للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَدَّى لِسُقُوطِ عَامٍ فِي نَحْوِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُمْ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ وَهُوَ الْمُحَرَّمُ فِي أَيِّ فَصْلِ كَانَ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ إنَّمَا هِيَ مَنُوطَةٌ فِي الْغَالِبِ بِالسِّنِينَ الْقَمَرِيَّةِ، وَلَوْ قُلْنَا بِمَا قَالَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ لَأَدَّى إلَى سُقُوطِ عَامٍ فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ عَامًا وَمَا قُلْنَاهُ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: عَلَّقَ مَالِكٌ الْحُكْمَ هُنَا بِالسِّنِينَ الشَّمْسِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِ سَنَةٍ فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ سَنَةً لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، انْتَهَى. وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي الِاحْتِجَاجِ لِلشَّافِعِيِّ وَلِأَنَّ رَبْطَهُ بِالثُّرَيَّا يُؤَدِّي لِلزِّيَادَةِ فِي الْحَوْلِ زِيَادَةَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ عَلَى الْقَمَرِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْجَوَابِ: إنَّ ذَلِكَ مُغْتَفَرٌ لِأَجْلِ أَنَّ الْمَاشِيَةَ تَكْتَفِي فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ بِالْحَشِيشِ عَنْ الْمَاءِ فَإِذَا أَقْبَلَ الصَّيْفُ اجْتَمَعَتْ عَلَى الْمِيَاهِ فَلَا تَتَكَلَّفُ السُّعَاةُ كَثْرَةَ الْحَرَكَةِ وَلِأَنَّهُ عَمَلُ الْمَدِينَةِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ رَدًّا عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْبَعْثُ حِينَئِذٍ لِمَصْلَحَةِ الْفَرِيقَيْنِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلْمِيَاهِ لَا لِأَنَّهُ حَوْلٌ لِكُلِّ النَّاسِ بَلْ كُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ الْقَمَرِيِّ فَاللَّازِمُ فِيمَنْ بَلَغَتْ مِنْ أَحْوَالِهِ مِنْ الشَّمْسِيَّةِ مَا تَزِيدُ عَلَيْهِ الْقَمَرِيَّةُ حَوْلًا كَوْنُهُ فِي الْعَامِ الزَّائِدِ كَمَنْ تَخَلَّفَ سَاعِيهِ لَا سُقُوطُهُ، انْتَهَى.

وَالظَّاهِرُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ وَإِلَّا لَمْ يَظْهَرْ لِكَوْنِ السَّاعِي شَرَطَ وُجُوبَ فَائِدَةٍ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي كَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ حَوْلِهَا إذْ حَوْلُهَا مَجِيءُ السَّاعِي مَعَ مُضِيِّ عَامٍ، انْتَهَى. فَهَذَا يُعْلِمُ قَطْعًا أَنَّ عِنْدَهُ حَوْلًا فَكَانَ اللَّازِمُ أَنْ يُزَكِّيَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: لَهُ أَنْ يَذْبَحَ وَيَبِيعَ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي، وَإِنْ نَقَّصَ ذَلِكَ مِنْ زَكَاتِهَا إلَّا مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِرَارًا فَيَلْزَمُهُ مَا فَرَّ مِنْهُ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي فَلْيَنْتَظِرْهُ وَلَا يُخْرِجْ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ إنَّ حَلَّ الْحَوْلُ بَعْدَ أَنْ مَرَّ السَّاعِي بِهِ بِيَسِيرٍ إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا فَلْيُخْرِجْ لِلْحَوْلِ إنْ خَفِيَ لَهُ فَإِنْ خَافَ أَنْ يُؤَاخِذَاهُ انْتَظَرَهُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ عَزَلَ ضَحَايَا لِعِيَالِهِ قَبْلَ مَجِيئِهِ فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا، يُرِيدُ: أَشْهَدَ أَنَّهَا لِعِيَالِهِ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنْ جَاءَ وَهِيَ حَيَّةٌ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يُشْهِدْ فَلْيُزَكِّهَا، انْتَهَى.

مِنْ ابْنِ يُونُسَ، وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ عَنْ سَنَدٍ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ نَحْوُهُ إذْ فِيهَا عَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ وَمَا ذَبَحَهُ الرَّجُلُ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِ السَّاعِي ثُمَّ قَدِمَ لَمْ يُحَاسِبْهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُزَكِّي مَا وَجَدَ بِيَدِهِ حَاضِرًا، انْتَهَى. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَنَصَّهُ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ: لِرَبِّهَا الْأَكْلُ مِنْهَا وَالْبَيْعُ وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ حَوْزِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي إنْ لَمْ يُرِدْ فِرَارًا فَيَحْسُبُ، انْتَهَى. وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ مَرَّ السَّاعِي بِالْوَارِثِ بَعْدَ بَعْضِ الْحَوْلِ تَرَكَهُ لِلْحَوْلِ الثَّانِي، قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ، وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يُوصِي بِقَبْضِهَا عِنْدَ كَمَالِ حَوْلِهَا وَيَصْرِفُهَا، وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْهُودِ فَإِنَّ كُلَّ شَهْرٍ يَتَجَدَّدُ فِيهِ كَمَالُ أَحْوَالِهِ وَلَمْ تَكُنْ السُّعَاةُ تَتَجَدَّدُ فِي ذَلِكَ بَلْ كَانُوا يَقْتَضُونَ مَرَّةً فِي كُلِّ عَامٍ، انْتَهَى. وَإِنَّمَا ذَكَرْت هَذِهِ النُّصُوصَ بِلَفْظِهَا لِيُسْتَفَادَ حُكْمُهَا وَيَظْهَرَ الْأَخْذُ مِنْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) طُلُوعُ الثُّرَيَّا بِالْفَجْرِ، قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ فِي مُنْتَصَفِ شَهْرِ أَيَارَ وَهُوَ مَايُه، وَقِيلَ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَهَذَا عَلَى حِسَابِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَطُلُوعُهَا لِيَوْمِ ثَانِي عِشْرِينَ مِنْ أَيَارَ وَمَايُه وَهُوَ سَابِعُ عِشْرِينَ بَشَنْس وَالشَّمْسُ فِي عَاشِرِ دَرَجَةٍ مِنْ بُرْجِ الْجَوْزَاءِ وَهُوَ أَوَّلُ فَصْلِ الصَّيْفِ عَلَى حِسَابِ الْمَغَارِبَةِ وَالْفَلَّاحِينَ وَعَلَى حِسَابِ غَيْرِهِمْ أَوَاخِرَ الرَّبِيعِ

[نَزَلَ بِهِ السَّاعِي فَقَالَ لَهُ إنَّمَا أَفَدْت غَنَمِي مُنْذُ شَهْرٍ]

(الثَّانِي) ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ نَزَلَ بِهِ السَّاعِي فَقَالَ لَهُ إنَّمَا أَفَدْت غَنَمِي مُنْذُ شَهْرٍ صُدِّقَ مَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُحَلَّفُ، وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ يُحَلِّفُ النَّاسَ مِنْ السُّعَاةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَحْلِفُ، قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: الْمَعْرُوفُ بِالدِّيَانَةِ لَا يُطَالَبُ وَلَا يُحَلَّفُ، وَالْمَعْرُوفُ بِمَنْعِ الزَّكَاةِ يُطَالَبُ بِهَا وَلَا يَحْلِفُ، وَالْمَجْهُولُ الْحَالِ فِي الزَّكَاةِ، وَلَوْ عُرِفَ بِالْفِسْقِ يَحْلِفُ وَفِيهِ خِلَافٌ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي تَحْلِيفِ مَنْ ادَّعَى مَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: ثَالِثُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>