للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يَعْنِي بِالتَّوْسِعَةِ الْإِبَاحَةَ، وَالْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُ الْبَيَاضِ انْتَهَى.

هَكَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا مِنْ التَّوْضِيحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَتْ مِنْهُ لَفْظَةُ لَا مِنْ أَوَّلِهِ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ بَعْدَهُ: وَالْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُ الْبَيَاضِ وَيُوَافِقَ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يُرِيدُ بِالتَّوْسِعَةِ الْإِبَاحَةَ مُطْلَقًا، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ اسْتِحْبَابُ الْبَيَاضِ، وَيَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ جَائِزٌ بَدَلَ وَاسِعٍ، وَلَفْظَةُ وَاسِعٍ هُنَا أَنْسَبُ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ لِابْنِ فَرْحُونٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: تَعَقَّبَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ رَاشِدٍ بِقَوْلِهِ فِي الِاسْتِذْكَارِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي جَوَازِ لُبْسِ الْمَصْبُوغِ بِالْمَدَرِ، وَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْبُوغَ بِالْمَدَرِ هُوَ الْمُمَشَّقُ، فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ نَعَمْ كَلَامُ ابْنِ رَاشِدٍ مُشْكِلٌ مِنْ جِهَةِ قَوْلِهِ الْإِحْرَامُ فِيمَا عَدَاهُمَا مَكْرُوهٌ، وَفِي الْجَلَّابِ لَا بَأْسَ أَنْ يَلْبَسَ الثِّيَابَ السُّودَ وَالْكُحْلِيَّاتِ وَالدُّكْنَ وَالْخُضْرَ، فَقَدْ نَفَى الْكَرَاهَةَ عَنْ هَذِهِ الْأَلْوَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِي الْمُوَرَّدِ وَالْمُمَشَّقِ بِلَا كَرَاهَةٍ مُطْلَقًا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمُمَشَّقَ مَكْرُوهٌ لِلْإِمَامِ وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ انْتَهَى.

(قُلْت) : كَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّمَا تَعَقَّبَ كَلَامَ ابْنِ رَاشِدٍ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مُخَالِفًا لِكَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فَقَطْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ تَعَقَّبَهُ بِوَجْهَيْنِ: مُخَالَفَتُهُ لِكَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ بِالْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فَتَأَمَّلْهُ وَإِنَّمَا تَعَقَّبَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ رَاشِدٍ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِكَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ؛ لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ يَعُودُ إلَى جَوَازِ الْإِحْرَامِ فِي الْمُمَشَّقِ وَالْمُوَرَّدِ، وَإِلَى كَرَاهَةِ الْإِحْرَامِ فِي غَيْرِهِمَا، فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ فِي الْإِحْرَامِ فِي الْمُمَشَّقِ خِلَافًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي جَوَازِهِ، فَظَهَرَ حِينَئِذٍ الِاعْتِرَاضُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رَاشِدٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ) : كَلَامُ الشَّارِحِ فِي الْأَوْسَطِ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَاجِيَّ أَطْلَقَ فِي كَرَاهَةِ الْمَصْبُوغِ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَصْبُوغُ مِمَّا فِيهِ دُلْسَةٌ بِالْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ أَمْ لَا، وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ يَقْتَضِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا هِيَ فِيمَا فِيهِ دُلْسَةٌ فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَنْ الْبَاجِيِّ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ انْتَهَى، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ فِي الْمَصْبُوغِ بِغَيْرِ طِيبٍ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ فَإِنَّ الشَّارِحَ قَيَّدَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْمَصْبُوغِ بِغَيْرِ طِيبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّمَا قَالَ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُهُ فِي الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ شَيْءٌ وَأَنَّ أَصْلَهُ، وَأَمَّا مَا صُبِغَ بِطِيبٍ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إلَخْ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: أَيْ وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ، وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ لُبْسُ ثَوْبٍ صُبِغَ بِمَا عَدَا الْوَرْسَ وَالزَّعْفَرَانَ، وَأَمَّا مَا صُبِغَ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ، فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ انْتَهَى فَتَأَمَّلْهُ، وَهَذَا الْمَحَلُّ مِنْ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ، فَكَتَبَ فِيهِ كَلَامَهُ فِي الْأَوْسَطِ

[فَرْعٌ نَوْمُ الْمُحْرِمُ عَلَى شَيْءٍ مَصْبُوغٍ]

(فَرْعٌ) : قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَنَامُ الْمُحْرِمُ عَلَى شَيْءٍ مَصْبُوغٍ بِوَرْسٍ، أَوْ زَعْفَرَانٍ مِنْ فَرْشٍ، أَوْ وِسَادَةٍ إلَّا أَنْ يُغَشِّيَهُ بِثَوْبٍ كَثِيفٍ، فَإِنْ فَعَلَ، وَلَمْ يُغَشِّهِ افْتَدَى إنْ كَانَ صِبْغًا كَثِيرًا وَالْمُعَصْفَرُ أَخَفُّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَنَامَ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَعْرَقَ، فَيُصِيبَهُ إلَّا الْخَفِيفَ لَا يَخْرُجُ عَلَى الْجَسَدِ، وَلَا يَتَوَسَّدُ مِرْفَقَةً فِيهَا زَعْفَرَانٌ، وَكَرِهَ أَنْ يَنَامَ عَلَى خَشَبَةٍ مُزَعْفَرَةٍ قَدْ ذَهَبَتْ الشَّمْسُ بِصِبَاغِهَا حَتَّى يُغَشِّيَهَا بِثَوْبٍ أَبْيَضَ انْتَهَى مِنْ النَّوَادِرِ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَغَيْرُهُمْ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ وَقَالَ بَعْدَهُ: يُرِيدُ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ عَلَيْهِ لِبَاسٌ قَالَ: وَلَوْ كَانَ ثَوْبًا كَثِيفًا، وَظَهَرَ رِيحُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَلِقَ بِجِسْمِهِ رِيحُهُ لَافْتَدَى انْتَهَى.

(فَرْعٌ) إذَا كَانَ الثَّوْبُ مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ، وَلَمْ يُغْسَلْ، وَلَكِنَّهُ لُبِسَ، وَتَقَادَمَ، وَانْقَطَعَتْ رَائِحَةُ الزَّعْفَرَانِ مِنْهُ حَتَّى لَا تَظْهَرَ بِوَجْهٍ كُرِهَ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُهُ، وَلَمْ يَحْرُمْ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ.

[فَرْعٌ فِي مَنْ أَحْرَمَ فِي ثَوْبٍ فِيهِ لُمْعَةٌ مِنْ الزَّعْفَرَانِ]

(فَرْعٌ) :

<<  <  ج: ص:  >  >>