاتَهُ أُخْبِرَ بِذَلِكَ، قَالَ يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ انْتَهَى.

وَمِنْ الْبُرْزُلِيِّ أَيْضًا فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مَسْأَلَةُ مَنْ ظَنَّ أَنَّ إمَامَهُ رَكَعَ فَرَكَعَ، ثُمَّ رَكَعَ إمَامُهُ فَمَنْ أَعَادَ رُكُوعَهُ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَقِيَ رَاكِعًا حَتَّى لَحِقَهُ الْإِمَامُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ، وَلَمْ يُعِدْ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ.

(قُلْت) لِأَنَّهُ عَقَدَ رُكْنًا فِي نَفْسِ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَهُ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَإِذَا رَكَعَ قَبْلَهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>