للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْضِ الْعَرَبِ، فَقَوْلُهُ بُرْنُسٌ يَغْدُو بِهِ مُجْمَلٌ يُرِيدُ يَلْبَسُهُ عَلَى مَا تَحْتَهُ مِنْ الثِّيَابِ وَخَمِيصَةٌ يَرُوحُ فِيهَا يَعْنِي يَلْتَحِفُهَا عَلَى مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - انْتَهَى.

وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا السَّمَاعَ وَكَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ بِاخْتِصَارٍ أَجْحَفَ فِيهِ إلَى الْغَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ مَسْأَلَةِ ابْنِ حَبِيبٍ: يُحَرَّمُ لُبْسُ الْبَرَانِسِ الَّتِي مِنْ زِيِّ النَّصَارَى وَيُؤَدَّبُ لَابِسُهُ وَعَلَيْهِ الْإِثْمُ وَالْفِدْيَةُ إنْ لَبِسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ ذَكَرَهُ فِي تَسْهِيلِ الْمُهِمَّاتِ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَجِّ وَيُحَرَّمُ عَلَى الرَّجُلِ لِبَاسُ الْمَخِيطِ انْتَهَى. وَقَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي آخِرِ شَرْحِ حَدِيثِ أُسَامَةَ: (الْبُرْنُسُ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَالنُّونِ كُلُّ ثَوْبٍ رَأْسُهُ مِنْهُ مِنْ دُرَّاعَةٍ كَانَ أَوْ جُبَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا انْتَهَى

ص (وَعَصَى وَصَحَّتْ إنْ لَبِسَ حَرِيرًا أَوْ ذَهَبًا)

ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ.

(تَنْبِيهٌ) لِبَاسُ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِبَاسَ الْحَرِيرِ الْمُصْمَتِ الْخَالِصِ مُحَرَّمٌ عَلَى الرِّجَالِ انْتَهَى مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الْجَامِعِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلُبْسُ الرَّجُلِ الْحَرِيرَ الْخَالِصَ حَرَامٌ انْتَهَى وَأَمَّا الْخَزُّ فَقَالَ فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ: قَالَ مَالِكٌ رَأَيْت رَبِيعَةَ يَلْبَسُ قَلَنْسُوَتَهُ وَبِطَانَتُهَا وَظِهَارَتُهَا خَزٌّ وَهُوَ إمَامٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ الْخَزُّ مَا كَانَ سَدَّاهُ مِنْ حَرِيرٍ، وَاللَّحْمُ بِالْوَبَرِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَفِيمَا كَانَ مِنْ مَعْنَاهُ مِنْ الثِّيَابِ الْمَحْشُوَّةِ بِالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ كَالْمُحَرَّرَاتِ الَّتِي سَدَّاهَا مِنْ حَرِيرٍ وَلَحْمَتُهَا قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ لِبَاسَهَا جَائِزٌ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ مَنْ لَبِسَهَا لَمْ يَأْثَمْ وَمَنْ تَرَكَهَا لَمْ يُؤْجَرْ عَلَى تَرْكِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ مِنْهُمْ رَبِيعَةُ.

(الثَّانِي) أَنَّ لِبَاسَهَا غَيْرُ جَائِزٍ وَإِنْ لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَرَامٌ فَمَنْ لَبِسَهَا أَثِمَ وَمَنْ تَرَكَهَا نَجَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ.

(الثَّالِثُ) أَنَّ لِبَاسَهُ مَكْرُوهٌ فَمَنْ لَبِسَهُ لَمْ يَأْثَمْ وَمَنْ تَرَكَهُ أُجِرَ وَهَذَا هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ لِأَنَّهُ مِمَّا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ لِتُكَافِئَ الْأَدِلَّةُ فِي تَحْلِيلِهِ وَتَحْرِيمِهِ فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ الَّتِي قَالَ فِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ اتَّقَاهَا فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَأْتِي مَا حَكَى مُطَرِّفٌ مِنْ أَنَّهُ رَأَى عَلَى مَالِكٍ إبْرَيْسَمَ كَسَاهُ إيَّاهُ هَارُونَ الرَّشِيدِ إذْ لَمْ يَكُنْ يَلْبَسُ مَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِلِبْسِهِ.

(الرَّابِعُ) الْفَرْقُ بَيْنَ ثِيَابِ الْخَزِّ وَسَائِرِ الثِّيَابِ فَيَجُوزُ لِبَاسُ الْخَزِّ وَلَا يَجُوزُ لِبَاسُ مَا سِوَاهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ

[مَسْأَلَةٌ سُتُورِ الْحَرِيرِ الْمُعَلَّقَةِ فِي الْبُيُوتِ]

(مَسْأَلَةٌ) سَتْرُ الْحِيطَانِ بِهِ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إثْرَ كَلَامِهِ فِي الْبَسْطِ بِخِلَافِ سُتُورِ الْحَرِيرِ الْمُعَلَّقَةِ فِي الْبُيُوتِ: لَا بَأْسَ بِهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا هِيَ لِبَاسٌ لِمَا سَتَرَتْهُ مِنْ الْحِيطَانِ انْتَهَى. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ فَتَأَمَّلْهُ وَيَأْتِي نَحْوُهُ عَنْ النَّوَادِرِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ فِي فَصْلِ خُرُوجِ النِّسَاءِ لِلْمَحْمَلِ أَنَّ مَسَانِدَ الْحَرِيرِ وَالْبَشْخَانَاتِ الَّتِي تُعَلَّقُ عَلَى السَّرِيرِ لَا تَجُوزُ لِلرِّجَالِ وَلَا لِلنِّسَاءِ انْتَهَى وَهُوَ غَرِيبٌ أَمَّا النِّسَاءُ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِنَّ مِنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ اللِّبَاسِ وَأَمَّا الرِّجَالُ فَلَا شَكَّ أَنَّ اسْتِنَادَهُمْ إلَيْهِ لَا يَجُوزُ وَأَمَّا الْبَشْخَانَاتُ الْمُعَلَّقَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي السُّتُورِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ مُنِعَ ذَلِكَ لَمُنِعَ دُخُولُ الْكَعْبَةِ لِأَنَّ سَقْفَهَا مَكْسُوٌّ بِالْحَرِيرِ وَكَسْوُهَا بِالْحَرِيرِ جَائِزٌ بَلْ مَنْدُوبٌ وَانْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ هُنَا وَفِي فَصْلِ الْوَلِيمَةِ وَانْظُرْ الْبُرْزُلِيَّ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>