للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَرْعٌ مَاتَ فِي سَفَرٍ]

فَرْعٌ) فَإِنْ مَاتَ فِي سَفَرٍ فَلِأَوْصِيَائِهِ بَيْعُ مَتَاعِهِ وَعُرُوضِهِ؛ لِأَنَّهُ يَثْقُلُ حَمْلُهُ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ بَلْ ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي كِتَابِ السَّلَمِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي سَفَرٍ بِمَوْضِعٍ لَا قُضَاةَ فِيهِ وَلَا عُدُولَ وَلَمْ يُوصِ، فَاجْتَمَعَ الْمُسَافِرُونَ وَقَدَّمُوا رَجُلًا بَاعَ هُنَاكَ تَرِكَتَهُ ثُمَّ قَدِمُوا بَلَدَ الْمَيِّتِ، فَأَرَادَ الْوَرَثَةُ نَقْضَ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يُبَعْ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، وَبَلَدُهُ بَعِيدٌ مِنْ مَوْضِعِ الْمَوْتِ إنَّ مَا فَعَلَتْهُ جَمَاعَةُ الرِّفْقَةِ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ فَجَائِزٌ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ هَذَا لِعِيسَى بْنِ مِسْكِينٍ وَصَوَّبَ فِعْلَهُ وَأَمْضَاهُ، وَذَكَرَ الدَّاوُدِيّ أَنَّهُ مَرَّ بِتَرِكَةِ رَجُلٍ غَرِيبٍ يُذْكَرُ أَنَّهُ مِنْ أَجْوَارِ فَاسَ وَوَرَثَتُهُ مَجْهُولُونَ، وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَى ثِقَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ وَأَمَرَهُمْ بِالْبَحْثِ عَنْ وَرَثَتِهِ، فَإِنْ يَئِسَ مِنْهُمْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَذَكَرَ رَجُلٌ أَنَّهُ تَسَلَّفَ مِنْ الْمَيِّتِ دِينَارًا فَأَمَرَهُ بِدَفْعِهِ لِأُولَئِكَ الثِّقَاتِ وَيُبَرِّئُهُ ذَلِكَ إذَا أَشْهَدَ عَلَى الدَّفْعِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ تَنْفِيذَ الْوَصَايَا مِنْ قَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ بِالثُّلُثِ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْوَصَايَا، وَفِي الْقِسْمَةِ وَقَالَ فِي اللُّبَابِ وَتَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ انْتَهَى. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لِلْوَصِيِّ اقْتِضَاءَ مَا لِلْوَصِيِّ مِنْ الدُّيُونِ وَالتَّأْخِيرِ بِالنَّظَرِ وَيَأْتِي هُنَاكَ حُكْمُ قَضَاءِ الْوَصِيِّ مَا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الدَّيْنِ إذَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْوَصَايَا وَالْحُقُوقِ دُونَ غَيْرِهِ، وَمَسْأَلَةُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْوَصَايَا وَالدُّيُونِ مَعَ الْوَارِثِ فِي الْبَيْعِ نَقَلَهَا فِي اللُّبَابِ وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ فِي رَسْمِ الْوَصَايَا الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا الْأَوَّلِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ، فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَرَادَهُ، وَمَسْأَلَةُ إرْسَالِ الْوَصِيِّ مَالَ الْوَرَثَةِ ذَكَرَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ، وَمَسْأَلَةُ إرْسَالِ الْقَاضِي مَالَ الْوَرَثَةِ ذَكَرَهَا فِي أَوَائِلِ الْمُنْتَخَبِ، وَفِي أَوَاخِرِ بَابِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِي آخِرِ الْقِسْمِ الْخَامِسِ مِنْ الرُّكْنِ السَّادِسِ مِنْ تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ، وَفِي بَابِ الْجِهَادِ مِنْ حَاشِيَةِ الْمَشَذَّالِيّ.

[فَرْعٌ بَاعَ الْوَصِيُّ عَقَارًا أَكْثَرَ مِنْ حِصَّةِ الْمَيِّتِ وَفَرَّقَهُ]

(فَرْعٌ) ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَسْأَلَةً وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ عَقَارًا أَكْثَرَ مِنْ حِصَّةِ الْمَيِّتِ وَفَرَّقَهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَى الْوَصِيِّ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي مَسَائِلِ الْوَصَايَا مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ، وَنَصُّهَا: " وَكَتَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ أُسْنِدَتْ إلَيْهِ وَصِيَّةٌ بِثُلُثٍ فَنَظَرَ مَعَ الْوَرَثَةِ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ حَتَّى خَلَصَتْ وَفَرَّقَ الثُّلُثَ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَغَيْرِ مُعَيَّنِينَ حَسْبَمَا فِي الْوَصِيَّةِ وَكَانَ فِي التَّرِكَةِ شَخْصٌ يُشَارِكُ فِيهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ، وَغَيْرُهُ فَبِيعَ فِيمَا بِيعَ وَاشْتَرَاهُ الشَّرِيكُ الْوَارِثُ وَتَوَزَّعَ ثَمَنُهُ عَلَى قَدْرِ الْمَوَارِيثِ وَالْوَصِيَّةِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ تَأَمَّلْت الْقِصَّةَ فَإِذَا قَدْ وَقَعَ فِيهَا غَلَطٌ وَوَهْمٌ وَقَدْ بِيعَ مِنْ الرُّبْعِ مِنْ الْمَوَارِيثِ أَكْثَرُ مِنْ نَصِيبِ الْمَيِّتِ وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ وَثَبَتَ وَوَجَبَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ فِي التَّرِكَةِ إذَا لَمْ يُجِزْ سَائِرُ الْأَشْرَاكِ بَيْعَ الزَّائِدِ فَأَخَذَ مِنْ كُلِّ وَارِثٍ مُصَابَهُ، وَبَقِيَ مَا لِلثُّلُثِ وَقَدْ فَرَّقَ كَمَا ذَكَرَ فَأَجَابَ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ فِيمَا نَفَّذَهُ مِمَّا يَجِبُ مِنْ الثَّمَنِ لِلْحِصَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى حَقِّ الْمَيِّتِ وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِمَا نَابَ الْمُوصَى مِنْ ذَلِكَ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى مَنْ وَجَدَ مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ الْمُعَيَّنِينَ وَتَكُونُ الْمُصِيبَةُ مِنْهُ فِيمَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْهُمْ، وَفِيمَا فُرِّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ الَّذِي نَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ انْتَهَى.

[مَسْأَلَة أَوْصَى بِوَصِيِّهِ وَجَعَلَ تَنْفِيذهَا إلَى رَجُل أَوْ وَارِث وَشَرْط فِي تَنْفِيذ الْوَصِيَّة دُون مَشُورَة قَاضٍ وَلَا تعقب حَاكِم]

مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي بَابِ الْوَصَايَا: إذَا أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ كَفَكِّ أَسِيرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ، وَجَعَلَ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ إلَى رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ وَارِثٍ وَشَرَطَ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ دُونَ مَشُورَةِ قَاضٍ وَلَا تَعَقُّبِ حَاكِمٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ أَنْ يَتَعَقَّبَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَنْظُرُ فِيهِ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مِمَّا يَبْقَى لَهُمْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَالْعِتْقِ وَشِبْهِهِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقُومُوا حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّهَا قَدْ نُفِّذَتْ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ لَهَا وَارِثًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مِمَّا لَا يَبْقَى فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَالصَّدَقَةِ فَلَا قِيَامَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُنَفِّذُ وَارِثًا انْتَهَى.

قَالَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>