للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحِلِّ، ثُمَّ أَدْخَلُوهُ إلَى الْحَرَمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الذَّابِحُ مُقِيمًا فِي الْحَرَمِ، أَوْ كَانَ عَابِرَ سَبِيلٍ، وَقَالَ سَنَدٌ إذَا صَادَ الْحَلَالُ صَيْدًا فِي الْحِلِّ، فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ لَهُ صُورَتَانِ: الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْحَرَمُ مَوْضِعَ قَرَارِهِ، أَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ هُوَ مُسْتَقِرٌّ فِيهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ ذَبْحُهُ وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَدْخُلَ بِهِ الْحَرَمَ عَابِرُ سَبِيلٍ، فَلَا يَذْبَحُهُ فِيهِ، وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ، وَالِاسْتِفْصَالُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إنَّمَا كَانَتْ لِمَوْضِعِ الضَّرُورَةِ، فَتُخْتَصَرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَيُرْسِلُهُ وَإِنْ أَكَلَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَرَمِ قَبْلَ أَنْ يُرْسِلَهُ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَقَالَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ خَالَفَهُ فِيهِ إذَا أَكَلَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَرَمِ انْتَهَى.

، وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ سَنَدٍ وَقَبِلَهُ، وَجَعَلَهُ تَقْيِيدًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَذْبَحَ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ الْحَمَامَ وَالصَّيْدَ يَدْخُلُهُ مِنْ الْحِلِّ، وَلَمْ يُكْرَهُ الْإِعْطَاءُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُمْ لَوْ مَنَعُوا ذَلِكَ لَشَقَّ عَلَيْهِمْ لِطُولِ أَمْرِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ سَنَدٌ: وَأَمَّا الْعَابِرُ بِالصَّيْدِ الْحَرَمَ، وَهُوَ عَابِرُ سَبِيلٍ، فَلَا يَذْبَحُهُ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَى آخِرِ كَلَامِ سَنَدٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَجَعَلَ اللَّخْمِيُّ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَكِنَّهُ رَجَّحَ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ، ثُمَّ زَادَ، فَقَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ وَالْجَارِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ شَأْنَ أَهْلِ مَكَّةَ يَطُولُ أَنْ يُمْنَعَ الطَّارِئُ الَّذِي مُقَامُهُ أَيَّامُ الْحَجِّ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَيُبَاحُ لِلْمَكِّيِّ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ أُخِذَ مِنْ مَفْهُومِ طُولِ أَمْرِهِمْ مَنْعُهُ لِمَنْ دَخَلَ غَيْرَ مَكِّيٍّ، وَلَمْ يَعْزُهُ لِلَّخْمِيِّ وَلَا لِغَيْرِهِ

[تَنْبِيهَانِ صَادَ الْحَمَامَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ]

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) : نَقَلَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ إذَا صَادَ الْحَمَامَ فِي الْحِلِّ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا عَلِمْتَهُ، وَفِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَيْسَ لَهُ فَائِدَةٌ، فَإِنَّهُ قَالَ إثْرَهُ: وَمَا قَالَهُ هَذَا الشَّيْخُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ لَهُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ أَهْلِ مَكَّةَ يَطُولُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الْحَجِّ الثَّالِثِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) : قَالَ الشَّارِحُ: فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ فِي الْحَرَمِ مَا صِيدَ فِي الْحِلِّ وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ هَكَذَا قَالَ فِي الْوَسَطِ وَنَحْوُهُ فِي الصَّغِيرِ وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ أَنْ يَذْبَحَ فِي الْحَرَمِ مَا صِيدَ فِي الْحِلِّ انْتَهَى.

(قُلْت) : وَلَا شَكَّ أَنَّ ذِكْرَ الْمُحْرِمِ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُ الصَّيْدِ مُطْلَقًا لَا فِي الْحِلِّ، وَلَا فِي الْحَرَمِ سَوَاءٌ صَادَهُ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ، وَسَوَاءٌ صِيدَ فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَيْسَ الْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ بِصَيْدٍ)

ش: قَالَ سَنَدٌ: يُخْتَلَفُ فِي دَجَاجِ الْحَبَشِ وَتُسَمَّى الدَّجَاجَةَ السَّنْدِيَّةَ وَهِيَ تُشْبِهُ الدَّجَاجَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي دَجَاجِ الْحَبَشَةِ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّهَا وَحْشِيَّةٌ وَعَنْ ابْنِ حَنْبَلٍ لَا جَزَاءَ فِيهِ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنْ يُنْظَرَ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يَطِيرُ كَانَتْ عَلَى حُكْمِ الْحَمَامِ الَّذِي فِي الدُّورِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ لَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الْأَنْعَامَ كُلَّهَا]

(فَرْعٌ) : لَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الْأَنْعَامَ كُلَّهَا نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُ.

ص (وَحَرُمَ بِهِ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ)

ش: أَيْ وَحَرُمَ بِالْحَرَمِ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ أَيْ النَّبَاتُ الَّذِي جِنْسُهُ يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ اسْتَنْبَتَهُ النَّاسُ كَمَا لَوْ اسْتَنْبَتَ الْبُقُولُ الْبَرِّيَّةِ، وَشَجَرَةُ أُمِّ غَيْلَانِ وَشِبْهُ ذَلِكَ وَظَاهِرُ عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الِاحْتِشَاشَ فِي الْحَرَمِ حَرَامٌ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ قَالَ فِيهَا: وَجَائِزٌ الرَّعْيُ فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَحَرَمِ الْمَدِينَةِ فِي الْحَشِيشِ

<<  <  ج: ص:  >  >>