للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَمَكَّنَ مِنْهَا بِعَمَلٍ يَسِيرٍ قَتَلَهَا وَإِنْ خَافَ مِنْهَا وَكَانَتْ بَعِيدَةً وَعَمِلَ كَثِيرًا قَتَلَهَا وَاسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ، وَقَوْلُهُ وَقَتْلُ عَقْرَبٍ وَأَحْرَى الْحَيَّةُ فَإِنْ لَمْ تُرِيدَاهُ كَانَ مَكْرُوهًا وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّامِلِ وَيَتَمَادَى فِي صَلَاتِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَغْلٌ كَثِيرٌ، وَأَمَّا مَا سِوَى الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ مِنْ طَيْرٍ أَوْ صَيْدٍ أَوْ ذَرَّةٍ أَوْ حِدَأَةٍ أَوْ نَحْلَةٍ أَوْ بَعُوضَةٍ فَلَا خِلَافَ أَنَّ قَتْلَ شَيْءٍ مِنْهَا فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ وَلَا يَنْبَغِي فَإِنْ فَعَلَ لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ إلَّا بِمَا فِيهِ شَغْلٌ كَثِيرٌ، وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ: إنْ أَخَذَ الْقَوْسَ وَرَمَى بِهِ الصَّيْدَ أَوْ تَنَاوَلَ الْحَجَرَ مِنْ الْأَرْضِ فَرَمَى بِهِ الطَّيْرَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ إذَا لَمْ يُطِلْ ذَلِكَ يُرِيدُ إذَا كَانَ جَالِسًا وَالْحَجَرُ وَالْقَوْسُ إلَى جَانِبِهِ فَتَنَاوَلَهُمَا وَرَمَى بِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَائِمًا فَتَنَاوَلَ الْحَجَرَ وَالْقَوْسَ مِنْ الْأَرْضِ وَرَمَى بِهِ لَكَانَ مُبْطِلًا، انْتَهَى. بِالْمَعْنَى مِنْ سَمَاعِ مُوسَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ.

(قُلْت) وَمِثْلُهُ وَمَنْ كَانَ بِيَدِهِ مِنْكَابٌ فَقَلَّبَهُ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ فِي جُلُوسِهِ وَالْمِنْكَابُ قَرِيبٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَكُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَطَأْطَأَ وَتَنَاوَلَهُ وَقَلَّبَهُ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ ابْنِ قَدَّاحٍ وَإِذَا خَافَ عَلَى السِّرَاجِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصْلِحَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، انْتَهَى. وَانْظُرْ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ فِي الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ.

ص (وَإِشَارَةٌ لِكَسَلَامٍ أَوْ حَاجَةٍ)

ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَفَصَّلَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَقَالَ: تُكْرَهُ الْإِشَارَةُ لِحَاجَةٍ لَا لِرَدِّ السَّلَامِ قَالَ سَنَدٌ وَالْمَذْهَبُ أَظْهَرُ وَلَا فَرْقَ فِي الْإِشَارَةِ بَيْنَ الْجَوَابِ وَبَيْنَ الِابْتِدَاءِ، انْتَهَى.

وَفِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُشِيرَ الرَّجُلُ بِلَا وَنَعَمْ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مِثْلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا وَرَدَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ إلَى قُبَاءَ فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِهِ فَجَاءُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَرَدَّ عَلَيْهِمْ إشَارَةً بِيَدِهِ» فَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَرُدَّ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ جَوَابًا بِالْإِشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنْ يَرُدَّ إشَارَةً عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكْرَهْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ زِيَادٌ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُسَلَّمَ عَلَى الْمُصَلِّي وَأَنْ يَرُدَّ الْمُصَلِّي عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ إشَارَةً بِرَأْسٍ أَوْ بِيَدٍ أَوْ بِشَيْءٍ وَالْحُجَّةُ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ» وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْأَثَرَيْنِ وُجُوبُ رَدِّ السَّلَامِ إشَارَةً لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦] وَأَمَّا إشَارَةُ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ بِبَعْضِ حَوَائِجِهِ فَالْأَوْلَى وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا يَشْتَغِلَ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَرْكُ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَمَادِي اشْتِغَالِ بَالِهِ فِي صَلَاتِهِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ كَذَلِكَ أَوْلَى، انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ فِي وَرَقَةٍ قَبْلَ فَصْلِ الْأَذَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة أَبْكَمَ أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ]

(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: نَزَلَتْ نَازِلَةٌ بِبَغْدَادَ فِي أَبْكَمَ أَشَارَ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: بَطُلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ إشَارَةَ الْأَبْكَمِ كَكَلَامِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الصَّلَاةِ جَائِزَةٌ، انْتَهَى. وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ وَنَقَلَ الْخِلَافَ فِيهَا الْجُزُولِيُّ الْكَبِيرُ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَفِي إلْحَاقِ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ بِالْكَلَامِ. ثَالِثُهَا إنْ قَصَدَ الْكَلَامَ حَكَاهَا صَاحِبُ الْمُخْتَارِ الْجَامِعِ بَيْنَ الْمُنْتَقَى وَالِاسْتِذْكَارِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ لَمَّا أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى اللَّعَّانِ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْإِشَارَةِ بَيْنَ الْجَوَابِ وَبَيْنَ الِابْتِدَاءِ (الثَّانِي) لَوْ رَدَّ بِالصَّرِيحِ فَفِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ مَسْأَلَةٌ سَلَّمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فِي الصَّلَاةِ فَرَدَّ عَلَيْهِ قَوْلًا عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَهُوَ مَأْمُومٌ إنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَسَهْوًا يَحْمِلُهُ عَنْهُ إمَامُهُ.

(قُلْت) فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْإِتْيَانِ بِرَكْعَةٍ وَالسُّجُودُ بَعْدَ السَّلَامِ وَالصَّوَابُ إبْطَالُهَا مُطْلَقًا فِي الْجَهْلِ وَالْعَمْدِ، انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) لَا فَرْقَ فِي الْإِشَارَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بِالرَّأْسِ أَوْ بِالْيَدِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي فِي فَرْضٍ أَوْ نَافِلَةٍ وَلْيَرُدَّ مُشِيرًا بِيَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ (الرَّابِعُ) فُهِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>