للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلْمُقْرِضِ رَدُّ عَيْنِ الْقَرْضِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَبِهِ اتَّضَحَ مَنْعُهُ فِي الْإِمَاءِ بِأَنَّهُ عَارِيَّةُ الْفُرُوجِ فَإِنْ تَغَيَّرَ بِنَقْصٍ فَوَاضِحٌ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ وَلَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ، وَهُوَ عَرْضٌ لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ عَنْ الْمُقْرِضِ فِيهِمَا لِتَقَدُّمِ مَعْرُوفِهِ عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ وَوُجُوبِ قَضَائِهِ بِمَحِلِّ قَبْضِهِ، وَهُوَ غَيْرُ عَيْنٍ وَيَجُوزُ بِغَيْرِهِ تَرَاضَيَا الْخِلَافَ إنْ حَلَّ أَجَلُهُ وَإِلَّا فَلَا ابْنُ عَتَّابٍ عَنْ الْمُشَاوِرِ مَنْ أَقْرَضَ طَعَامًا بِبَلَدٍ فَخَرِبَ وَانْجَلَى أَهْلُهُ أَوْ أَيِسَ مِنْ عِمَارَتِهِ بَعْدَ طُولٍ فَلَهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ فِي مَوْضِعِ السَّلَفِ وَإِنْ رَجَى قُرْبَ عِمَارَتِهِ تَرَبَّصَ إلَيْهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ سَلَمٍ خُيِّرَ فِي الْإِيَاسِ بَيْنَ تَرَبُّصِهِ أَوْ أَخْذِ مَالِهِ (قُلْتُ) الْأَظْهَرُ إنْ لَمْ تُرْجَ عِمَارَتُهُ عَنْ قُرْبِ الْقَضَاءِ بِالدَّفْعِ فِي أَقْرَبِ مَوْضِعٍ عِمَارَةٌ لِمَحِلِّ الْقَرْضِ انْتَهَى.

(الرَّابِعُ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ الطَّعَامَ مِنْ قَرْضٍ لَا مِنْ بَيْعٍ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ إذَا أَرَادَ الْمِدْيَانُ دَفْعَ بَعْضِ مَا عَلَيْهِ، وَهُوَ مُوسِرٌ هَلْ يُجْبَرُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى قَبْضِهِ أَمْ لَا فَرَوَى مُحَمَّدٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ يُجْبَرُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ: لَا يُجْبَرُ وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَيُجْبَرُ اتِّفَاقًا اهـ وَعَزَا الْجُزُولِيُّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ وَعَطَفَ الثَّانِيَ بِقِيلَ وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّانِي وَفِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَجَاءَهُ بِبَعْضِهِ فَقَالَ: لَا أَقْبَلُ إلَّا كُلَّهُ فَأَرَى أَنْ يُجْبَرَ عَلَى أَخْذِ مَا جَاءَ بِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إنْ كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا لَمْ يُجْبَرْ رَبُّ الْحَقِّ عَلَى أَخْذِ مَا جَاءَ بِهِ اهـ.

وَانْظُرْ رَسْمَ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّرْفِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ إذَا جَاءَ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلُ الْمُقَاصَّةُ فِي دَيْنِ الْعَيْنِ]

ص (فَصْلُ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِي دَيْنِ الْعَيْنِ مُطْلَقًا)

ش: قَالَ فِي الصِّحَاحِ: تَقَاصَّ الْقَوْمُ إذَا قَاصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ فِي حِسَابٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُقَاصَّةُ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ بِمُمَاثِلٍ صِنْفَ مَا عَلَيْهِ لِمَالِهِ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا وَلَا يُنْتَقَضُ طَرْدُهُ بِمُتَارَكَةِ مُتَقَاذِفَيْنِ حَدَّيْهِمَا أَوْ طَلَبَيْهِمَا عَلَى شَرْطِ ثُبُوتِ الْحَدِّ بِالْحُكْمِ بِهِ وَلَا بِمُتَارَكَةِ مُتَجَارِحَيْنِ جُرْحَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عُرْفًا لَا لُغَةً مَا صَحَّ قِيَامُ أَحَدِهِمَا مَقَامَ الْآخَرِ، وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ وَلَا طَلَبِهِمَا وَلَا عَلَى الْجُرْحَيْنِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَصِحُّ بَدَلَ الْآخَرِ بِحَالٍ وَإِلَّا زِيدَ فِي الرَّسْمِ مَالِيًّا وَقَوْلِنَا مَا عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ لَفْظِ الدَّيْنِ لِتَدْخُلَ الْمُقَاصَّةُ فِيمَا حَلَّ مِنْ كِتَابَةٍ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ اهـ.

وَأَمَّا حُكْمُهَا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْعُشُورِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ: وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْحُكْمِ بِالْمُقَاصَّةِ وَرَوَى زِيَادٌ لَا يُحْكَمُ بِهَا وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ خِلَافُ مَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي وَالسَّلَمِ الثَّانِي مِنْهَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ لَا مُقَاصَّةَ فَفِي لَغْوِ الشَّرْطِ وَأَعْمَالِهِ سَمَاعُ الْقَرِينَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَتَأَوَّلَ مَا فِي الصَّرْفِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الشَّرْطِ عَلَى الْمُنَاجَزَةِ كَشَرْطِ تَرْكِهَا وَتَعْلِيلُهُ يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ وَقِيلَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ تَرْكِهَا إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًا فَيَدْخُلُهُ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ رُوِيَ هَذَا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَصْبَغُ: هُوَ حَقِيقٌ أَنْ تَضْرِبَ لِلدَّيْنِ أَجَلًا وَلَمْ يُشْتَرَطْ إلَّا أَنْ لَا يَقْبِضَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ اهـ وَالْفَرْعُ الْأَوَّلُ فِي التَّوْضِيحِ وَبَهْرَامُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي أَوَّلِ الْمُقَاصَّةِ: جَازَ اتِّفَاقًا وَالْجَوَازُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِذْنِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ يَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ عَلَى قَوْلِ مَنْ دَعَا مِنْهُمَا إلَيْهَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ الْقَوْلُ لِمَنْ دَعَا مِنْهُمَا إلَى عَدَمِهَا رَوَاهُ زِيَادُ عَنْ مَالِكٍ وَأَخَذَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ الثَّانِي وَالنِّكَاحِ الثَّانِي الْقَوْلَانِ اهـ، وَقَالَ بَهْرَامُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ: تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ وَالْجَوَازُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِذْنِ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْمَعْنَى بِاعْتِبَارِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ حَتَّى يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ دَعَا إلَيْهَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ قَوْلَ مَنْ دَعَا إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>