للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بَرْدِهَا أَوْ حُزُونَتِهَا أَيْ خُشُونَتِهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَالْمَكْرُوهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مَا فِيهِ رَفَاهِيَةٌ مِمَّا تُنْبِتُهُ وَمَا لَا تُنْبِتُهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ مَا ذَكَرْنَا انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْعَارِضَةِ: وَالْأَفْضَلُ لِلسَّاجِدِ أَنْ يَلِيَ الْأَرْضَ بِوَجْهِهِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ خُمْرَةً خَاصَّةً لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَذَلِكَ مُؤَكَّدٌ وَالْيَدَانِ يَلِيَانِ الْوَجْهَ فِي التَّأْكِيدِ انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ: مِنْ نَبَاتٍ لَا يُسْتَنْبَتُ وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ: مِمَّا تُنْبِتُهُ بِطَبْعِهَا يَقْتَضِي أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْخُمْرَةِ لَيْسَ مِنْ الْجَائِزِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ النَّخْلِ وَهُوَ مِمَّا يُسْتَنْبَتُ، وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَثَّلَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَلَامِهِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُهُمَا بِمَا عَدَا مَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ النَّخْلِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ ذَكَرَ سُؤَالًا عَنْ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى السَّجَّادَةِ ثُمَّ قَالَ: قُلْت إنْ كَانَتْ السَّجَّادَةُ مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضَ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَنَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تُنْبِتُهُ فَمَكْرُوهٌ لَيْسَ إلَّا، وَهَذَا فِيمَا يَضَعُ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ وَأَمَّا مَا يَقِفُ عَلَيْهِ فَجَائِزٌ مَا لَمْ يَكُنْ حَرِيرًا فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهُ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ انْتَهَى. فَقَوْلُهُ: لَيْسَ إلَّا مَعْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مِمَّا تُنْبِتُهُ فَمَكْرُوهٌ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَالْحَصِيرِ وَالْخُمْرَةِ فَجَائِزٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: وَالْخُمْرَةُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ حَصِيرٌ مِنْ جَرِيدٍ صَغِيرَةٍ فَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً لَمْ تُسَمَّ خُمْرَةً وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُخَمِّرُ وَجْهَ الْمُصَلِّي أَيْ تُغَطِّيهِ انْتَهَى. وَفِي الصِّحَاحِ الْخُمْرَةُ سَجَّادَةٌ صَغِيرَةٌ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ وَتُرْمَلُ بِالْخُيُوطِ، انْتَهَى. وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ فِي تَفْسِيرِ الْخُمْرَةِ: هِيَ مِقْدَارُ مَا يَضَعُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ وَجْهَهُ فِي سُجُودِهِ مِنْ حَصِيرٍ أَوْ نَسِيجَةِ خُوصٍ وَنَحْوِهِ وَلَا تَكُونُ خُمْرَةً إلَّا فِي هَذَا الْمِقْدَارِ وَسُمِّيَتْ خُمْرَةً؛ لِأَنَّ خُيُوطَهَا مَسْتُورَةٌ بِسَعَفِهَا وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ، وَهَكَذَا فُسِّرَتْ وَقَدْ جَاءَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ دِرْهَمٍ» وَهَذَا نَصٌّ فِي إطْلَاقِ الْخُمْرَةِ عَلَى الْكَبِيرَةِ مِنْ نَوْعِهَا انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الْأَثِيرِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا فَرُبَّمَا تَحْضُرُ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي بَيْتِنَا قَالَ: فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُنْكَسُ ثُمَّ يُنْضَحُ ثُمَّ يَقُومُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا» قَالَ: وَكَانَ بِسَاطُهُمْ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ وَقَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: وَالْأَدَمُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ الْجُلُودُ الْمَدْبُوغَةُ جَمْعُ أَدِيمٍ، وَأَحْلَاسُ الدَّوَابِّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بِالْحَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَاحِدُهَا حِلْسٌ وَهُوَ مَا يَلِي ظَهْرَ الدَّوَابِّ وَمَا يُجْعَلُ تَحْتَ اللُّبُودِ وَالسُّرُوجِ وَأَصْلُهُ مِنْ اللُّزُومِ وَالطِّنْفَسَةُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَهُوَ أَفْصَحُهَا وَبِضَمِّهِمَا وَبِكَسْرِهِمَا وَهُوَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ كَالنُّمْرُقَةِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ فَرَشَ خُمْرَةً فَوْقَ الْبِسَاطِ وَصَلَّى عَلَيْهَا]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: فَإِنْ فَرَشَ خُمْرَةً فَوْقَ الْبِسَاطِ لَمْ يُكْرَهْ، وَسُئِلَ عَنْ الْمِرْوَحَةِ فَقَالَ: هِيَ صَغِيرَةٌ لَا تَكْفِي إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهَا انْتَهَى.

ص (وَسُجُودٌ عَلَى كَوْرِ عِمَامَةٍ أَوْ طَرَفِ كُمٍّ)

ش كَوْرُ الْعِمَامَةِ بِفَتْحِ الْكَافِ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَحُكْمُ الثَّوْبِ جَمِيعِهِ حُكْمُ الْكُمِّ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ حَرٌّ أَوْ بَرْدٌ فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فَلَا كَرَاهَةَ، وَقَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ: - لَمَّا عَدَّ مَكْرُوهَاتِ الصَّلَاةِ وَإِحْرَامُهُ وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ وَسُجُودُهُ أَيْضًا فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ انْتَهَى.

وَفِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ مَسْأَلَةُ مَنْ صَلَّى فِي جُبَّةٍ أَكْمَامُهَا طَوِيلَةٌ لَا يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْهَا لِإِحْرَامٍ وَلَا رُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مَعَ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ مُبَاشَرَتِهِ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ فِيهِ ضَرْبٌ مِنْ التَّكَبُّرِ انْتَهَى وَقَالَ فِي بَابِ صِفَةِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ بَشِيرٍ وَيُكْرَهُ سَتْرُ الْيَدَيْنِ بِالْكُمَّيْنِ فِي السُّجُودِ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص

<<  <  ج: ص:  >  >>