لَوْ تَحَقَّقْنَا أَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا نَشَأَ عَنْ الثَّانِيَةِ لَمْ يُجْعَلْ حَوْلُ الْجَمِيعِ مِنْ حَوْلِهَا بَلْ نَنْظُرُ مَتَى حَصَلَ الرِّبْحُ بِحَسَبِ الْأَوْجُهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَمَّا النَّاقِصَتَانِ مِنْ الْأَصْلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ فِي الْأُولَى رِبْحٌ كَمُلَتْ بِهِ نِصَابًا زُكِّيَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى حَوْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي الْأُولَى وَحَصَلَ فِي الثَّانِيَةِ ضُمَّتْ الْأُولَى إلَيْهَا فَإِذَا شَكَّ هَلْ هُوَ لِلْأُولَى أَوْ لِلثَّانِيَةِ فَيُجْعَلُ لِلثَّانِيَةِ وَتُضَمُّ الْأُولَى إلَيْهَا؛ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ لِلْأُولَى أَوْ قَسَمْنَاهُ بَيْنَهُمَا وَزَكَّيْنَا الْأُولَى لِذَلِكَ عَلَى حَوْلِهَا لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَشَأَ عَنْ الثَّانِيَةِ وَنَكُونُ زَكَّيْنَا الْأُولَى قَبْلَ الْحَوْلِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِمَّنْ رَأَيْت هَذَا الْفَرْعَ إلَّا فِي النَّاقِصَتَيْنِ مِنْ الْأَصْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ " أَوْ شَكَّ فِيهِ لِأَيِّهِمَا " أَيْ شَكَّ فِي الرِّبْحِ لِأَيِّ الْحَوْلَيْنِ حَصَلَ هَلْ عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى أَوْ عِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا إذَا فُرِضَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْعَلُ عِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مَنْصُوصًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) وَلَوْ زَكَّاهُمَا عَلَى حَوْلَيْهِمَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ أَنْ زَكَّى أَحَدَهُمَا إلَى مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ ثُمَّ بِالرِّبْحِ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ حَوْلُ الْمَالِ الثَّانِي بَقِيَا جَمِيعًا عَلَى حَوْلَيْهِمَا الْمُتَقَدِّمَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا يُزَكِّي كُلَّ مَالٍ مِنْهُمَا عَلَى حَوْلِهِ بِرِبْحِهِ إنْ كَانَ الرِّبْحُ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَقَدْ خَلَطَهُمَا أَوْ لَمْ يَخْلِطْهُمَا غَيْرَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَخْلِطْهُمَا زَكَّى كُلَّ مَالٍ مِنْهُمَا عَلَى حَوْلِهِ بِرِبْحِهِ الَّذِي رَبِحَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ خَلَطَهُ فَضَّ الرِّبْحَ عَلَيْهِمَا فَزَكَّى مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَنُوبُهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَإِنْ كَانَ الرِّبْحُ فِي أَحَدِهِمَا زَكَّاهُ بِرِبْحِهِ وَزَكَّى الْآخَرَ بِغَيْرِ رِبْحٍ، انْتَهَى. مِنْ الْبَيَانِ مِنْ رَسْمِ الثَّمَرَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، فُرِّعَ مِنْهُ أَيْضًا، وَلَوْ زَكَّاهُمَا عَلَى حَوْلَيْهِمَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ إذَا جُمِعَا ثُمَّ أَتَى حَوْلُ الْأُولَى وَهُمَا نَاقِصَتَانِ عَمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَتَرَكَ تَزْكِيَتَهُمَا ثُمَّ بَعْدَ أَشْهُرٍ وَقَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ حَوْلُ الْمَالِ الثَّانِي رَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مَا فِيهِ النِّصَابُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الْأُولَى حِينَئِذٍ وَيَتْرُكُ الثَّانِيَةَ إلَى حَوْلِهَا ثُمَّ بَعْدَ أَنْ تَرَكَ الثَّانِيَةَ إلَى حَوْلِهَا نَقَصَتْ عَمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَأَتَى حَوْلُ الثَّانِيَةِ وَهِيَ نَاقِصَةٌ فَتَرَكَ تَزْكِيَتَهُمَا ثُمَّ بَعْدَ أَشْهُرٍ رَجَعَتَا بِالرِّبْحِ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا إلَى مَا فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يُزَكِّي الثَّانِيَةَ الْآنَ أَيْضًا وَتَبْقَى الْفَائِدَتَانِ عَلَى هَذَيْنِ الْحَوْلَيْنِ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) وَإِنْ حَلَّ حَوْلُ الْأُولَى وَفِيهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَزَكَّاهَا فَنَقَصَتَا عَمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ فَحَلَّ حَوْلُ الثَّانِيَةِ وَهُمَا حِينَئِذٍ نَاقِصَتَانِ فَلَمْ يُزَكِّ شَيْئًا ثُمَّ رَجَعَا قَبْلَ أَنْ يَحُولَ حَوْلُ الْأُولَى يَعْنِي الْحَوْلَ الثَّانِيَ إلَى مَا فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ يَوْمئِذٍ حَوْلًا لِلثَّانِيَةِ وَتَبْقَى الْأُولَى عَلَى حَوْلِهَا وَيَصْنَعُ فِي الرِّبْحِ كَمَا وَصَفْنَا، انْتَهَى. بِالْمَعْنَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
[تَجَرَ فِي الْمَالَيْنِ فَرَبِحَ فِيهِ سِتَّةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا هُوَ فَكَيْف يُزْكِيه]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَمَنْ أَفَادَ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا ثُمَّ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَفَادَ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ فَخَلَطَ الْمَالَيْنِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْ جُمْلَتِهِمَا ثَلَاثَةً فَتَجَرَ فِيهَا فَرَبِحَ ثَلَاثَةً فَلْيَقْسِمْ الرِّبْحَ عَلَى الْمَالَيْنِ، فَيَنُوبُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارَانِ وَنِصْفٌ وَالثَّلَاثَةَ نِصْفُ دِينَارٍ وَيَبْقَى الْمَالَانِ عَلَى حَوْلَيْهِمَا، يُرِيدُ حَوْلَ آخِرِهِمَا، وَلَوْ رَبِحَ سِتَّةَ دَنَانِيرَ وَقَعَ لِلْمَالِ خَمْسَةٌ فَيَصِيرُ بِرِبْحِهِ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ فَيُزَكِّيهِ لِحَوْلِهِ وَالْمَالُ الثَّانِي لِحَوْلِهِ، يُرِيدُ إذَا كَانَ هَذَا الرِّبْحُ قَبْلَ أَنْ يَضُمَّهُمَا حَوْلُ آخِرِهِمَا، قَالَ: وَلَوْ ضَمَّهُمَا حَوْلُ آخِرِهِمَا قَبْلَ الرِّبْحِ لَمْ يَرْجِعَا إلَى حَوْلَيْنِ وَيَبْقَى حَوْلُهُمَا وَاحِدًا، وَلَوْ تَجَرَ فِي الْمَالَيْنِ فَرَبِحَ فِيهِ سِتَّةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا هُوَ فَلْيُزَكِّهِمَا عَلَى حَوْلِ آخِرِهِمَا وَلَا يَفُضُّهُ بِالشَّكِّ فَقَدْ يُزَكِّي الْمَالَ الْأَوَّلَ قَبْلَ حَوْلِهِ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ حَالَ حَوْلُهَا فَأَنْفَقَهَا ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً فَلَا زَكَاةَ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَالَ حَوْلُ الْفَائِدَةِ الْأُولَى ثُمَّ أَنْفَقَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الْفَائِدَةِ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً عَنْ النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْفَائِدَةُ الْأُولَى نِصَابًا وَزَكَّاهَا أَوْ دُونَ نِصَابٍ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أَفَادَ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ ثُمَّ أَفَادَ بَعْدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ فَزَكَّى الْأَوَّلَ لِحَوْلِهِ ثُمَّ أَنْفَقَهُ قَبْلَ حَوْلِ الثَّانِي فَإِذَا حَلَّ حَوْلُ الثَّانِي لَمْ يُزَكِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَالٌ أَفَادَهُ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَتْلَفْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute