للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ قُلْت وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا لِقَوْلِهَا لَا يُصَلَّيَانِ فِي الْحِجْرِ كَالْفَرْضِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَتَنَفَّلَ عَلَى الْأَرْضِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَيُصَلِّي فِي السَّفَرِ الَّذِي يُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ عَلَى دَابَّتِهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ الْوِتْرَ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالنَّافِلَةَ، انْتَهَى. ابْنُ نَاجِي أَقَامَ بَعْضُ التُّونُسِيِّينَ مِنْ هُنَا أَنَّ الْوِتْرَ يُصَلَّى جَالِسًا اخْتِيَارًا وَأَقَامَ بَعْضُهُمْ عَكْسَهُ مِنْ قَوْلِهَا لَا يُصَلِّي فِي الْكَعْبَةِ الْفَرِيضَةَ وَلَا الْوِتْرَ وَلَا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْفَجْرَ لَا يُصَلَّى جَالِسًا؛ لِأَنَّهُ قَرَنَهُ بِالْفَرِيضَةِ وَالْوِتْرِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَاخْتَلَفَتْ فَتْوَى الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَأَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الرَّمَّاحِ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِالْمَنْعِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِوُجُوبِهِ، انْتَهَى.

[فَرْعٌ يَسْقُطُ عَنْ الْمَرِيضِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ]

(فَرْعٌ) يَسْقُطُ عَنْ الْمَرِيضِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ مَا أُكْرِهَ الشَّخْصُ عَلَى تَرْكِهِ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ: وَتَتَغَيَّرُ أَحْكَامُ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ وَصُوَرُهَا بِعَشْرَةِ أَسْبَابٍ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِالْقَصْرِ وَالْجَهْرِ وَلِصَلَاةِ الْخَوْفِ فِي جَمَاعَةٍ بِتَفْرِيقِ صَلَاتِهَا وَلِصَلَاةِ الْمُسَايِفِ كَيْفَمَا أَمْكَنَهُ وَبِالتَّقْصِيرِ فِي السَّفَرِ وَبِعُذْرِ الْمَرَضِ الْمَانِعِ مِنْ اسْتِيفَاءِ أَرْكَانِهَا فَيَفْعَلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَبِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ وَالْمَنْعِ فَيَفْعَلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَبِالْجَمْعِ لِلْمُسَافِرِ يَجِدُّ بِهِ السَّيْرُ فَيَجْمَعُ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ وَسَطَهُ أَوْ آخِرَهُ بِحَسْبِ سَيْرِهِ وَالْجَمْعُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ لِلْعِشَاءَيْنِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَالْجَمْعُ لِلْحَاجِّ بِعَرَفَةَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَوَّلَ الزَّوَالِ وَبِمُزْدَلِفَةَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَالْجَمْعُ لِلْمَرِيضِ يَخَافُ أَنْ يُغْلَبَ عَلَى عَقْلِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ أَرْفَقَ بِهِ فَوَسَطُهُ، انْتَهَى.

قَالَ الْقَبَّابُ: قَوْلُهُ وَبِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ هَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ مَنْ مَنَعَهُ وَقَهَرَهُ عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ وَقَهْرٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا يُسْقِطُ عَنْهُ مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَيَفْعَلُ سَائِرَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ إحْرَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَإِيمَاءٍ كَمَا يَفْعَلُ الْمَرِيضُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا سِوَاهُ، انْتَهَى.

(قُلْت) وَيَدُلُّ لِذَلِكَ صَلَاةُ الْمُسَايَفَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ الْمُصَلِّي جَالِسًا إذَا دَنَا مِنْ رُكُوعِهِ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي جَالِسًا إذَا دَنَا مِنْ رُكُوعِهِ أَنْ يَقُومَ فَيَقْرَأَ نَحْوَ الثَّلَاثِينَ آيَةً ثُمَّ يَرْكَعَ قَائِمًا التِّلِمْسَانِيُّ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُصَلِّي جَالِسًا فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ قَامَ فَقَرَأَهَا وَهُوَ قَائِمٌ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ» . قَالَ الْأَبْهَرِيُّ: فَاسْتَحَبَّ لَهُ مَالِكٌ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَلِأَنَّ فِعْلَ الرُّكُوعِ مِنْ الْقِيَامِ أَوْلَى مِنْ فِعْلِهِ مِنْ الْجُلُوسِ، انْتَهَى.

ص (ثُمَّ اسْتِنَادٌ لَا لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ ثُمَّ جُلُوسٌ)

ش: مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الِاسْتِنَادِ وَالْجُلُوسِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَذَكَرَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَالشَّيْخُ زَرُّوق أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ذَكَرَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ هَلْ الضَّرُورِيُّ أَوْ الْمُخْتَارُ؟ وَالظَّاهِرُ الضَّرُورِيُّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: ذَهَبَ أَكْثَرُ شُيُوخِنَا إلَى أَنَّ عِلَّةَ الْإِعَادَةِ كَوْنُ الْمُصَلِّي بَاشَرَ نَجَاسَةً فِي أَثْوَابِهَا فَكَانَ كَالْمُصَلِّي عَلَيْهَا، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَتَرَبُّعٌ كَالْمُتَنَفِّلِ)

ش: قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>