للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيِّنَةُ، وَأَشَارَ لِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَلَى قَوْلِ فَضْلٍ يَزِيدُ فِي حَقِّهِ أَنَّهُ مَا أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيهِ بِوَجْهٍ، وَذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ:) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: ثُمَّ يَبِيعُهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَيَقْضِي الْمُبْتَاعُ ثَمَنَهُ الَّذِي نَقَدَ بَعْدَ أَنْ تَقُولَ بَيِّنَتُهُ إنَّهُ نَقَدَ الثَّمَنَ، وَإِنَّهُ كَذَا، وَكَذَا دِينَارًا فَمَا فَضَلَ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِلْغَائِبِ عِنْدَ أَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ نَقَصَ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بَيْعِ الْغَرَرِ: إنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ مَالٌ غَيْرُهُ، أَوْ رَأَى أَنَّهُ أَمْثَلُ مَا يُبَاعُ لَهُ، وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت: مَا فِيهَا هُوَ نَصُّ الرِّوَايَةِ.

وَأَقْوَالُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَأَهْلِ الشُّورَى كَابْنِ عَتَّابٍ وَابْنِ الْقَطَّانِ وَابْنِ مَالِكٍ وَابْنِ سَهْلٍ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً مِنْ سَمَاعِ عِيسَى صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا بِأَنَّ السُّلْطَانَ يَبِيعُ بَعْدَ إثْبَاتِ الْفُصُولِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت، فَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى بَيْعِهِ لَهُ دُونَ شَرْطٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ اعْتِبَارَ أَوْلَوِيَّةِ مَا يُبَاعُ عَلَى الْغَائِبِ فِيمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ رِضًا بِبَيْعِ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْبَيْعُ قَدْ رَضِيَ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ بِبَيْعِهِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ تَوْكِيلَهُ عَلَى بَيْعِهِ انْتَهَى.

، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ.

، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ.

[فَرْعٌ قَامَ بِعَيْبِ مَبِيعٍ فِي غَيْبَةِ بَائِعِهِ وَالْبَائِعُ مِنْهُ حَاضِرٌ]

(فَرْعٌ:) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: مَنْ قَامَ بِعَيْبِ مَبِيعٍ فِي غَيْبَةِ بَائِعِهِ، وَالْبَائِعُ مِنْهُ حَاضِرٌ فَلَا رَدَّ عَلَيْهِ لِحُجَّتِهِ بِدَعْوَاهُ أَنَّ الْغَائِبَ رَضِيَهُ إلَّا فِي عَدَمِ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَضِيَهُ وَثَمَنُهُ لَمْ يَفِ بِثَمَنِهِ لَمْ يُقْبَلْ رِضَاهُ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ الْآخَرِ فَلَهُ الْقِيَامُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ غَرِيمُ غَرِيمِهِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ:) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَمَا فَضَلَ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِلْغَائِبِ عِنْدَ أَمِينٍ الشَّيْخُ.

الْقَاعِدَةُ: أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَتَعَرَّضُ لِدُيُونِ الْغَائِبِ يَقْبِضُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا، أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ، أَوْ يَكُونَ حَاضِرًا يُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ، وَرَبُّ الدَّيْنِ حَاضِرٌ، أَوْ غَائِبٌ مُلِدٌّ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ تَعَدَّى عَلَى مَالِ غَائِبٍ فَأَفْسَدَهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُ مِنْهُ الْقِيمَةَ وَيَحْبِسُهَا لِلْغَائِبِ.

وَانْظُرْ قَوْلَهُ هُنَا: حَبَسَهُ السُّلْطَانُ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ؟ انْتَهَى.

، وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي النُّكَتِ فِيمَا إذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْتَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا، أَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ، وَحُكِمَ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَكَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْبَائِعُ أَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَأْخُذُهُ بَلْ يُبْقِيهِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَحْكُمُ لِلْغَائِبِ فِي أَخْذِ دُيُونِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا، أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ، أَوْ يَقُولَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا أُرِيدُ بَقَاءَهُ فِي ذِمَّتِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفَوْتُهُ حِسًّا كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ) ش قَوْلُهُ: كَكِتَابَةٍ لَيْسَ تَمْثِيلًا لِلْفَوْتِ الْحِسِّيِّ؛ لِأَنَّ الْفَوْتَ فِي ذَلِكَ حُكْمِيٌّ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَشْبِيهُهُ بِالْفَوْتِ الْمُسَمَّى فِي مَنْعِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَإِذَا فَاتَ الْمَبِيعُ حِسًّا فَتَلِفَ، أَوْ حُكْمًا بِعِتْقٍ، أَوْ اسْتِيلَادٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ تَدْبِيرٍ فَاطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ تَعَيَّنَ الْأَرْشُ انْتَهَى.

(فَرْعٌ:) فَإِنْ وَهَبَهُ الْمُبْتَاعُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ تَعَيَّنَ الرُّجُوعُ أَيْضًا بِالْأَرْشِ.

قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: إذَا خَرَجَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَإِنْ كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا فَيَمُوتَ، أَوْ يَقْتُلَهُ الْمُشْتَرِي خَطَأً، أَوْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ مِثْلَ أَنْ يَقْتُلَهُ عَمْدًا، أَوْ يَهَبَهُ، أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ يُعْتِقَهُ، أَوْ يُكَاتِبَهُ وَمَا أَشْبَهَهُ فَرَوَى زِيَادٌ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ. انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: فَإِنْ تَعَذَّرَ لِعَقْدٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ؛ فَالْأَرْشُ، أَيْ: كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرَوَى زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ أَعْتَقَهُ أَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَلَعَلَّهُ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ هَذَا فِي غَيْرِ هِبَةِ الثَّوَابِ، وَأَمَّا هِبَةُ الثَّوَابِ فَكَالْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَقَالَ سَحْنُونٌ وَعِيسَى فِي الْعُتْبِيَّةِ: يَكُونُ الْأَرْشُ لِلْمُتَصَدِّقِ لَا لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ انْتَهَى.

وَانْظُرْ قَوْلَ التَّوْضِيحِ وَلَعَلَّهُ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ زِيَادًا لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى حُكْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>