للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَوْ قَالَ الشَّفِيعُ لِلْمُبْتَاعِ قَبْلَ الشِّرَاءِ: اشْتَرِ فَقَدْ أَسْلَمْت لَكَ الشُّفْعَةَ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ فَلَهُ الْقِيَامُ بَعْدَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مَا لَمْ يَجِبْ لَهُ وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ جَازَ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشِّرَاءِ بَطَلَ وَرَدَّ الْمَالَ وَكَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ، انْتَهَى.

ص (وَالثَّمَنُ لِمُعْطَاهُ إنْ عَلِمَ شَفِيعَهُ)

ش: يَعْنِي إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالثَّمَنُ لَهُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ: وَمِثْلُهُ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ جَارِيَةً وَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُتَصَدِّقُ وَاعْتَرَفَتْ الْجَارِيَةُ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لِوَرَثَةِ الْمُتَصَدِّقِ لَا لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَشَبَّهَهُمَا بِمَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ، فَقَالَ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِلْمِ أَوْ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ؟ وَفِي الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلُ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا، انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَمَلَكَ بِحُكْمٍ أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ أَوْ إشْهَادٍ)

ش: اُنْظُرْ كَلَامَ ابْنِ غَازِيٍّ الَّذِي أُتِيَ بِهِ هُنَا فَإِنَّهُ جَيِّدٌ، وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ: ثُمَّ الْآخِذُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ لَهُ الْأَخْذُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُقْتَضَى وَهُوَ وُجُودُ الشَّرْطِ وَالسَّبَبِ وَانْتِفَاءُ الْمَانِعِ وَالسَّبَبِ نَفْسُ الْبَيْعِ وَيُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا خَمْسَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ مَالِكًا لِلرَّقَبَةِ وَأَنْ يُخْرِجَهُ الْبَائِعُ عَنْ مِلْكِهِ بِمُعَاوَضَةٍ مِنْ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ صَحِيحًا؛ إذْ لَا يُشْفَعُ فِي الْفَاسِدِ إلَّا بَعْدَ الْفَوَاتِ وَأَنْ يَكُونَ لَازِمًا فَلَا شُفْعَةَ فِي الْخِيَارِ إلَّا بَعْدَ لُزُومِهِ وَأَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ سَابِقًا عَلَى الْبَيْعِ فَلَوْ اشْتَرَى رَجُلَانِ دَارًا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. وَأَمَّا الشُّرُوطُ فَأَرْبَعَةٌ، الْأَوَّلُ: أَنْ يَشْفَعَ لِيَمْلِكَ لَا لِيَبِيعَ، الثَّانِي: بَقَاءُ الْحِصَّةِ الَّتِي يَسْتَشْفِعُ بِهَا، الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ فَلَا شُفْعَةَ وَقَدْ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ تَصَدَّقَ عَلَى أُخْتِهِ بِسَهْمِهِ فِي أَرْضٍ عِوَضًا عَمَّا ذَكَرَهُ أَنَّهُ أَصَابَ مِنْ مُوَرِّثِهَا مِمَّا لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ ثَابِتًا إمَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُبْتَاعُ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ وَالشِّقْصُ بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الشِّقْصُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَوْجَبَ ذَلِكَ أَشْهَبُ وَأَمَّا الْمَانِعُ فَهُوَ التَّصْرِيحُ بِالْإِسْقَاطِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، انْتَهَى. بِاخْتِصَارٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ بِيَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ وَجَبَتْ لَهُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، انْتَهَى.

[فَرْعٌ تُنَازِع الْوَرَثَة فِي حِصَصهمْ وادعاء بَعْضهمْ الشِّرَاء]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: تَنَازَعَ بَنُو حَفْصٍ فِي الْعَرْصَةِ الَّتِي بَيْنَهُمْ وَدَعَتْ أَمِيرَةُ إلَى الْقَسْمِ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَتْ مَوْتَ حَفْصٍ وَوِرَاثَتَهُ وَمِلْكَهُ لِلْعَرْصَةِ وَأَنَّهُ أَوْرَثَهَا وَرَثَتَهُ وَادَّعَتْ أَنَّ آمِنَةَ اشْتَرَتْ حِصَّةَ أَخِيهَا عَبْدِ الْحَمِيدِ فَطَلَبَتْ الشُّفْعَةَ وَأَنْكَرَ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَآمِنَةُ التَّبَايُعَ، قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ عَلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ: الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ أُخْتِهِ آمِنَةَ فَإِذَا حَلَفَ وَجَبَ الْقَسْمُ وَسَقَطَتْ دَعْوَى الشُّفْعَةِ وَإِنْ نَكَلَ لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ حَتَّى تَحْلِفَ آمِنَةُ أَنَّهَا لَمْ تَشْتَرِ فَإِذَا حَلَفَتْ سَقَطَتْ أَيْضًا الشُّفْعَةُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ مَعَ نُكُولِ عَبْدِ الْحَمِيدِ حَلَفَتْ أَمِيرَةُ أَنَّهُمَا تَبَايَعَا بِثَمَنِ كَذَا فَإِذَا حَلَفَتْ وَجَبَ لَهَا الشُّفْعَةُ، وَقَالَ أَيُّوبَ لَا يَمِينَ عَلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ وَلَا عَلَى آمِنَةَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ الْبَيْعَ قَالَ لِعَبْدِ الْحَمِيدِ: إنَّكَ قَدْ بِعْتَ مِنْ آمِنَةَ، فَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: لَمْ أَبِعْ وَلَكِنْ وَهَبْتُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقَالَتْ آمِنَةُ: لَمْ أَبْتَعْ وَلَمْ أَهَبْ فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَأْتِيَ بِسَبَبِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ فَتَجِبُ الْيَمِينُ؛ وَلِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>