للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِغَيْرِهِ وَلِنَفْسِهِ، نُقِلَ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْت بَعْضَ أَصْحَابِنَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِمَا ذَكَرَهُ وَفِي رَسْمِ الْوَصَايَا مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ نَحْوُهُ وَقَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ بَلْ قَالَ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ بَيِّنَةٌ.

[فَرْعٌ لَهُ عَلَى شَخْصَيْنِ حَقٌّ فَأَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ يَقُولُ دَفَعْتُهُ إلَيْهِ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي التَّرْجَمَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ النَّوَادِرِ وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ: رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ لَهُ قِبَلَ رَجُلَيْنِ حَقٌّ وَأَيُّهُمَا شَاءَ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ فَأَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالْآخَرُ يَقُولُ: أَنَا دَفَعْته إلَيْهِ فَشَهَادَةُ الْقَابِضِ لِلدَّافِعِ هَهُنَا جَائِزَةٌ إذْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ يَجُرُّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ شَيْئًا انْتَهَى.

وَوَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عَلَى حَاكِمٍ بِثُبُوتِ وَقْفٍ عِنْدَهُ وَالْحَالَةُ أَنَّ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ لَهُ الْآنَ اسْتِحْقَاقٌ فِي الْوَقْفِ حَالَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَإِنَّمَا يَئُولُ إلَيْهِ بِمُقْتَضَى مَا رَتَّبَهُ الْوَاقِفُ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ لَهُ انْتِفَاعٌ بِهَذَا الشَّيْءِ الْمَوْقُوفِ إذَا صَارَ مِنْ أَهْلِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ يَسِيرًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِلَّا رُدَّتْ قِيَاسًا عَلَى الْفَرْعِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَسْأَلَةُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَيْضًا فِي النَّوَادِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى حُكْمِ قَاضٍ عُزِلَ أَوْ مَاتَ وَقَالَا كَانَ الْقَاضِي حَكَمَ بِشَهَادَتِنَا]

(مَسْأَلَةٌ) إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى حُكْمِ قَاضٍ عُزِلَ أَوْ مَاتَ وَقَالَا: كَانَ الْقَاضِي حَكَمَ بِشَهَادَتِنَا فَهَلْ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْحُكْمِ وَعَلَى أَصْلِ الشَّهَادَةِ أَوْ تَجُوزُ عَلَى الْحُكْمِ أَوْ لَا تَجُوزُ عَلَى الْحُكْمِ وَتَجُوزُ عَلَى أَصْلِ الشَّهَادَةِ؟ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَظْهَرُهَا رِوَايَةُ يَحْيَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْحُكْمِ جَائِزَةٌ وَلَا يَضُرُّهُمَا مَا ذَكَرَاهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ كِرَاءِ الدُّورِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ الشَّهَادَاتِ.

[مَسْأَلَة شَهِدَ شَاهِدٌ بِطَلَاقِ امْرَأَة مِنْ زَوْجِهَا فَأَثْبَتَ زَوْجُهَا أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُهَا]

(مَسْأَلَةٌ) إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ مِنْ زَوْجِهَا فَأَثْبَتَ زَوْجُهَا أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُهَا فَهَلْ تَسْقُطُ بِذَلِكَ شَهَادَتُهُ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ يَمِينٌ؟ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا فِي النَّوَادِرِ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: يَجُوزُ قَبُولُ أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الرَّاوِي لَهَا الْعَدْلِ وَإِنْ كَانَ جَرَّ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ نَفْعًا أَوْ وَلَدِهِ أَوْ سَاقَ بِذَلِكَ مَضَرَّةً لِعَدُوِّهِ كَإِخْبَارِهِ عَنْ الْخَوَارِجِ انْتَهَى.

[مَسْأَلَة شَهِدَ شَهَادَةً تُؤَدِّي إلَى رِقِّهِ]

(مَسْأَلَةٌ) مَنْ شَهِدَ شَهَادَةً تُؤَدِّي إلَى رِقِّهِ فَقَالَ أَصْبَغُ فِي نَوَازِلِهِ: إنَّهَا لَا تَجُوزُ وَنَصَّهُ، وَسَمِعْته أَيْ أَصْبَغَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ لَهُ فَشَهِدَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّ الَّذِي أَعْتَقَهُمَا غَصَبَهُمَا مِنْ رَجُلٍ مَعَ مِائَةِ دِينَارٍ أَنَّ شَهَادَتَهُمَا تَجُوزُ فِي الْمِائَةِ وَلَا تَجُوزُ فِي غَصْبِهِ رِقَابَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا يُتَّهَمَانِ أَنْ يُرِيدَا إرْقَاقَ أَنْفُسِهِمَا وَلَا يَجُوزُ لِحُرٍّ أَنْ يُرِقَّ نَفْسَهُ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلِسَحْنُونٍ فِي كِتَابِ ابْنِهِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا وَلَا فِي الْمِائَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا رُدَّ بَعْضُهَا لِلتُّهْمَةِ رُدَّتْ كُلُّهَا بِخِلَافِ إذَا رُدَّ بَعْضُهَا لِلسُّنَّةِ وَالْمَشْهُورُ إذْ رُدَّ بَعْضُ الشَّهَادَةِ لِلتُّهْمَةِ أَنْ تُرَدَّ كُلُّهَا وَقِيلَ إنَّهُ يُرَدُّ مَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ هَذَا، وَالْمَشْهُورُ إذَا رُدَّ بَعْضُ الشَّهَادَةِ لِلسُّنَّةِ كَشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ فِي وَصِيَّةٍ فِيهَا عِتْقٌ وَمَالٌ أَنْ يَجُوزَ مِنْهَا مَا أَجَازَتْهُ السُّنَّةُ وَهُوَ الشَّهَادَةُ بِالْمَالِ فَيَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ أَوْ بِشَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ يَمِينٍ وَقِيلَ يَبْطُلُ الْجَمِيعُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رُدَّ بَعْضُهَا وَجَبَ رَدُّهَا كُلُّهَا وَذَلِكَ قَائِمٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَحَكَاهُ الْبَرْقِيُّ عَنْ أَشْهَبَ وَجَمِيعِ جُلَسَائِهِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا. وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ وَفِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ، وَذَكَرَ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ أَيْضًا مَسْأَلَةَ مَنْ شَهِدَ شَهَادَةً تُؤَدِّي إلَى حَدِّهِ أَنَّهُ تَسْقُطُ شَهَادَتُهُ وَيُحَدُّ كَمَا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَأَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَزْنِي بِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْحَدُّ سَاقِطٌ عَنْهُمَا لِسُقُوطِ شَهَادَتِهِمَا فِي الطَّلَاقِ وَقَالَ سَحْنُونٌ الشَّهَادَةُ سَاقِطَةٌ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَيُحَدَّانِ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ فِي إيجَابِ الْحَدِّ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَإِنْ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي الطَّلَاقِ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>