للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُصَنِّفُ انْتَهَى. فَانْظُرْ أَوَّلَ كَلَامِهِ وَآخِرَهُ كَيْفَ قَالَ: أَوَّلًا يُرِيدُ إذَا قَبِلَ الْعَبْدُ، وَقَالَ آخِرًا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُ مَالِكٍ بِإِلْزَامِ السَّيِّدِ الْعِتْقَ، وَالْعَبْدِ الْمَالَ فَفِي كَلَامِهِ تَدَافُعٌ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُتَقَدِّمَ: قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لَغْوٌ، وَقَالَ عِيَاضٌ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك كَذَا أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْك كَذَا هُمَا سَوَاءٌ يُعْتَقُ الْعَبْدُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ قُلْت فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ سَوَاءٌ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى. وَهُوَ الَّذِي حَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفَهِمَ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيه قَالَ السَّيِّد أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيَّ أَلْفًا]

(تَنْبِيهٌ) وَمِثْلُ قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ قَوْلُهُ: أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيَّ أَلْفًا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الثَّانِي: قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمَحْصُولُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ مَثَلًا وَعَلَيْك مِائَةُ دِينَارٍ أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْك مِائَةَ دِينَارًا وَعَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ أَنَّهُ حُرٌّ وَيُتْبَعُ بِالْمِائَةِ أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ وَلَمْ يَقُلْ السَّاعَةَ مَثَلًا فَفِي قَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْك يُعْتَقُ أَيْضًا وَيُتْبَعُ مِثْلُ الْأَوَّلِ، وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَدْفَعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبْتَلَ عِتْقُهُ إلَّا بَعْدَ دَفْعِ الْمَالِ انْتَهَى. وَمِثْلُهُ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَعِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَغَيْرُهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَقُلْ السَّاعَةَ وَلَكِنَّهُ أَرَادَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَلَفَّظَ بِهِ قَالَهُ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هَذَا شَرَحَهُ وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَخُيِّرَ الْعَبْدُ فِي الِالْتِزَامِ وَالرَّدِّ فِي حُرٍّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّيَ أَوْ إنْ أَعْطَيْت وَنَحْوَهُ)

ش: هَذِهِ هِيَ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ، وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ بِفِي وَنَحْوُهُ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيَّ أَوْ تُؤَدِّيَ إلَيَّ أَوْ تُعْطِيَنِي أَوْ تَجِيئَنِي بِكَذَا قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَنَحْوُهُ: إنْ أَعْطَيْت أَوْ أَدَّيْت أَوْ جِئْتنِي أَوْ إذَا أَوْ مَتَى، وَقَالَهُ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا خُيِّرَ الْعَبْدُ فِي الرَّدِّ وَالْقَبُولِ فَإِنْ رَدَّ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ قَبِلَ فَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَاءٍ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْهَا.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) لَا يُنَجَّمُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا

(الثَّانِي) قَالَ فِيهَا لَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُطَوِّلَ بِسَيِّدِهِ وَلَا لِلسَّيِّدِ أَنْ يُعَجِّلَ بَيْعَهُ إلَّا بَعْدَ تَلَوُّمِ السُّلْطَانِ بِقَدْرِ مَا يَرَى، وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيهِ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ (الثَّالِثُ) قَالَ فِيهَا أَيْضًا، وَإِنْ دَفَعَ الْأَلْفَ عَنْ الْعَبْدِ أَجْنَبِيٌّ أُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَى أَخْذِهَا وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَلَوْ دَفَعَ الْعَبْدُ ذَلِكَ مِنْ مَالٍ كَانَ بِيَدِ الْعَبْدِ فَقَالَ السَّيِّدُ: ذَلِكَ الْمَالُ لِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ هَهُنَا كَالْمُكَاتَبِ يَتْبَعُهُ مَالُهُ وَيَمْتَنِعُ السَّيِّدُ مِنْ كَسْبِهِ أَيْضًا انْتَهَى. (الرَّابِعُ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ إلَى سَنَةٍ فَقَبِلَ ذَلِكَ الْعَبْدُ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ حُرٌّ السَّاعَةَ أَوْ يَرِدْ ذَلِكَ لَمْ يَعْتُقْ الْعَبْدُ إلَّا بِالْأَدَاءِ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَتَلَوَّمُ لَهُ بَعْدَ مَحِلِّهِ فَإِنْ عَجَزَ رُقَّ، وَقَوْلُهُ: إنْ جِئْتَنِي بِكَذَا أَوْ إلَى أَجَلِ كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ مِنْ الْقَطَاعَةِ، وَمِنْ نَاحِيَةِ الْكِتَابَةِ وَيَتَلَوَّمُ لَهُ كَالْمُكَاتَبِ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَيُحَالُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَمَالِ الْعَبْدِ وَخَرَاجِهِ وَلَهُ أَنْ يَسْعَى فِيمَا لَزِمَ مِنْ الْمَالِ وَيَضْرِبَ لَهُ مِنْ الْأَجَلِ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ يُحْضِرُهُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ تَلَوَّمَ لَهُ وَلَا يُمَكَّنُ الْعَبْدُ أَنْ يُطَوِّلَ عَلَى السَّيِّدِ فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ كَانَ رَقِيقًا انْتَهَى.

(الْخَامِسُ) قَالَ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: إنْ أَعْطَيْتَنِي وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ هَلْ تَفْوِيضٌ فِي " إنْ وَإِذَا وَمَتَى " وَلِلْعَبْدِ ذَاكَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ لَهُ ذَلِكَ مَا دَامَ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ وَيَلْزَمُ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا سَبِيلَ إلَى بَيْعِهِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ وَلَا هِبَتِهِ حَتَّى يُوقَفَ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَيَثَاوَمُ لَهُ أَوْ يَعْجِزَهُ وَمِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَالِكٍ، وَفِي الْعُتْبِيَّة إنْ طَالَ الزَّمَانُ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ مَا جَاءَ بِهِ وَنَحْوُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>