للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلَّقَهَا بَعْدَ، وَضْعِ الْأَوَّلِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ إلَى آخِرِ مَا تَضَعُ انْتَهَى.

[مَسْأَلَةٌ ضُرِبَتْ الْمَرْأَةُ وَخَرَجَ بَعْضُ الْجَنِينِ وَهِيَ حَيَّةٌ ثُمَّ بَقِيَّتُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَهَلْ فِيهِ غُرَّةٌ أَمْ لَا]

(مَسْأَلَةٌ) إذَا ضُرِبَتْ الْمَرْأَةُ، وَخَرَجَ بَعْضُ الْجَنِينِ، وَهِيَ حَيَّةٌ، ثُمَّ بَقِيَّتُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَهَلْ فِيهِ غُرَّةٌ أَمْ لَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، وَعَلَيْهَا يَأْتِي الْخِلَافُ فِيمَا إذَا مَاتَ أَبُوهُ أَوْ طَلَّقَ فِي تِلْكَ الْحَالِ هَلْ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِ بَقِيَّتِهِ أَمْ لَا؟ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) إنَّمَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ إذَا كَانَ لَاحِقًا بِأَبِيهِ قَالَ فِي كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ، وَهُوَ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ فَظَهَرَ بِامْرَأَتِهِ حَمْلٌ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ، وَتُحَدُّ الْمَرْأَةُ، وَإِنْ مَاتَ هَذَا الصَّبِيُّ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا مِنْ الْمَوْتِ بِوَضْعِ حَمْلِهَا، وَعَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَعَشْرٌ مِنْ يَوْمِ مَاتَ، وَإِنَّمَا الْحَمْلُ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ الْحَمْلُ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ نَسَبُهُ مِنْ أَبِيهِ خَلَا الْمُلَاعِنَةِ خَاصَّةً، فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِالْوَضْعِ، وَإِنْ لَمْ يُلْحَقْ بِالزَّوْجِ، وَإِنْ مَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ انْتَهَى قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ، وَكَذَلِكَ الْمُخْتَلِعَةُ، وَالْمَنْعِيُّ لَهَا زَوْجُهَا، وَالْمُعْتَدَّةُ مِنْ وَفَاةٍ تَتَزَوَّجُ فَتَحْمِلُ مِنْ الْآخِرِ أَوْ تَكُونُ حَامِلًا مِنْ الْأَوَّلِ فَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنَّهُ تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا مِنْ الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يُلْحَقْ بِهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ زِنًا أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ صَغِيرًا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ أَوْ مَجْبُوبًا أَوْ وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ، وَلَا يُلْحَقُ انْتَهَى، وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلٍ إنْ طَرَأَ مُوجِبٌ بِعَدَمِ وَضْعِ حَمْلٍ أُلْحِقَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ غَيْرُهُ، وَبِفَاسِدٍ أَثَرُهُ، وَأَثَرُ الطَّلَاقِ لَا الْوَفَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِلَّا فَكَالْمُطَلَّقَةِ إنْ فَسَدَ)

ش: أَطْلَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْحُكْمَ، وَهُوَ خَاصٌّ بِالْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ فَمَنْ وَرَّثَهَا قَالَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَمَنْ لَمْ يُوَرِّثْهَا لَمْ يَرَ عَلَيْهَا شَيْئًا انْتَهَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ فَسْخُهُ بِطَلَاقٍ، وَفِيهِ الْإِرْثُ، فَعَلَيْهِ تَكُونُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَإِنْ دَخَلَ فَفِي اعْتِدَادِهَا بِالْأَشْهُرِ أَوْ الْأَقْرَاءِ قَوْلَانِ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ فِي الْمَرَضِ، ثُمَّ مَاتَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَقَالَ أَيْضًا، وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ هُنَا، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى الْمِيرَاثِ فَمَنْ وَرَّثَهَا قَالَ تَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَعَلَيْهَا الْإِحْدَادُ، وَمَنْ نَفَى الْمِيرَاثَ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ، وَعَلَيْهَا إنْ دَخَلَ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ، وَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا انْتَهَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْإِرْثُ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْمُجْمَعُ عَلَى فَسَادِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: حُكْمُهَا يَوْمَ وَفَاتِهِ حُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ هَذِهِ، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَالْوَاجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَثَلَاثُ حِيَضٍ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَحَيْضَتَانِ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِلَّا فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَعَشْرٌ)

ش: كَذَا فِي الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْآيَةِ مَنْصُوبٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَوْله تَعَالَى {وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] يُرِيدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْأَيَّامَ بِلَيَالِيِهَا، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ إنَّمَا أَتَتْ الْعَشَرَةُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُدَّةُ الْمَعْنَى، وَعَشْرُ مُدَدٍ كُلُّ مُدَّةٍ مِنْ يَوْمٍ، وَلَيْلَةٍ فَاللَّيْلَةُ مَعَ يَوْمِهَا مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ الدَّهْرِ، وَقِيلَ لَمْ يَقُلْ عَشْرَةً تَغْلِيبًا لِحُكْمِ اللَّيَالِيِ إذْ اللَّيْلَةُ أَسْبَقُ مِنْ الْيَوْمِ، وَالْأَيَّامُ فِي ضِمْنِهَا، وَعَشْرًا أَخَفُّ فِي اللَّفْظِ فَتُغَلَّبُ اللَّيَالِي عَلَى الْأَيَّامِ إذَا اجْتَمَعَتْ فِي التَّارِيخِ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الشُّهُورِ بِاللَّيْلِ عِنْدَ الِاسْتِهْلَالِ فَكُلَّمَا كَانَ أَوَّلُ الشَّهْرِ اللَّيْلَةَ غَلَبَتْ تَقُولُ صُمْنَا خَمْسًا مِنْ الشَّهْرِ فَتُغَلَّبُ اللَّيَالِي، وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ بِالنَّهَارِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْأَيَّامُ، وَاللَّيَالِي قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فَلَوْ عَقَدَ عَاقِدٌ عَلَيْهَا النِّكَاحَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَقَدْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَعَشْرُ لَيَالٍ كَانَ بَاطِلًا حَتَّى يَمْضِيَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ، وَذَهَبَ بَعْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>