للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْكَامِ الْعُمَّالِ فَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي رَسْمِ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْأَقْضِيَةِ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ أُمْضِيَتْ بِحَقٍّ فَتَجُوزُ وَهُوَ خِلَافُ مَا وَقَعَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا قَضَتْ فِيهِ وُلَاةُ الْمِيَاهِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْرًا بَيِّنًا؛ لِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا عَلَى الْإِجَازَةِ فَلَا يُنْظَرُ فِيهَا وَلَا تُتَعَقَّبُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهَا الْجَوْرُ الْبَيِّنُ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ الْعَدْلِ مِنْ الْوُلَاةِ، فَمَرَّةً رَآهَا جَائِزَةً مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْجَوْرُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْبَغَ وَمَرَّةً رَآهَا مَرْدُودَةً مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهَا الْحَقُّ وَهَذَا هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَمَّا الْعُدُولُ مِنْهُمْ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ أَحْكَامَهُمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْجَوَازِ وَأَنَّهَا لَا يُرَدُّ مِنْهَا إلَّا مَا تَبَيَّنَ فِيهِ الْجَوْرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْعَدْلِ وَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ.

[الْقَاضِي مجهول الْحَال]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ فَاَلَّذِي أَقُولُ بِهِ إنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الَّذِي وَلَّاهُ فَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَدَالَةِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا يُوَلِّي غَيْرَ الْعُدُولِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْعَدَالَةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ بِالْجَوْرِ فِي أَحْكَامِهِ وَتَوْلِيَتِهِ غَيْرَ الْعُدُولِ جَرَى ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي جَوَازِ أَحْكَامِهِ، انْتَهَى. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْقُرْطُبِيِّ فِي كِتَابِ الْإِمَارَةِ فِي بَعْثِ مُعَاذٍ وَأَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إلَى الْيَمَنِ وَقَتْلِ الْمُرْتَدِّ، قَالَ وَفِيهِ يَعْنِي الْحَدِيثَ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّ لِوُلَاةِ الْأَمْصَارِ إقَامَةُ الْحُدُودِ فِي الْقَتْلِ وَالزِّنَا وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتُلِفَ فِي إقَامَةِ وُلَاةِ الْمِيَاهِ وَأَشْبَاهِهِمْ لِذَلِكَ فَرَأَى ذَلِكَ أَشْهَبُ لَهُمْ إذَا جَعَلَ ذَلِكَ الْإِمَامُ لَهُمْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ نَحْوَهُ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: لَا يُقِيمُهُ إلَّا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَلَا يُقِيمُهُ عَامِلُ السَّوَادِ وَاخْتُلِفَ فِي الْقُضَاةِ إذَا كَانَتْ وِلَايَتُهُمْ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِنَوْعٍ مِنْ الْأَحْكَامِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَهُمْ مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ وَإِثْبَاتِ الْحُقُوقِ وَتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ وَالنَّظَرِ فِي الْمَصَالِحِ قَامَ بِذَلِكَ قَائِمٌ أَوْ اخْتَصَّ بِحَقِّ اللَّهِ وَحُكْمُهُ عِنْدَهُمْ حُكْمُ الْوَصِيِّ الْمُطْلَقِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مَا يَخْتَصُّ بِضَبْطِهِ بَيْضَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ إعْدَادِ الْجُيُوشِ وَجِبَايَةِ الْخَرَاجِ، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ لِعِيَاضٍ فِي الْإِكْمَالِ

[فَرْعٌ أَحْكَامِ وُلَاةِ الْكَوْرِ]

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا: وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ عِنْدَنَا فِي أَحْكَامِ وُلَاةِ الْكَوْرِ فَأَمْضَاهَا أَبُو إبْرَاهِيمَ وَلَمْ يُجِزْهَا اللُّؤْلُئِيُّ حَتَّى يَجْعَلَ إلَيْهِ مَعَ الْقِيَادَةِ وَالنَّظَرِ فِي أُمُورِ الْكُورَةِ النَّظَرَ فِي الْأَحْكَامِ وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إذَا كَانَ لِلْكُورَةِ قَاضٍ قَدْ أُفْرِدَ لِلنَّظَرِ فِي الْأَحْكَامِ أَنْ لَا يَجُوزَ حُكْمُ الْوُلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قَاضٍ أَنْ يَجُوزَ حُكْمُهُمْ لِمَا لِلنَّاسِ فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّفْقِ وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَلِيَ مَعَ الْقَائِدِ حَاكِمٌ فَقَدْ بَانَ أَنَّهُ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ فِي الْأَحْكَامِ وَإِذَا لَمْ يُوَلَّ مَعَهُ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ حُكْمُهُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي وُلَاةِ الْمِيَاهِ، انْتَهَى. مِنْ الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ وَوُلَاةِ الْمِيَاهِ، قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: وَوُلَاةُ الْمِيَاهِ الْبَوَادِي الَّذِينَ يَسْكُنُونَ عَلَى الْمِيَاهِ خِلَافُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، انْتَهَى.

ص (وَفِي الْقَطْعِ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ)

ش: يَعْنِي فَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي قَطْعٍ فَإِنْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا قَطَعَ يَدَ هَذَا عَمْدًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ فَاسِقٌ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ الْمَحْكُومَ لَهُ بِالْقِصَاصِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ عَلَى رَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَاسْتَحَقَّ دِيَةَ يَدِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَحُكْمُهَا حُكْمُ الدِّيَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَعْنِي مَسْأَلَةَ الْقِصَاصِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّ الْغُرْمَ عَلَى الشُّهُودِ إنْ عَلِمُوا وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَفِي كِتَابِ الْحُدُودِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِقَطْعِ يَدِ رَجُلٍ عَمْدًا فَاقْتُصَّ مِنْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدٌ أَوْ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى مُتَوَلِّي الْقَطْعِ شَيْءٌ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْمُهِمَّاتِ (قُلْتُ) فَهَلْ لِلْمُقْتَصِّ مِنْهُ عَلَى الَّذِي اقْتَصَّ لَهُ شَيْءٌ، انْتَهَى. قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا (قُلْتُ) فَهَلْ عَلَى الَّذِي اقْتَصَّ شَيْءٌ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ اللَّخْمِيِّ يُرِيدُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْحُرُّ أَنَّ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>