للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِهَا: أَيْ وَقَبُولُ الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ لِلْوَصِيَّةِ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ أَنْوَاعِ الْعَطَايَا فَاشْتُرِطَ فِيهَا الْقَبُولُ كَالْهِبَةِ، وَغَيْرِهَا انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لِوَرَثَتِهِ قَبُولُهَا، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: إنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْمُوصِي لَا يَنْتَقِلُ حَقُّ الْقَبُولِ لِلْوَارِثِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْأَبْهَرِيَّ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ يَنْتَقِلُ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْوَصَايَا الْأَوَّلِ: وَإِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَالْوَصِيَّةُ لِوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ عَلِمَ بِهَا أَمْ لَا وَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوهَا كَشُفْعَةٍ لَهُ أَوْ خِيَارٍ فِي بَيْعٍ وَرِثُوهُ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الْوَصَايَا الثَّانِي قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ عِيَاضٌ: هَذَا بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ فِي الْكِتَابِ أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ قَبُولَهَا حَقٌّ يُورَثُ عَنْهُ وَذَكَرَ الْأَبْهَرِيُّ: أَنَّهَا تَحْتَاجُ لِقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ إذَا قَبِلَهَا، وَمَتَى لَمْ يَقْبَلْ سَقَطَ حَقُّهُمْ فِيهَا وَرَجَعَتْ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي وَقِيلَ إنَّهَا حَقٌّ يَثْبُتُ لِلْمَيِّتِ يُورَثُ عِتْقُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ رَدُّهُ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: اُنْظُرْ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ وَمُنَاقَشَةَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.

(فَرْعٌ) وَلَوْ تَرَاخَى الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ لَمْ يَضُرَّ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْ الْقَبُولِ الْفَوْرُ بَعْدَهُ قِيَاسًا عَلَى الْهِبَةِ.

[فَرْعٌ أَوْصَى لِرَجل بِمَالِ فَلَمْ يَقْبَل ذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ فِي صِحَّة الْمُوصِي وَردّه ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي ورجع الْمُوصَى لَهُ إلَى قَبُول الْمَال]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَإِجَازَةُ الْوَرَثَةِ فِي الصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مَا نَصُّهُ: قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ اُنْظُرْ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ لَوْ أَوْصَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِمَالٍ فَلَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ فِي صِحَّةِ الْمُوصِي وَرَدَّهُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي، وَرَجَعَ الْمُوصَى لَهُ إلَى قَبُولِ الْمَالِ فَذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَجِبْ لَهُ الْوَصِيَّةُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي انْتَهَى.

[فَرْعٌ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي]

(فَرْعٌ) فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي قَالَ فِي الْوَصَايَا الثَّانِي: بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ أَمْ لَا، ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ: يُحَاصُّ بِهَا وَرَثَةُ الْمُوصِي أَهْلَ الْوَصَايَا فِي ضِيقِ الثُّلُثِ، ثُمَّ يَرِثُ تِلْكَ الْحِصَّةَ، وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ أَنَّهُمْ يُحَاصُّونَ بِهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ وَلَا يُحَاصُّونَ بِهَا إنْ عَلِمَ، وَقَالَهُ مَالِكٌ أَيْضًا انْتَهَى.

ص (وَلَمْ يَحْتَجْ رِقٌّ لِإِذْنٍ فِي قَبُولٍ)

ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلِلْمَأْذُونِ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا وَيَقْبَلُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ وَلَهُ نَحْوُ ذَلِكَ فِي الْوَصَايَا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا كَالصَّدَقَةِ وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، وَأُقِيمَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ قَبُولِ الْهِبَةِ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ، التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ إلَى الْقَبُولِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمَأْذُونِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُوصِي شَرَطَ فِي هِبَتِهِ أَوْ وَصِيَّتِهِ أَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْضِيَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فِي السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ انْتَهَى. بِالْمَعْنَى.

(تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ خَلِيلٌ لَوْ قِيلَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ قَبُولِ الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا كَانَ حَسَنًا لِلْمِنَّةِ الَّتِي تَحْصُلُ عَلَى السَّيِّد انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ فِي عَبْدٍ أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ فَأَبَى قَبُولَهُ فَلِسَيِّدِهِ الَّذِي تَصَدَّقَ أَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى قَبُولِهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ وَأَنْ يَأْبَى الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا إذَا قَالَ إنَّمَا أَرَدْت الْعَبْدَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ فَلَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ، وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَحْفَظُهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَوْ قَبَضَ الصَّدَقَةَ كَانَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِقَبُولِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.

ص (وَصَحَّتْ لِعَبْدِ وَارِثِهِ إنْ اتَّحَدَ أَوْ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ)

ش: قَالَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ رَجُلٍ لِعَبْدِ وَارِثِهِ إلَّا بِالتَّافِهِ كَالثَّوْبِ، وَنَحْوِهِ مِمَّا يُرِيدُ بِهِ نَاحِيَةَ الْعَبْدِ لَا نَفْعَ سَيِّدِهِ كَعَبْدٍ كَانَ قَدْ خَدَمَهُ، وَنَحْوِهِ، وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِ ابْنِهِ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ جَازَ وَلَا يَنْتَزِعُ ذَلِكَ الِابْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>