للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى الِاسْتِسْقَاءِ بِجَامِعِ أَنَّ هَذَا وَقْتٌ لَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ فَجُعِلَ لِلسُّنَنِ الْمُسْتَقِلَّةِ تَمْيِيزًا لَهَا عَنْ النَّوَافِلِ التَّابِعَةِ انْتَهَى.

مِنْ الذَّخِيرَةِ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الطِّرَازِ فَإِنْ طَلَعَتْ مَكْسُوفَةً؛ لَمْ تُصَلَّ حَتَّى تَبْرُزَ الشَّمْسُ وَيَأْتِي وَقْتُ النَّافِلَةِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَلْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقِفُوا وَيَدْعُوا؟ .

قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ: وَلَا تُصَلَّى فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ أَنْ تَبْرُزَ وَتَحِلُّ النَّافِلَةُ وَلَكِنْ يَقِفُونَ لِلدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فَإِنْ تَمَادَتْ صَلَّوْهَا وَإِنْ انْجَلَتْ حَمِدُوا اللَّهَ تَعَالَى وَلَمْ يُصَلُّوهَا، وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَا قِيَامَ عَلَيْهِمْ وَلَا اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ، وَلَوْ فَعَلَهُ أَحَدٌ؛ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا.

فَظَاهِرُ مَا فِي الْوَاضِحَةِ أَنَّ ذَلِكَ مَسْنُونٌ وَمَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ غَيْرُ مَسْنُونٍ إلَّا أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَمْ يُعَدَّ بِدْعَةً وَلَمْ تَزَلْ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ يَتَضَرَّعُونَ وَيَدْعُونَ وَيَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى قِيَامًا مُسْتَقْبِلِينَ الْقِبْلَةَ وَمُبْتَهِلِينَ لَا يُنْكِرُ الْقَائِمُ عَلَى الْجَالِسِ وَلَا الْجَالِسُ عَلَى الْقَائِمِ وَلَا الدَّاعِي عَلَى السَّاكِتِ وَلَا السَّاكِتُ عَلَى الدَّاعِي انْتَهَى.

وَمِنْهُ أَيْضًا إذَا قُلْنَا لَا تُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ فَانْكَشَفَتْ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَغَابَتْ مُنْكَسِفَةً؛ لَمْ تُصَلَّ إجْمَاعًا وَسَلَّمَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُهُ فِي الْقَمَرِ إذَا غَابَ مُنْكَسِفًا بِلَيْلٍ فَلْيُصَلَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَهَذَا لِأَنَّ سُلْطَانَ الشَّمْسِ قَدْ ذَهَبَ، وَوَقْتَهَا قَدْ فَاتَ وَهُوَ النَّهَارُ وَإِنَّمَا كَانَتْ الصَّلَاةُ رَغْبَةً لِيُرَدَّ ضَوْءُهَا إلَيْنَا وَتَعُودَ مَنْفَعَتُهَا عَلَيْنَا وَهَذَا الْمَعْنَى يَذْهَبُ بِفَقْدِ الشَّمْسِ رَأْسًا فَيَسْقُطُ حُكْمُهَا بِفَقْدِهَا انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ طَلَعَ الْقَمَرُ مَخْسُوفًا بَدَأَ بِالْمَغْرِبِ. وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ افْتِقَارُهَا إلَى نِيَّةٍ تَخُصُّهَا بِخِلَافِ الْكُسُوفِ فَإِنْ انْكَسَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَلَا صَلَاةَ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّلَاةِ وُجُودُ ضَوْئِهِ لَيْلًا لِتَحْصُلَ مَصْلَحَتُهُ وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ فَلَوْ خَسَفَ فَلَمْ يُصَلُّوا حَتَّى غَابَ بِلَيْلٍ لَمْ يُصَلُّوا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ انْتَهَى.

وَذَكَرَ الْجُزُولِيُّ فِي صَلَاتِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ قَوْلَيْنِ وَاقْتَصَرَ التِّلْمِسَانِيُّ عَلَى أَنَّهَا تُصَلَّى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِالرُّكُوعِ)

ش: أَيْ الثَّانِي قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَمْ يَقْضِ شَيْئًا وَكَذَلِكَ إنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّمَا يَقْضِي رَكْعَةً فِيهَا رَكْعَتَانِ انْتَهَى.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: حَاصِلُهُ أَنَّ الرُّكُوعَ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ، وَالثَّانِيَ هُوَ الْفَرْضُ فَذَلِكَ إذَا أَدْرَكَ الثَّانِيَ مِنْ إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الطِّرَازِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ الْأَصْلِيَّ هُوَ الثَّانِي بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤْتَى بِهِ فِي مَحَلِّهِ فَيُصَلَّى أَوَّلُهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَالرَّفْعِ مِنْهُ بِالسُّجُودِ بِخِلَافِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَنْ الْمَسْبُوقِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا انْتَهَى مُخْتَصَرًا.

وَقَالَ فِي الطِّرَازِ أَيْضًا إنْ رَكَعَ بِنِيَّةِ الثَّانِي وَسَهَا عَنْ الْأَوَّلِ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ مَسْنُونٌ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ وَإِنْ رَكَعَ بِنِيَّةِ الْأَوَّلِ وَسَهَا عَنْ الثَّانِي فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ تَرَكَ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ اُنْظُرْ لَوْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ الْأَوَّلَ وَفَاتَهُ الثَّانِي لِرُعَافٍ أَوْ نَحْوَهُ وَأَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي آخِرِ انْحِطَاطِهِ لِلسُّجُودِ هَلْ يَقْضِيهِ؟ .

ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَقْضِيهِ فَإِنَّهُ نَفَى الْقَضَاءَ عَمَّنْ أَدْرَكَ الثَّانِيَ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَ الْعَكْسُ مُسَاوِيًا؛ لَمَا كَانَ لِاخْتِصَاصِهِ فَائِدَةٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَوَّلَ وَاجِبٌ فَعَلَى هَذَا قَوْلُ سَنَدٍ إنْ سَهَا عَنْ الْأَوَّلِ سَجَدَ لَهُ قَبْلُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَجْرَاهُ مَجْرَى السُّنَنِ انْتَهَى.

(قُلْت) قَوْلُهُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ وَاجِبٌ، فِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَقَوْلُهُ: أَجْرَاهُ مَجْرَى السُّنَنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِهِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ فِي كَلَامِهِ وَكَلَامِ صَاحِبِ التَّوْضِيحِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَنَّ مَنْ جَاءَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَإِنَّهُ يُدْرِكُ تِلْكَ الرَّكْعَةَ يُرِيدُ وَلَوْ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَدْرَكَ الْأَوَّلَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتَدَارَكُهُ مَا لَمْ يَعْقِدْ الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ فَاتَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ صَلَاة الْكُسُوف]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَمَنْ فَاتَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فَإِنْ فَعَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>