للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَضَاءُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْمُسَلَّمَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ مَا طَلَبَهُ بِهِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ فَقَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ اهـ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَإِنْ ظَفِرَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِالطَّالِبِ وَأَرَادَ الْمِدْيَانُ التَّعْجِيلَ فَامْتَنَعَ الطَّالِبُ وَيُحْتَمَلُ عَكْسُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَغَيْرُهُ: الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ إنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا وَجَبَ الْقَبُولُ قَالَ فِي أَنْوَارِهِ: إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ أَنَّ لِلطَّالِبِ فَائِدَةٌ فِي التَّأْخِيرِ كَمَا لَوْ حَصَلَ فِي الزَّمَنِ خَوْفٌ أَوْ فِيمَا بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عُرُوضًا لَهَا حَمْلٌ أَوْ طَعَامًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَمْلٌ كَالْجَوَاهِرِ فَقَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَالْعَرْضِ وَقِيلَ كَالْعَيْنِ، وَهُوَ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ فَإِنْ كَانَ الْأَمْنُ فِي الطَّرِيقِ فَكَالْعَيْنِ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ الْبَيْعِ وَأَمَّا الْقَرْضُ فَيُقْبَلُ عَلَى قَبُولِهِ مُطْلَقًا وَعَلَى الثَّانِي مَعْنًى، الِاحْتِمَالُ الثَّانِي فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَنَصَّ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلطَّالِبِ جَبْرُ الْمَطْلُوبِ مُطْلَقًا اللَّخْمِيُّ وَلِأَشْهَبَ عَنْ مُحَمَّدٍ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ سَوَاءً أَوْ هُوَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ أَرْخَصُ أَنَّهُ يُجْبَرُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَلَى الْقَضَاءِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ اهـ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ مَحِلُّهُ أَيْ الْمَحِلُّ الَّذِي شَرَطَهُ الْمُسَلِّمُ وَالْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لِقَبْضِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا فَهُوَ بِوَضْعِ الْعَقْدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (الثَّانِي) أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُخْتَصَرِ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَلْزَمْ دَفْعُهُ وَكَذَا أَطْلَقَ فِي التَّوْضِيحِ فِيمَا نَقَلَهُ فِي قَوْلِهِ فَنَصَّ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلطَّالِبِ جَبْرُ الْمَطْلُوبِ مُطْلَقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْعَيْنِ، وَأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ نَقَلَهُ وَقَبِلَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِهِمَا فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَفِي التَّوْضِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) تَقَدَّمَ فِيمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ أَنْوَارِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْمِدْيَانُ التَّعْجِيلَ وَامْتَنَعَ الطَّالِبُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ مُطْلَقًا، وَهَذَا كَمَا تَرَى لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّيْخِ فِي آخِرِ فَصْلِ الْقَرْضِ وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةً كَأَخْذِهِ بِغَيْرِ مَحِلِّهِ إلَّا الْعَيْنَ اهـ وَلِقَوْلِ ابْنِ الْجَلَّابِ وَمَنْ أَقْرَضَ رَجُلًا شَيْئًا إلَى أَجَلٍ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَوْ رَدَّهُ إلَيْهِ الْمُقْرِضُ قَبْلَ أَجَلِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ عَرْضًا كَانَ أَوْ عَيْنًا إذَا رَدَّهُ إلَيْهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي اقْتَرَضَهُ مِنْهُ فِيهِ أَوْ رَدَّهُ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّهُ قَبُولُهُ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْإِرْشَادِ وَعَكْسُهُ فِي الْقَرْضِ أَعْنِي إذَا طَلَب الْمُقْرِضُ حَقَّهُ مِنْ الْمُقْرَضِ فِي غَيْرِ مَحِلِّ السَّلَفِ قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَمَنْ اقْتَرَضَ قَرْضًا لَمْ يَشْتَرِطْ لِلْقَضَاءِ مَوْضِعًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُقْرِضَ الْقَضَاءُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَقْرَضَهُ فِيهِ فَطَالَبَهُ بِالْقَضَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي اقْتَرَضَهُ مِنْهُ وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى الْقَضَاءِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُمَا فِيهِ، وَهُوَ غَيْرُ الْبَلَدِ الَّذِي تَقَارَضَا فِيهِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا إذَا كَانَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ حُلُولِهِ لَمْ يَجُزْ اهـ.

وَأَجَازَ فِي الْجَلَّابِ هَذَا مُطْلَقًا وَأَبْقَاهُ التِّلِمْسَانِيِّ وَالْقَرَافِيِّ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْعَيْنِ وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلَهُ أَخْذُهُ حِينَ مَا لَقِيَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْآجَالِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلُ قَرْضُ مَا يُسَلَّمُ فِيهِ]

ص (فَصْلُ يَجُوزُ قَرْضُ مَا يُسَلَّمُ فِيهِ فَقَطْ)

ش: مُرَادُهُ بِالْجَوَازِ هُنَا أَصْلُ مَعْنَاهُ الشَّامِلُ لِلنَّدْبِ وَالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ إذْ قَدْ وَرَدَ فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَلَوْ قَالَ: جَازَ وَنُدِبَ قَرْضُ مَا يُسَلَّمُ فِيهِ لَكَانَ أَتَمَّ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُهُ مِنْ غَيْرِ ذَاتِهِ النَّدْبُ وَقَدْ يَعْرِضُ مَا يُوجِبُهُ أَوْ كَرَاهِيَتُهُ أَوْ حُرْمَتُهُ وَإِبَاحَتُهُ تَعْسُرُ اهـ.

وَهَذَا نَحْوُ مَا يَأْتِي فِي فَصْلِ الْمُقَاصَّةِ أَعْنِي قَوْلَهُمْ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَيْعِ الْآجَالِ وَهِيَ جَائِرَةٌ فَيَجِبُ تَفْسِيرُهُ بِالْجَوَازِ الْأَعَمِّ مِنْ الْوُجُوبِ لَا بِقِسْمَيْهِ وَإِلَّا كَانَ خِلَافَ الْمَشْهُورِ كَالْإِمْكَانِ إذْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْوَاجِبِ وَمِنْ نَحْوِ هَذَا فَقَالَ: يَقَعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا هُوَ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْعَقْلِيَّةِ الْمُشَارِكَةِ فِي عُلُومِهَا أَوْ فِطْرَةٍ سُنِّيَّةٍ اهـ.

ص (إلَّا جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُقْرِضِ)

ش:

<<  <  ج: ص:  >  >>