للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ الْمُنِيرِ: ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ بِالْتِفَاتٍ يَسِيرٍ غَيْرَ مُقَدِّمٍ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا لَا كَمَا يَفْعَلُ الْعَامِّيُّ يَنْحَنِي قُبَالَةَ وَجْهِهِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلسَّلَامِ فَذَلِكَ بِدْعَةٌ وَزِيَادَةُ هَيْئَةٍ جَهْلًا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، انْتَهَى.

ص (وَدُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ)

ش: صَرَّحَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ بِأَنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الثَّانِي جَائِزٌ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَقَالَ فِي الْكَافِي وَيَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ لَا يَتْرُكَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ تَشَهُّدِهِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَقَبْلَ سَلَامِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُرَغَّبٌ فِيهِ، وَمَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَأَحْرَى أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ دُعَاؤُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ تَفْسُدْ، صَلَاتُهُ وَأَمَّا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ فَلَا يُزِيدُ فِيهِ عَلَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ دُعَاءً وَلَا غَيْرَهُ فَإِنْ دَعَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ «وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا جَلَسَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ خَفَّفَ حَتَّى كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ» انْتَهَى.

وَانْظُرْ الشِّفَاءَ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ، وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ نَاسِيًا حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيَتَشَهَّدْ وَلَا يَدْعُو بَعْدَهُ وَلْيُسَلِّمْ، انْتَهَى.

ص (وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ؟ خِلَافٌ)

ش قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ تَشَهُّدَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ انْتَهَى. قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ إشَارَاتُ أَصْحَابِنَا إلَى حَقِيقَةِ اخْتِيَارِ مَالِكٍ تَشَهُّدَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَشَارَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ إلَى تَأْكِيدِ هَذَا حَتَّى كَأَنَّهُ يَرَى مَا سِوَاهُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ.

وَأَشَارَ الدَّاوُدِيُّ إلَى أَنَّهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْسَانِ وَإِيثَارِ هَذَا التَّشَهُّدِ عَلَى غَيْرِهِ انْتَهَى، وَمِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ وَنَصُّهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ تَشَهُّدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَجْرِي مَجْرَى الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ لِأَنَّ عُمَرَ عَلَّمَهُ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا خَالَفَهُ فِيهِ وَلَا قَالَ لَهُ: إنَّ غَيْرَهُ مِنْ التَّشَهُّدِ يَجْرِي مَجْرَاهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ إقْرَارُهُمْ وَمُوَافَقَتُهُمْ إيَّاهُ عَلَى تَعْيِينِهِ.

وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ يَجْرِي مَجْرَاهُ، لَقَالَ لَهُ الصَّحَابَةُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ: إنَّك قَدْ ضَيَّقَتْ عَلَى النَّاسِ وَاسِعًا وَقَصَرْتَهُمْ عَلَى مَا هُمْ مُخَيَّرُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَقَدْ أَبَاحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقُرْآنِ الْقِرَاءَةَ بِمَا تَيَسَّرَ عَلَيْنَا مِنْ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ الْمُنَزَّلَةِ فَكَيْفَ بِالتَّشَهُّدِ لَهُ دَرَجَةُ الْقُرْآنِ أَنْ يُقْصَرَ النَّاسُ فِيهِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ وَيُمْنَعَ مَا يَسُرَ مِنْ سِوَاهُ وَلَمَّا لَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ أَحَدٌ بِذَلِكَ وَلَا بِغَيْرِهِ عُلِمَ أَنَّ التَّشَهُّدَ الْمَشْرُوعَ هَذَا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شُيُوخُنَا الْعِرَاقِيُّونَ فِي التَّشَهُّدِ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ مَالِكٍ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْسَانِ فَكَيْفَمَا تَشَهَّدَ الْمُصَلِّي عِنْدَهُ جَائِزٌ وَلَيْسَ فِي تَعْلِيمِ عُمَرَ النَّاسَ هَذَا التَّشَهُّدَ مَنْعٌ مِنْ غَيْرِهِ، انْتَهَى مِنْ الْمُنْتَقَى. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُ الشَّيْخِ خَلِيلٍ: وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ مَعْنَاهُ فِي اخْتِيَارِ مَالِكٍ لِلَفْظِ التَّشَهُّدِ الْمَعْهُودِ فِي الذِّهْنِ عِنْدَ كُلِّ طَالِبِ عِلْمٍ مَالِكِيٍّ، وَهُوَ تَشَهُّدُ عُمَرَ هَلْ هُوَ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ أَوْ الْفَضِيلَةِ؟ خِلَافٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيُّ وَالْمَازِرِيُّ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي: أَقَامَ الشَّيْخُ مِنْ قَوْلِهَا: وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَلَا نَوَى سَلَامَهُ فِي التَّشَهُّدِ أَنَّهُ غَيْرُ كَاذِبٍ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: إنَّ الْعَبْدَ إذَا قَالَ ذَلِكَ أَصَابَتْ دَعْوَتُهُ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، انْتَهَى مِنْ شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَزَادَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَهَذِهِ إقَامَةٌ ظَاهِرَةٌ إذَا كَانَ قَائِلُ ذَلِكَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ يُعْلِمُ مَا وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ يُفْهِمُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ إخْفَاءُ التَّشَهُّدِ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي اللُّبَابِ مِنْ الْفَضَائِلِ إسْرَارُ التَّشَهُّدَيْنِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَإِخْفَاءُ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَإِعْلَانُهُ بِدْعَةٌ وَجَهْلٌ وَلَا خِلَافَ فِيهِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّهِ وَمَحِلُّهَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ الدُّعَاءِ، قَالَهُ فِي الشِّفَاءِ وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>