للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ وَلَدَ زَانِيَةٍ لِأَنَّ أَبَاهُ وَأُمَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفَيْنِ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي اللَّقِيطِ وَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزَّانِي وَيَا ابْنَ الزَّانِيَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَتَأَمَّلْهُ.

(تَنْبِيهٌ) مَا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْمَحْمُولَيْنِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ وَلَا فِي اللَّقِيطِ وَلَا غَيْرِهِ فَانْظُرْهُ.

ص (أَوْ زَنَى) ش تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ.

[فَرْعٌ قَذَفَهُ بِالزِّنَى ثُمَّ أَثْبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى فِي حَالِ الصِّبَا أَوْ فِي حَالِ الْكُفْرِ]

(فَرْعٌ) لَوْ قَذَفَهُ بِالزِّنَى ثُمَّ أَثْبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى فِي حَالِ الصِّبَا أَوْ فِي حَالِ الْكُفْرِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ اسْمُ زِنَى بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَنَى فِي حَالِ رِقِّهِ فَإِنَّ اسْمَ الزَّانِي لَازِمٌ لَهُ. نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَ (عَفَّ عَنْ وَطْءٍ) يُوجِبُ الْحَدَّ وَيَخْرُجُ بِهِ مَا إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَطِئَ بَهِيمَةً.

[فَرْعٌ قَذَفَ رَجُلًا فَارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ]

(فَرْعٌ) فَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا فَارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ كَمَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِالزِّنَى فَلَمْ يُحَدَّ لَهُ حَتَّى زَنَى الْمَقْذُوفُ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ عَلَى الْمَقْذُوفِ زِنًى فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَوْ قَذَفَهُ بِزِنَى غَيْرِ الزِّنَى الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ.

ص (وَعَفَّ)

ش: أَيْ يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ حَدِّ الْقَذْفِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ عَفِيفًا وَلَمْ يُفَسِّرْ الشَّارِحُ الْعَفَافَ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْعَفَافُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْقِيَانِ وَمَوَاضِعِ الْفَسَادِ وَالزِّنَى، بِخِلَافِ السَّارِقِ وَالشَّارِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَكَذَا نَقَلَ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الْأُسْتَاذِ فَقَالَ وَمَعْنَى الْعَفَافِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْقِيَانِ وَمَوَاضِعِ الْفَسَاد وَالزِّنَى، فَلَوْ قَذَفَ مَعْرُوفًا بِالظُّلْمِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الرِّبَا وَالْقَذْفِ يُحَدُّ لَهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِمَا ذَكَرْنَا وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ مَا رَمَى بِهِ فَإِنْ ثَبَتَ أَوْ كَانَ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَمُقْتَضَى مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْحَدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ حُدَّ فِي الزِّنَى أَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ لَهُ وَاخْتُلِفَ إذَا أَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَثْبُتُ الْإِقْرَارُ بِشَاهِدَيْنِ أَمْ لَا انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَفَافُ الْمَقْذُوفِ الْمُوجِبُ حَدَّ قَاذِفِهِ فِي مَسَائِلِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاضِحَةٌ بِأَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ فِعْلِ الزِّنَى قَبْلَ قَذْفِهِ وَبَعْدَهُ وَمِنْ ثُبُوتِ حَدِّهِ لِاسْتِلْزَامِهِ إيَّاهُ ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ قُلْت وَظَاهِرُ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالشَّيْخُ خَلِيلٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الظَّاهِرُ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَسْقُطُ الْإِحْصَانُ بِثُبُوتِ كُلِّ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ الْإِحْصَانُ الْمُشْتَرَطُ هُنَا لَا فِي الرَّجْمِ (بِثُبُوتِ كُلِّ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ) فَيَخْرُجُ وَطْءُ الْبَهِيمَةِ وَوَطْءُ الشُّبْهَةِ قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ أَيْ قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا يَعُودُ إلَيْهِ الْإِحْصَانُ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَعُودُ الْعَفَافُ أَبَدًا وَلَوْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ وَقَوْلُهُ (بِثُبُوتِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِذَلِكَ وَهُوَ خِلَافُ مَا فَسَّرَ بِهِ الْعَفَافَ فَانْظُرْهُ انْتَهَى.

وَعَلَيْهِ فَلَا شَكَّ أَنَّ الشَّخْصَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَفَافِ حَتَّى يُثْبِتَ عَلَيْهِ الْقَاذِفُ أَنَّهُ غَيْرُ عَفِيفٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (تَنْبِيهٌ) يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ فِي تَعْرِيفِ الْعَفَافِ مَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْمَقْذُوفَ إذَا حُدَّ فِي زِنَى أَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ زِنَى لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَوْ قَذَفَهُ بِغَيْرِ الزِّنَى الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي بَابِ الْمَقْذُوفِ يُرَدُّ الْجَوَابُ عَلَى الْقَاذِفِ وَقَالَ مَالِكٌ وَمَنْ قَذَفَ مَنْ جُلِدَ فِي زِنَى لَمْ يُحَدَّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُؤَدَّبُ بِإِذَايَةِ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى. وَقَالَ أَيْضًا مَنْ قَذَفَ إنْسَانًا ثُمَّ أَثْبَتَ أَنَّهُ حُدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>