للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ فَعَلَّلَاهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ الْعُرْفِيَّ التَّضْيِيقُ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ بَطْنَهُ طَعَامٌ، وَاللَّبَنُ وَالسَّوِيقُ مِنْ الطَّعَامِ قَالَا: وَلَوْ كَانَ قَصْدُهُ الْأَكْلَ دُونَ الشُّرْبِ لَمْ يَحْنَثْ عَلَيْهِ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحَالِفِ لَا يَتَعَشَّى لَا يَحْنَثُ فِي التَّسَحُّرِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي هَذَا الْفَرْعِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ الْجَوَابَ فِيهِمَا عَلَى اعْتِبَارِ الْبِسَاطِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ عَدَمُهُمَا، انْتَهَى. وَفِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ مَنْ حَلَفَ لَا يَتَعَشَّى فَشَرِبَ مَاءً أَوْ نَبِيذًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَحْنَثُ بِالسَّوِيقِ، وَلَا يَحْنَثُ بِالسَّحُورِ، انْتَهَى ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ النَّبِيذَ شَرَابٌ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الطَّعَامِ وَالسَّوِيقُ طَعَامٌ لَيْسَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّرَابِ وَإِنْ شَرِبَ، وَالْعَشَاءُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الطَّعَامِ لَا عَلَى الشَّرَابِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِالسَّحُورِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَشَاءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بَدَلٌ مِنْ الْغِذَاءِ، وَقَدْ سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غِذَاءً فَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِلْمِقْدَادِ: عَلَيْكَ بِهَذَا السَّحُورِ فَإِنَّمَا هُوَ الْغِذَاءُ الْمُبَارَكُ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَحْنَثَ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَعَشَّى إذَا تَسَحَّرَ كَمَا لَا يَحْنَثُ إذَا تَغَذَّى، انْتَهَى وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

[فَرْعٌ حَلَفَ الْحَالِفُ أَنْ يَشْرَبَ مَاءً صِرْفًا فَشَرِبَ مَاءً مِنْ آبَارِ الصَّحَارِي الْمُتَغَيِّرِ]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي مَسَائِلِ الطَّهَارَةِ لَوْ حَلَفَ الْحَالِفُ أَنْ يَشْرَبَ مَاءً صِرْفًا فَشَرِبَ مَاءً مِنْ آبَارِ الصَّحَارِي الْمُتَغَيِّرِ مِنْ الْخَشَبِ الَّذِي يُطْوَى بِهِ لَبَرَّ فِي يَمِينِهِ، كَمَا لَوْ شَرِبَ مَاءً مُتَغَيِّرًا مِنْ الْحَمْأَةِ أَوْ الطُّحْلُبِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً صِرْفًا أَوْ لَيَشْرَبَنَّهُ فَشَرِبَ مَاءَ الْوَرْدِ أَوْ مَاءً مَشُوبًا بِعَسَلٍ أَوْ بِرُبٍّ أَوْ بِشَرَابٍ مِنْ الْأَشْرِبَةِ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى، وَلَا يَبَرُّ فِي الثَّانِيَةِ، انْتَهَى بِالْمَعْنَى.

[فَرْعٌ عَاتَبَتْهُ امْرَأَتُهُ فَقَالَتْ تَأْكُلُ مِنْ غَزْلِي فَحَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِهَا ثُمَّ أَكُلّ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ عَاتَبَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَقَالَتْ: تَأْكُلُ مِنْ غَزْلِي فَحَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِهَا شَيْئًا، ثُمَّ دَخَلَ يَوْمًا فَدَعَا بِشَرْبَةِ جَذِيذَةٍ مِنْ مَالِهِ وَدَعَا بِعَسَلٍ كَانَ لَهُ فِي التَّابُوتِ فَأَخْطَأَتْ الْمَرْأَةُ فَجَاءَتْ بِزَيْتٍ كَانَ لَهَا مِنْ عَمَلِ يَدَيْهَا أَوْ دُهْنٍ اشْتَرَتْهُ لَرَأْسِهَا فَصَبَّتْهُ فِيهِ فَشَرِبَهُ قَالَ إنْ كَانَ زَيْتًا فَهُوَ حَانِثٌ، وَإِنْ كَانَ دُهْنًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا لَمْ يُحَنِّثْهُ فِي الدُّهْنِ؛ لِأَنَّ الدُّهْنَ لَمَّا كَانَ مِمَّا لَمْ يُتَّخَذْ لِلْأَكْلِ حُمِلَ يَمِينُهُ عَلَى مَا يُتَّخَذُ لِلْأَكْلِ إذَا رَأَى مَقْصِدَهُ فِيهِ، وَيَحْنَثُ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يُرَاعِي الْمَقْصِدَ الْمَظْنُونَ وَتُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ، وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَفِي مَوَاضِعَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، انْتَهَى. وَالْجَذِيذَةُ بِجِيمٍ وَذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ كُلَّ جَذِيذَةٍ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ فِي حَاجَتِهِ أَرَادَ شَرْبَةً مِنْ سَوِيقٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا تُجَذُّ أَيْ تُدَقُّ وَتُطْحَنُ، انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْكَبِيرِ فِي فَصْلِ الْقِيَامِ عَنْ صَاحِبِ الطِّرَازِ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقُومُ فَقَامَ مُتَوَكِّئًا حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَقُومَنَّ فَقَامَ مُتَوَكِّئًا بَرَّ، انْتَهَى.

. ص (وَبِوُجُودِ أَكْثَرَ فِي لَيْسَ مَعِي غَيْرُهُ لِمُتَسَلِّفٍ لَا أَقَلَّ)

ش: يَعْنِي إذَا حَلَفَ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُسَلِّفَهُ دَرَاهِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا، ثُمَّ وَجَدَ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَأَمَّا إنْ وَجَدَ مَعَهُ أَقَلَّ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ.

(تَنْبِيهٌ) هَذَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَدْخُلُهُ اللَّغْوُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ: مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ مَالٌ فَظَهَرَ أَنَّهُ عِنْدَهُ مَالٌ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ حَلَفَ بِاَللَّهِ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَيْمَانِ فَقَدْ حَنِثَ، انْتَهَى. وَهَذَا ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

. ص (وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ أَوْ لُبْسِهِ فِي لَا أَرْكَبُ وَأَلْبَسُ)

ش: قَالَ فِي الْقَوَانِينَ: مَنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارًا وَهُوَ سَاكِنٌ، أَوْ أَنْ لَا يَلْبَسَ ثَوْبًا وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>