للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا فَعَلَهُ الشَّخْصُ فِي نَفْسِهِ أَمَّا هَذَا وَغُسْلُ الْمَيِّتِ وَمَا شَابَهَهُمَا فَلَا قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ قِيَاسًا عَلَى اشْتِرَاطِهَا فِي النَّضْحِ قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْغَسْلَ هُنَا يُزِيلُ اللُّعَابَ فَالنَّضْحُ لَا يُزِيلُ شَيْئًا فَكَانَ تَعَبُّدًا بِخِلَافِ إنَاءِ الْكَلْبِ وَأَصْلُهُ لِصَاحِبِ الطِّرَازِ قَالَ: فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ فِي الْمَاءِ فَهَلْ يَغْسِلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعًا، أَوْ بِحَسَبِ الْمَاءِ الَّذِي أَلْقَاهُ فِيهِ وَاسْتَعْمَلَهُ مَرَّةً فَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ قَالَ الْبَاجِيُّ لَا نِيَّةَ وَهَلْ يَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ قِيَاسًا عَلَى النَّضْحِ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ، الْأَمْرُ مُحْتَمَلٌ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ.

(فَرْعٌ) آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ غَسْلِهِ لَا يَسْقُطُ الْغَسْلُ، وَلَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِ مَا أَصَابَهُ ذَلِكَ الْمَاءُ وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ طَهَارَتُهُ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) هَلْ يُشْتَرَطُ الدَّلْكُ؟ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ وَالظَّاهِرُ عَلَى أُصُولِنَا الِاشْتِرَاطُ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ عِنْدَنَا لَا تَتِمُّ حَقِيقَتُهُ إلَّا بِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ لَا نَصَّ إنْ أَرَادَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ فَمَمْنُوعٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَأَصْلُهُ لِصَاحِبِ الطِّرَازِ لَكِنَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فَقَالَ: فَرْعٌ وَإِذَا شُرِطَ فِيهِ النِّيَّةُ فَهَلْ يُشْتَرَطُ الْحَكُّ بِالْيَدِ كَمَا يُشْتَرَطُ التَّدَلُّكُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ التَّعَبُّدِ أَوْ يُجْزِي تَمَضْمُضُهُ بِالْمَاءِ؟ هَذَا لَا نَصَّ فِيهِ أَصْلًا وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَا يُشْتَرَطُ دَلْكُهُ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ مَأْمُورٌ بِهِ فِيهِ خَرَجَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ مِنْ غَسْلِ الْأَوَانِي، وَقَدْ يُطْلَقُ الْغَسْلُ مِنْ غَيْرِ دَلْكٍ يُقَالُ: غَسَلَتْ السَّمَاءُ الْأَرْضَ بِالْمَطَرِ اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ الدَّلْكُ، وَفِي كَلَامِهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِهَا، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَإِنَّهُ الْمَذْهَبُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي أَنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْغُسْلِ فَقِيلَ: هُوَ صَبُّ الْمَاءِ عَلَى الْمَغْسُولِ، وَقِيلَ: هُوَ إمْرَارُ الْيَدِ مَعَ الْمَاءِ عَلَى الْمَحَلِّ، أَوْ عَرْكُ الْمَحَلِّ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ صَبُّ الْمَاءِ لِإِزَالَةِ شَيْءٍ فَإِذَا زَالَ كَانَ غُسْلًا وَكَانَ الْمَحَلُّ مَغْسُولًا أَلَا تَرَى أَنَّ غَسْلَ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ صَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ يُزَالُ؟ اهـ.

ص (وَلَا تَتْرِيبَ)

ش: يَعْنِي أَنَّ تَتْرِيبَ الْإِنَاءِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ قَالَهُ عِيَاضٌ، أَوْ لِاخْتِلَافِ الطُّرُقِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ فَفِي بَعْضِهَا إحْدَاهُنَّ، وَفِي بَعْضِهَا أُولَاهُنَّ وَبَعْضُهَا فِي أُخْرَاهُنَّ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إنَّمَا لَمْ يَقُلْ مَالِكٌ بِالتَّعْفِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ.

ص (وَلَا يَتَعَدَّدُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ أَوْ كِلَابٍ)

ش: أَيْ لَا يَتَعَدَّدُ الْغَسْلُ الْمَذْكُورُ بِتَعَدُّدِ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي الْإِنَاءِ، وَلَا بِتَعَدُّدِ الْكِلَابِ فَلَوْ وَلَغَ كَلْبٌ فِي إنَاءٍ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، أَوْ وَلَغَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْكِلَابِ فِي إنَاءٍ كَفَى فِي ذَلِكَ سَبْعُ غَسَلَاتٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ إذَا تَسَاوَتْ مُوجِبَاتُهَا اُكْتُفِيَ بِأَحَدِهَا كَتَعَدُّدِ النَّوَاقِضِ فِي الطَّهَارَةِ وَالسَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ وَمُوجِبَاتِ الْحُدُودِ، وَقِيلَ يَتَعَدَّدُ حَكَى الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: لَا نَصَّ فِيهِ وَالْأَظْهَرُ فِيهِ عَدَمُ التَّكَرُّرِ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا خِلَافُ حِكَايَةِ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ فِيهِ قَوْلَيْنِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَتَعَدَّدُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَذَكَرَ سَنَدٌ أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا إلَّا عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: عَدَمُ التَّعَدُّدِ يُنَاسِبُ الْقَوْلَ بِالنَّجَاسَةِ وَالِاسْتِقْذَارِ، وَالتَّعَدُّدُ يُنَاسِبُ مَنْ قَالَ بِالتَّعَبُّدِ، وَالْمَشْهُورُ خِلَافُ مَا قَالَ، وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ: وَسَبَبُ الْخِلَافِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْكَلْبِ هَلْ هِيَ لِلْمَاهِيَّةِ، أَوْ لِلْجِنْسِ؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَكَرَّرُ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَتَكَرَّرُ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي الصَّوَابُ قَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ بِعَدَمِ التَّعَدُّدِ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ وَبِالتَّعَدُّدِ فِي وُلُوغِ الْكِلَابِ، فَلِلشَّافِعِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ وَسُنَنَهُ وَفَضَائِلَهُ]

ص (فَصْلٌ: فَرَائِضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ، وَمَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ، وَالذَّقَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>