للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا نَقْصُ مَنْ فِي الْحَائِطِ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَنْ لَا يُخْرِجَ رَبُّ الْحَائِطِ مَا كَانَ فِي الْحَائِطِ مِنْ عَبِيدٍ وَدَوَابَّ وَأُجَرَاءَ وَآلَةٍ يَوْمَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَا كَانَ فِي الْحَائِطِ يَوْمَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ رَقِيقٍ وَدَوَابَّ لِرَبِّهِ فَلِلْعَامِلِ اشْتِرَاطُهُمْ، وَلَا يَنْبَغِي لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يُسَاقِيَهُ عَلَى أَنْ يَنْزِعَ ذَلِكَ مِنْهُ فَيَصِيرُ كَزِيَادَةٍ شَرَطَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَعَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا، وَلَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ إخْرَاجَ رَقِيقِهِ وَدَوَابِّهِ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَالثَّمَرَةُ لِرَبِّهَا انْتَهَى.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ: لَا يَنْبَغِي مَعْنَاهَا الْمَنْعُ يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَعَهُمْ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ انْتَهَى.

، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي قَوْلُهُ: لَا يَنْبَغِي عَلَى التَّحْرِيمِ لِلتَّعْلِيلِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ انْتَهَى.

(قُلْت:) وَآخِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ مِمَّا تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَيَحْيَى، وَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ رَقِيقٌ لَا يَدْخُلُونَ إلَّا بِشَرْطٍ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سَاقَى أَهْلَ خَيْبَرَ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا مِمَّا فِي الْحَوَائِطِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (تَنْبِيهٌ:) فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَعَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ لَفْظُهُ فِي الْأُمِّ قُلْت: إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُمُ الْعَامِلُ، وَأَرَادَ الْمَالِكُ إخْرَاجَهُمْ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا عِنْدَ مُعَامَلَتِهِ وَاشْتِرَاطِهِ فَلَا يَنْبَغِي إخْرَاجُهُمْ، وَإِنْ كَانَ إخْرَاجُهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ هَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ: اُنْظُرْ قَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ إخْرَاجُهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ، هَلْ هُوَ مُطْلَقًا لِأَجَلِ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، أَوْ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِقَصْدِ إخْرَاجِهِمْ مِنْ الْمُسَاقَاةِ كَمَنْ أَرَادَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ فَأَخْرَجَهَا مِنْ مَسْكَنِهَا لِكَيْ تَعْتَدَّ، وَمَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعَطَّارُ إنْ أَرَادَ أَنْ يُسَاقِيَ حَائِطَهُ فَأَخْرَجَهُمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَسُومُ بِهِ فَلَا بَأْسَ إنَّمَا الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَهُمْ عِنْدَ إرَادَةِ عَقْدِهَا مَعَ مَنْ تَكَلَّمَ مَعَهُ فِيهِ انْتَهَى.

(قُلْت:) مَا قَالَهُ أَبُو حَفْصٍ: هُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ.

[فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ بِعُمَّالِ رَبِّ الْمَالِ وَدَوَابِّهِ فِي غَيْرِ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ]

(فَرْعٌ:) وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ بِعُمَّالِ رَبِّ الْمَالِ وَدَوَابِّهِ فِي غَيْرِ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْمُوَطَّإِ، قَالَ الْبَاجِيُّ: لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ بِهِمْ فِي غَيْرِ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ يَعْمَلُ بِهِمْ فِي حَوَائِطَ يَمْلِكُهَا، أَوْ حَوَائِطَ سَاقَى عَلَيْهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ عَمِلَ فِيهَا بِأَجْرٍ، وَأَمَّا رَقِيقُهُ وَعُمَّالُهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُمْ حَيْثُ شَاءَ وَيَسْتَبْدِلَ بِهِمْ كَيْفَ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الْحَائِطِ، فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ اشْتَرَطَهَا، فَإِنْ فَاتَتْ بِالْعَمَلِ فَقِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُرَدَّ إلَى إجَارَةِ مِثْلِهِمْ، وَإِنْ عَمِلَ بِهِمْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ انْتَهَى بِالْمَعْنَى (قُلْت:) إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَيَجُوزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَا تَجْدِيدٌ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يُجَدِّدَ فِيهِ دَوَابَّ وَأُجَرَاءَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حِينَ الْعَقْدِ، فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَسِيرًا كَاشْتِرَاطِ دَابَّةٍ، أَوْ غُلَامٍ فِي الْحَائِطِ الْكَبِيرِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَائِزَاتِ فَإِطْلَاقُهُ هُنَا مُقَيَّدٌ بِمَا سَيَأْتِي قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ إلَّا مَا قَلَّ كَغُلَامٍ أَوْ دَابَّةِ حَائِطٍ كَبِيرٍ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي صَغِيرٍ، وَرُبَّ حَائِطٍ تَكْفِيهِ دَابَّةٌ وَاحِدَةٌ لِصِغَرِهِ فَيَصِيرُ هَذَا يَشْتَرِطُ جَمِيعَ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَا قَلَّ فِيمَا كَثُرَ، وَلَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ دَوَابَّ، أَوْ رَقِيقًا لَيْسُوا فِي الْحَائِطِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: لَا يَنْبَغِي مَعْنَاهُ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: لَا يَنْبَغِي عَلَى التَّحْرِيمِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَأُخْرِجَ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ مِنْ الرَّقِيقِ مَا لَيْسَ فِيهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ أَقْيَسُ انْتَهَى.

ص (وَعَمِلَ الْعَامِلُ جَمِيعَ مَا يُفْتَقَرُ إلَيْهِ عُرْفًا)

ش: كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ عَمِلَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي مِنْ الْعَمَلِ وَالْعَامِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>