للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّغَيُّرُ بِنَقْصٍ فِي الْقِيمَةِ لِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ، وَلَا يُعْتَبَرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعُيُوبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.

الثَّانِي: النُّقْصَانُ بِتَغَيُّرِ حَالِ الْمَبِيعِ دُونَ بَدَنِهِ كَالزَّوَاجِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَتَزْوِيجُ أَمَةٍ.

الثَّالِثُ: التَّغَيُّرُ بِنُقْصَانِ عَيْنِ الْمَبِيعِ، وَهَذَا الَّذِي تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ وَقَسَّمَهُ إلَى خَفِيفٍ وَمُتَوَسِّطٍ وَمُفِيتٍ.

الرَّابِعُ: النُّقْصَانُ مِنْ غَيْرِ عَيْنِ الْمَبِيعِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ النَّخْلَ بِثَمَرَتِهَا قَبْلَ الْإِبَارِ، أَوْ بَعْدَهُ وَالْعَبْدَ بِمَالِهِ، فَذَهَبَ مَالُ الْعَبْدِ بِتَلَفٍ، أَوْ ثَمَرَةُ النَّخْلِ بِجَائِحَةٍ، ثُمَّ يَطَّلِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فَلَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ، وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ يَتَمَسَّكَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ.

صَرَّحَ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الْعُيُوبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهَا الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى لِعِيسَى بْنِ دِينَارٍ.

الْخَامِسُ: النُّقْصَانُ بِمَا أَحْدَثَهُ الْمُبْتَاعُ فِي الْمَبِيعِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ ذِكْرُ هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْأَوْجُهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَذَكَرَهَا الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى وَالرَّجْرَاجِيّ وَصَرَّحَ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: وَأَمَّا النُّقْصَانُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ، أَوْ يُمْسِكَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَا أَعْلَمُ فِي الْمَذْهَبِ نَصًّا خِلَافَ أَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ لَيْسَتْ بِفَوْتٍ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمَبِيعَاتِ لَا بِالزِّيَادَةِ، وَلَا بِالنُّقْصَانِ، وَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ الْمُشْتَرَى إلَّا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ رَوَاهَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ فَوْتٌ فِي الطَّعَامِ اهـ. وَأَمَّا التَّغَيُّرُ بِالزِّيَادَةِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَهُ إنْ زَادَ بِكَصَبْغٍ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى التَّغَيُّرِ بِزِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُوضِحَةٌ أَوْ مُنَقِّلَةٌ أَوْ جَائِفَةٌ ثُمَّ بَرِئَتْ]

(فَرْعٌ:) وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُوضِحَةٌ، أَوْ مُنَقِّلَةٌ، أَوْ جَائِفَةً، ثُمَّ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَخَذَ لَهَا أَرْشًا، وَلَا يَرُدُّ مَا أَخَذَ إنْ رَدَّ الْعَبْدَ، وَأَمَّا إنْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ، فَإِنْ رَدَّ الْعَبْدَ رَدَّ مَعَهُ مَا شَانَهُ نَقَلَهُ فِي الْمُنْتَقَى وَصَاحِبِ الشَّامِلِ.

ص (وَقَوَّمَا بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي)

ش: هَذَا نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَيُقَوَّمُ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ يَوْمَ يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ: يَعْنِي أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي قِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَفِي قِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ إذَا اُحْتِيجَ إلَى قِيمَتِهِمَا مَعًا، أَوْ إلَى قِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَحْدَهُ يَوْمَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَلَا يَوْمَ الْعَقْدِ، وَلَا يُفْصَلُ فِي ذَلِكَ فَيُقَالُ يُقَوَّمُ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَالْعَيْبُ الْحَادِثُ يَوْمَ الْحُكْمِ كَمَا يَقُولُهُ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَدَّلِ زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ: وَأَكْثَرُ عِبَارَاتِهِمْ يُقَوَّمُ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى: (يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى مُوَاضَعَةٍ فَإِذَا قِيلَ: يَوْمُ الْبَيْعِ لَمْ يَشْمَلْ هَذِهِ الصُّورَةَ وَشِبْهَهَا اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيِّ فَيُعْتَبَرُ وَقْتُ ضَمَانِ ذَاتِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبِ وَالْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ وَالْفَاسِدِ اتِّفَاقًا وَاخْتِلَافًا اهـ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: فَإِنْ أَمْسَكَ قُوِّمَ صَحِيحًا، أَوْ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَيْ، فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي التَّمَسُّكَ بِالْعَيْبِ، وَأَخَذَ قِيمَةَ الْقَدِيمِ حَيْثُ يَكُونُ التَّخْيِيرُ فَإِنَّ الْمَبِيعَ يَكْفِي فِيهِ حِينَئِذٍ تَقْوِيمَانِ يُقَوَّمُ صَحِيحًا، ثُمَّ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ فَمَهْمَا نَقَصَ أَخَذَ نِسْبَةَ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ.

قَالَ الْبَاجِيُّ: مِثْلُ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا سَالِمَةً عَشَرَةً، وَبِالْعَيْبِ ثَمَانِيَةً فَيَعْلَمُ أَنَّ الْعَيْبَ خُمْسُ الثَّمَنِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِخُمْسِهَا، وَذَلِكَ ثَلَاثٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَإِنْ رَدَّ قَوَّمَ ثَالِثًا بِهِمَا.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَيْ، وَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ قَوَّمَ تَقْوِيمًا ثَالِثًا بِالْعَيْبَيْنِ مَعًا الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ فَمَا نَقَصَتْهُ الْقِيمَةُ الثَّالِثَةُ عَنْ الْقِيمَةِ الثَّانِيَةِ نَسَبَ ذَلِكَ مِنْ الْقِيمَةِ الْأُولَى وَرَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ تِلْكَ النِّسْبَةَ مِنْ الثَّمَنِ، وَهَكَذَا قَالَ الْبَاجِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ الْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ: فَإِنْ أَرَادَ الرَّدَّ فَإِنَّ الْقِيمَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فَإِذَا تَقَدَّمَا جُعِلَتْ قِيمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>