للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَوِيَ فِيهَا الْوَارِثُ وَالْمَوْرُوثُ لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» وَتُضَافُ مُدَّةُ حِيَازَةِ الْوَارِثِ إلَى مُدَّةِ حِيَازَةِ الْمَوْرُوثِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ قَدْ حَازَ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ مَا كَانَ مُوَرِّثُهُ قَدْ حَازَهُ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ حِيَازَةً عَنْ الْحَاضِرِ انْتَهَى.

(الْخَامِسُ) اُخْتُلِفَ هَلْ يُطَالَبُ الْحَائِزُ بِبَيَانِ سَبَبِ مِلْكِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ لَا يُطَالَبُ وَقَالَ غَيْرُهُ يُطَالَبُ وَقِيلَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَصْلُ الْمِلْكِ الْمُدَّعَى فَلَا يُسْأَلُ الْحَائِزُ عَنْ بَيَانِ أَصْلِ مِلْكِهِ وَإِنْ ثَبَتَ الْأَصْلُ لِلْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْحَائِزِ سُئِلَ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ الْقَطَّانِ لَا يُطَالَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْغَصْبِ وَالِاسْتِطَالَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمٍ سَلَفَ أَنَّ الْحَائِزَ يُطَالَبُ بِبَيَانِ سَبَبِ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَالَ إذَا حَازَ الرَّجُلُ مَالَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ مُدَّةً تَكُونُ فِيهَا الْحِيَازَةُ عَامِلَةً وَادَّعَاهُ مِلْكًا لِنَفْسِهِ بِابْتِيَاعٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ هَذَا الْحَائِزُ وَارِثًا فَقِيلَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي وَرِثَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا دُونَ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَجْهَ الَّذِي يَصِيرُ بِهِ ذَلِكَ إلَى مُوَرِّثِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَقِيلَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ وَرِثْنَا ذَلِكَ وَلَا أَدْرِي بِمَاذَا صَارَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقَوْلُهُ عِنْدِي بَيِّنٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ انْتَهَى. وَأَفْتَى فِي نَوَازِلِهِ بِأَنَّ الْحَائِزَ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ حَتَّى يُثْبِتَ الْقَائِمُ عَلَيْهِ الْمِلْكَ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي التَّنْبِيهِ السَّادِسِ وَجَزَمَ فِي شَرْحٍ آخِرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ نَوَازِلِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ السَّدَادِ وَالْأَنْهَارِ بِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ سَبَبِ مِلْكِهِ قَالَ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْته مِنْهُ أَوْ وَهَبَ لِي أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيَّ أَوْ يَقُولَ وَرِثْته عَنْ أَبِي أَوْ عَنْ فُلَانٍ وَلَا أَدْرِي بِأَيِّ وَجْهٍ يَصِيرُ إلَيَّ الَّذِي وَرَثَتُهُ مِنْهُ قَالَ وَأَمَّا مُجَرَّدُ دَعْوَى الْمِلْكِ دُونَ أَنْ يَدَّعِيَ شَيْئًا مِنْ هَذَا فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ الْحِيَازَةِ إذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِأَمْلَاكٍ فَقَالَ عِنْدِي وَثَائِقُ غَائِبَةٌ ثُمَّ طُولِبَ عِنْدَ حَاكِم آخَرَ فَأَنْكَرَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِأَمْلَاكٍ فَقَالَ عِنْدِي وَثَائِقُ غَائِبَةٌ ثُمَّ طُولِبَ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ فَأَنْكَرَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ فَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ لَيْسَ عَلَيْهِ إحْضَارُ الْوَثَائِقِ انْتَهَى. اُنْظُرْ تَمَامَهَا فِيهِ.

(الثَّالِثُ) لَا تَسْقُطُ الْحِيَازَةُ وَلَوْ طَالَتْ الدَّعْوَى فِي الْحَبْسِ بِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ مَسَائِلِ الْوَقْفِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَتَضَمَّنُ السُّؤَالَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَاضِعِينَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَمَوْرُوثِهِمْ وَمَوْرُوثِ مَوْرُوثِهِمْ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ عَامًا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالتَّعْوِيضِ وَالْقِسْمَةِ وَكَثِيرًا مِنْ وُجُوهِ التَّفْوِيتِ فَادَّعَى عَلَيْهِمْ بِوَقْفِيَّتِهَا شَخْصٌ حَاضِرٌ عَالِمٌ بِالتَّفْوِيتِ الْمَذْكُورِ وَالتَّصَرُّفِ هُوَ وَمُوَرِّثُهُ مِنْ قَبْلِهِ وَنَصُّهُ وَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ التَّحْبِيسُ وَمِلْكُ الْمُحْبِسِ لِمَا حَبَسَهُ يَوْمَ التَّحْبِيسِ وَبَعْدَ أَنْ تَتَعَيَّنَ الْأَمْلَاكُ الْمُحْبَسَةُ بِالْحِيَازَةِ لَهَا عَلَى مَا تَصِحُّ فِيهِ الْحِيَازَةُ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَأُعْذِرَ إلَى الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ إلَّا مِنْ تَرْكِ الْقَائِمِ وَأَبِيهِ قَبْلَهُ عَلَيْهِمْ وَطُولِ سُكُوتِهِمَا عَنْ طَلَبِ حَقِّهِمَا مَعَ عِلْمِهِمَا بِتَفْوِيتِ الْأَمْلَاكِ فَالْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ وَاجِبٌ وَالْحُكْمُ بِهِ لَازِمٌ انْتَهَى. وَأَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةِ مِنْ مَسَائِلِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَاتِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ زَهْرٍ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَتَضَمَّنُ أَنَّ رَجُلًا فِي مِلْكِهِ ضَيْعَةٌ وَرِثَهَا عَنْ سَلَفِهِ مُنْذُ سَبْعِينَ عَامًا هُوَ وَأَبُوهُ وَهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ فَقَامَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الضَّيْعَةَ رَهْنٌ بِيَدِهِ وَبِذَلِكَ مَلَكَهَا سَلَفُهُ قَبْلَهُ مِنْهُمْ وَاسْتَدْعَى عَقَدَ السَّمَاعِ بِالرَّهْنِ فَأَثْبَتَ الَّذِي بِيَدِهِ الضَّيْعَةُ أَنَّ جَدَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ جَدِّ الْقَائِمِ عَلَيْهِ فِيهَا فَأَفْتَى أَنَّ شَهَادَةَ الشِّرَاءِ عَمَلٌ ثُمَّ قَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُشْتَرِي الْمُدَّعِي الرَّهِينَةَ بِعَيْنِهِ وَادَّعَى أَنَّهَا حَبْسٌ عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ عَقَدَ التَّحْبِيسِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>