للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِكَوْنِهِ مُحَرَّمًا تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ غَازِيٍّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَقِيلَ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَوْ مُحَرَّمًا مُشْرِفًا لَا أَعْرِفُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فروع الْأَوَّلُ اشْتِرَاطُ الْمَنْفَعَةِ فِي الْمَبِيعِ]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) : قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: إذَا تَقَرَّرَ اشْتِرَاطُ الْمَنْفَعَةِ فَيَكْفِي مُجَرَّدُ وُجُودِهَا وَإِنْ قُلْت، وَلَا يُشْتَرَطُ كَثْرَةُ الْقِيمَةِ فِيهَا، وَلَا عِزَّةُ الْوُجُودِ بَلْ يَصِحُّ بَيْعُ الْمَاءِ، وَالتُّرَابِ، وَالْحِجَارَةِ لِتَحْقِيقِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ كَثُرَ وُجُودُهَا، وَيَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ اهـ. وَأَجَازَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ حَيَوَانٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَبَيْعُهُ وَجَوَابُهُ الْقِيَاسُ عَلَى لَبَنِ الْأَنْعَامِ وَفَرَّقَ بِشَرَفِ الْآدَمِيِّ، وَأَنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ مِنْهُ الرَّضَاعُ لِلضَّرُورَةِ كَتَحْرِيمِ لَحْمِهِ، وَيَنْدَفِعُ الْفَرْقُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا أَرْضَعَتْ كَبِيرًا فَحُرِّمَ عَلَيْهَا فَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا فَعَلَتْ ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إجْمَاعًا عَلَى إلْغَاءِ هَذَا الْفَرْقِ قَالَهُ الْقَرَافِيُّ

[الفرع الثَّانِي بَيْعُ السُّمِّ]

(الثَّانِي) : السُّمُّ جَمِيعُ مَنَافِعِهِ مُحَرَّمَةٌ قَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَحِلُّ بَيْعُ السُّمِّ وَلَا مِلْكُهُ عَلَى حَالٍ، وَالنَّاسُ مُجْمِعُونَ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِ اهـ. مِنْ الْكِتَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْبُيُوعِ مِنْ النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ بَيْعِ الزِّبْلِ، وَبَيْعِ الْمَيْتَةِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْفَرْعِ الرَّابِعِ

[الفرع الثَّالِث بَيْعُ الْحُرِّ وَالْخِنْزِيرِ وَالْقِرْدِ وَالْخَمْرِ وَمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ]

(الثَّالِثُ) الْقِرْدُ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَا مِلْكُهُ قَالَ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ: مَا لَا يَصِحُّ مِلْكُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إجْمَاعًا كَالْحُرِّ، وَالْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ وَالْقِرْدِ، وَالدَّمِ، وَالْمَيْتَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ انْتَهَى. وَنَقَلَ الْجُزُولِيُّ فِي الْوَسَطِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ ثَمَنُ الْقِرْدِ حَرَامٌ كَاقْتِنَائِهِ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي مِنْ الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَنَّهُ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لَحْمَ الْقُرُودِ لَا يُؤْكَلُ، وَحَكَى الْمُصَنِّفُ فِي الْأَطْعِمَةِ فِي كَرَاهَتِهِ، وَحُرْمَتِهِ قَوْلَيْنِ: وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحُرِّ وَالْخِنْزِيرِ، وَالْقِرْدِ، وَالْخَمْرِ، وَالدَّمِ وَالْمَيِّتَةِ، وَالنَّجَاسَةِ، وَمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ كَخَشَاشِ الْأَرْضِ وَالْحَيَّاتِ، وَالْكِلَابِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهَا، وَتُرَابِ الصَّوَّاغِينَ، وَآلَةِ الْمَلَاهِي، وَالْأَحْبَاسِ، وَلُحُومِ الضَّحَايَا وَالْمُدَبَّرِ، وَالْمُكَاتَبِ، وَالْحَيَوَانِ الْمَرِيضِ مَرَضًا مَخُوفًا، وَالْأَمَةِ الْحَامِلِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْحَيَوَانِ بِشَرْطِ الْحَمْلِ، وَمَا فِي بُطُونِ الْحَيَوَانِ وَاسْتِثْنَاؤُهُ، وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكَةِ فِي الْمَاءِ، وَالْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْجَمَلِ الشَّارِدِ، وَالْغَائِبِ عَلَى غَيْرِ صِفَةٍ، وَالْبَيْعِ بِغَيْرِ تَقْلِيبٍ، وَمِلْكِ الْغَيْرِ، وَالْمَغْصُوبِ، وَكُلِّ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ، وَالدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ، وَمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَالدَّارِ بِشَرْطِ سُكْنَاهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَالدَّابَّةِ بِشَرْطِ رُكُوبِهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً، وَالْبَيْعِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، وَإِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، وَفِي وَقْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ اخْتَصَرْتُ ذَلِكَ مِنْ وَثَائِقِ الْغَرْنَاطِيِّ انْتَهَى كَلَامُهُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْكَلَامُ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الْقِرْدِ، وَبَقِيَّةُ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ كُلُّ شَيْءٍ فِي بَابِهِ لَكِنَّ جَمْعَ النَّظَائِرِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَا يَخْلُو مِنْ فَائِدَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْفَرْعُ الرَّابِعُ بَيْعُ الْمَدَرِ الَّذِي يَأْكُلُهُ النَّاسُ]

(الرَّابِعُ) : الْمَدَرُ الَّذِي يَأْكُلُهُ النَّاسُ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَطْعِمَةِ فِي كَرَاهَةِ أَكْلِهِ، وَمَنْعِهِ قَوْلَيْنِ، وَذَكَرَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْبَزِّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السُّلْطَانِ، وَعَزَا الْقَوْلَ بِالْكَرَاهَةِ لِمُحَمَّدٍ، وَالْقَوْلَ بِالتَّحْرِيمِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ أَنَّ الْمَشْهُورَ التَّحْرِيمُ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى نَقْلِ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فِي كَرَاهَةِ بَيْعِهِ وَحُرْمَتِهِ ثَالِثُهَا الْوَقْفُ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا يُعْجِبُنِي بَيْعُهُ وَأَرَى مَنْعَ بَيْعِهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَا مِلْكُهُ، وَنَقَلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رُشْدٍ إنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ غَيْرُ الْأَكْلِ جَازَ بَيْعُهُ مِمَّنْ يُؤْمِنُ أَنْ يَبِيعَهُ مِمَّنْ يَأْكُلُهُ انْتَهَى. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ لَا الْكَرَاهَةُ، وَسُئِلَ عَنْ الْمَدَرِ الَّذِي يَأْكُلُهُ النَّاسُ فَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ أَنْ يُبَاعَ مَا يَضُرُّ بِالنَّاسِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُنْهَى النَّاسُ عَمَّا يَضُرُّهُمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ ثُمَّ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: ٤] أَفِي الطِّينِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>