للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبُ الْبَيَانِ: أَمَّا الَّذِي لَا يَعْرِفُ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَكَالْمَجْنُونِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ اتِّفَاقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ إلَّا فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ عَقْلٍ وَهُوَ الْمُخْتَلِطَةُ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَذَكَرَهَا الشَّرْطُ الرَّابِعُ: تَحَقُّقُ الذُّكُورِيَّةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكَحُ وَذَكَرَ بَعْضَ أَحْكَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا شُرُوطُ الِاسْتِقْرَارِ فَخَمْسَةٌ: الْجِزْيَةُ وَالْبُلُوغُ وَالرُّشْدُ وَالصِّحَّةُ وَالْكَفَاءَةُ.

وَتَكَلَّمَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ وَزَادَ فِي التَّوْضِيحِ الطَّوْعَ وَنَصُّهُ: وَكَذَا أَيْضًا يَشْتَرِطُ الطَّوْعَ مُحَمَّدٌ وَأَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى إبْطَالِ نِكَاحِ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرَهَةِ وَلَا يَجُوزُ الْمُقَامُ عَلَيْهِ وَفِي قِيَاسِ بَعْضِ مَذَاهِبِهِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ اهـ. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ فِي فَصْلِ الزَّوْجِ: وَشَرْطُ صِحَّةِ عَقْدِهِ إسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ وَخُلُوٌّ مِنْ كَإِحْرَامٍ وَمَرَضٍ وَفِي السَّكْرَانِ خِلَافٌ وَهَلْ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَيْزٌ وَإِلَّا بَطَلَ اتِّفَاقًا، أَوْ بِالْعَكْسِ؟ طَرِيقَانِ غَيْرُ خُنْثَى مُشْكِلٍ اهـ. وَسَيَتَكَلَّمُ الشَّيْخُ عَلَى الشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْقَرَافِيُّ لَكِنْ عَلَى خِلَافِ تَرْتِيبِهِ فَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْبُلُوغِ فَقَالَ وَلِوَلِيٍّ صَغِيرٍ يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَ الصَّغِيرُ يَعْنِي الْمُمَيِّزَ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ فَلِوَلِيِّهِ فَسْخُ عَقْدِهِ أَيْ وَلَهُ إجَازَتُهُ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِوَلِيٍّ فَفُهِمَ مِنْ لَامِ الْإِبَاحَةِ أَنَّ الْأَمْرَيْنِ لَهُ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ فَقَالَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْهَا: وَإِنْ تَزَوَّجَ صَغِيرٌ بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهِ، أَوْ وَصِيِّهِ وَمِثْلُهُ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ فَإِنْ أَجَازَهُ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ جَازَ وَإِنْ رَأَى فَسْخَهُ فَسَخَهُ فَإِنْ فَسَخَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا صَدَاقَ لَهَا اهـ. وَاخْتَلَفَ الشُّرَّاحُ فِي اعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ فِي السُّؤَالِ قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهَا: يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ الْوَجْهُ الْمُشْكِلُ الَّذِي يُتَوَهَّمُ فِيهِ أَنَّ لَهَا الصَّدَاقَ فَغَيْرُهُ أَحْرَى قَالَهُ الْمَغْرِبِيُّ اهـ. وَيَعْنِي بِالْمَغْرِبِيِّ أَبَا الْحَسَنِ الصَّغِيرَ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي التَّقْرِيبِ عَلَى التَّهْذِيبِ: إنَّمَا قَالَ: وَمِثْلُهُ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْوَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَزْوِيجُهُ وَلَا إجَازَتُهُ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ بِلَا فَائِدَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ قَرِيبَةً لَهُ يَرْغَبُ فِيهَا، أَوْ ذَاتَ مَنْصِبٍ وَمَالٍ فَيَنْظُرُ وَصِيُّهُ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي السُّؤَالِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي الْجَوَابِ اهـ. كَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ وَقَالَ الْمَشَذَّالِيُّ: قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ يَقْوَى عَلَى الْجِمَاعِ فِي اعْتِبَارِ هَذَا الْوَصْفِ نَظَرٌ اهـ.

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَسْخُ عَقْدِهِ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِطَلَاقٍ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ قَالَ الشَّيْخُ بَهْرَامُ فِي الْكَبِيرِ حَاصِلُهُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ النِّكَاحَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَا كَانَ عَقْدُهُ صَحِيحًا إلَّا أَنَّ لِلْوَلِيِّ، أَوْ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِيهِ خِيَارًا فَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْفَسْخَ بِطَلَاقٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْكَلَامِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ السَّفِيهِ وَانْظُرْ مَا تَقَدَّمَ لِلَّخْمِيِّ وَانْظُرْ الْمُتَيْطِيَّةَ فِي تَزْوِيجِ الْبِنْتِ الْبِكْرِ بِغَيْرِ أَمْرِ وَلِيِّهَا وَكَلَامُ الْمُتَيْطِيِّ فِي ذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) فَلَوْ لَمْ يَرُدَّ النِّكَاحَ حَتَّى مَاتَ الصَّغِيرُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ السَّفِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَتْ الزَّوْجَةُ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ.

(فَرْعٌ) فَلَوْ لَمْ يَرُدَّ نِكَاحَ الصَّبِيِّ حَتَّى كَبُرَ وَخَرَجَ مِنْ الْوِلَايَةِ جَازَ النِّكَاحُ ابْنُ رُشْدٍ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِلَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ إلَيْهِ فَيُمْضِي، أَوْ يَرُدُّ اهـ. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ مَا ذَكَرَهُ يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إنْ أَجَازَهُ جَازَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سَحْنُونٌ: يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ إمْضَاؤُهُ نَظَرًا أَمْ لَا وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِهَا وَجَهِلَ حَتَّى مَلَكَ الصَّبِيُّ أَمْرَ نَفْسِهِ فَقِيلَ: لَا خِيَارَ لَهُ وَقِيلَ: لَهُ مِنْ الْخِيَارِ فِيهِ مَا كَانَ لِوَلِيِّهِ اهـ.

[تَنْبِيهٌ طَلَاقَ الصَّبِيِّ لَا يَلْزَمُ وَلَا يُخْبَرُ الْوَلِيُّ فِيهِ]

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ إثْرَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُنَا بَحْثٌ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ طَلَاقَ الصَّبِيِّ لَا يَلْزَمُ وَلَا يُخَيَّرُ الْوَلِيُّ فِيهِ كَالنِّكَاحِ أَجَابَ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ سَبَبٌ لِلْإِبَاحَةِ وَالصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِهَا وَالطَّلَاقُ سَبَبُ التَّحْرِيمِ وَلَمْ يُخَاطَبْ بِهِ قُلْت الْأَوْلَى فِي الْفَرْقِ أَنْ يُقَالَ: الطَّلَاقُ حَدٌّ مِنْ الْحُدُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>